-47- شيطان

419 37 253
                                    


كانت كناريا تقف أمام باب غرفة العرش المذهب بذهول، بقع الطين التي حاولت إزالتها من على الفستان مازالت واضحة، شعرها رغم محاولة تركيزه ظل مبعثراً، وأخيراً ورغم أنها ارتدت حذاءً عشوائياً في قدميها إلا أن أثار اللعب بالوحل ظلت واضحة على ساقيها.

ماشميا لم تمنحها أي دقيقة أخرى للتجهز حين حطت بكفيها على البوابة الثقيلة لتدفعها. عينا كناريا غارتا في محجريهما حين لاحظت أن رسغ الوصيفة معوج، لقد أذتها منذ فترة طويلة تكفي لتسترد عافيتها لكنها لم تفعل.

تركيزها تشتت حين إنزلق البابان الكبيران على البساط الأحمر الناعم بهدوء تام والقاعة الكبيرة التي لم يتواجد فيها سوى عدة أشخاص حبست أنفاسها، لكن ما أن خطت خلف ماشميا للداخل وأشارت لها تلك بالتقدم أمامها توقفت عن التنفس.

"لقد أحضرتها يا جلالتك."
زفرت ببطء وألصقت عينيها بالأرض عندما أعلنت ماشميا عن وصولهم.

حين انحنت الوصيفة كناريا لم تجد بداً سوى فعل المثل بتوتر، لأنها لا تريد النظر في وجه أحد ولا تريد لأي شخص أن يرى حالها المزرية، عندما استقامت تلك مجدداً وابتعدت تصنمت غير دارية بما يجب عليها فعله الآن.

"أتعانين من خطب كناريا؟"
حين سمعت صوت شارلوت تسأل ارتفعت لكنها حافظت على عنقها منثنياً للأسفل لكي لا يرى أحدهم ما حل بها.

"أنا بخير أيتها الملكة..."
كناريا تحدثت بتلعثم وصوت مرتجف وهي تسحب خصلاتها لتخفي عنقها.

لاحظت كناريا أن صفاً من الأشخاص تواجد أسفل الدرجات على يمنيها. جورج ولاتشيا، ماشميا تتحرك لتقف بجانبهم. لم ترى وجوههم لكنها استطاعت سماع أصواتهم حيث دار حديث بسيط بث الرعب في قلبها بينهم.
"لما لا ترفع رأسها، هل سبقني أحدهم بالإستحواذ على عينيها الجميلتين يا تُرى؟"
كان جورج المتحدث ولاتشيا التي أجابت:
"لا تقلق، لا أعتقد بأنها مسابقة ستخسر فيها يا والدي."

"لاتشيا، هلا فحصتِ عنقها من فضلكِ؟"
عينا كناريا اتسعتا حين سمعت شارلوت تتحدث ولم تكد لاتشيا أن تجيب بالإيجاب حتى شعرت بها أمامها وبيديها تمتدان نحوها. تفادت الأولى وأمسكت بالثانية، لم تحاول لاتشيا التملص منها أو إرغامها أما كناريا فشعرت بذلك عن طريق يدها الناعمة، ليست يد لشخص مقاتل.

"أتمانعين؟"
لاتشيا غمغمت وتلك عضت شفتها السفلية حين تم تحريك رأسها رغماً عنها من قبل جورج الذي فوجئت بمباغتته لها من الخلف لتقع أبصارها في عينيه حين قال:
"لا تتصرفي كطفلة سيئة الآن."

كناريا أغلقت عينيها بشدة حين سارت أنامل لاتشيا الباردة على عنقها ثم تحدثت وكأنها تقدم تقريراً آلياً:
"يوجد تشققات بسيطة في طبقة الأدمة وتغيير ملوحظ في لون البشرة. إحمرار طفيف، بسبب احتكاك أو ضغط ما."
تنهدت كناريا بشيء من الارتياح فلم تظن أن عشرة دقائق كافية لتشفى جروحها.

نيـوتروبيـاDove le storie prendono vita. Scoprilo ora