دفعت ماريغولد الباب الخشبي ببطء متخوفة، فتمزقت شباك العنكبوت السميكة، و تحرك الغبار، ليستيقظ عطرٌ غريب، عطر الزمن العالق هناك! ترددت على العتبة؛ لكن الطفل طمأنها أن الحيوانات لا تدخل الكوخ الخاص بآل كينغ عادة، مع ذلك احترست و تهيأت لمواجهة الخطر المحتمل و هي تحمي الطفل خلفها، و تحمل غُصنا غليظا كأفضل وسيلة دفاع متوفرة!"أرأيتِ؟ لا وجود لحيوانات خطِرة!".
تأكدت من صحة كلامه حين قامت بجولة متفقدة المكان، حالة الكوخ مزرية، لم يكن فيه سوى خزانة طعام خاوية، و عدة قديمة لصيد الأسماك باتت وكرًا للعناكب، و كرسي خشبي نخره السوس و عفى عليه الزمن. سألته بعدما خلعت سترة الجينز خاصتها و مضت تمسح بها الغبار عن إحدى الزوايا، و تزيل بيوت العنكبوت التي استعمرتها معتذرة:
"إذن هذا الكوخ الصيفي ملكٌ لآل كينغ! من حسن الحظ أن الصدفة قادتنا إليه، لكن... يبدو أنكم لا تأتون هنا دائما!".
"مرة في السنة! فخالي مشغول أغلب الأوقات".
"أليس هذا المكان صغيرا على عائلتكم؟".
كانت تحاول بناء جسور ودية بينهما، فما هو إلا طفل صغير بحاجة للأمان، و لمحدث لطيف يشعره أن العالم ليس مخيفا على الإطلاق! سمعته يجيبها بصوته المُحبَّب إلى الفؤاد:
"لسنا عائلة كبيرة العدد، في الواقع... ليس هناك سوى خالي و أنا، و كلٌّ منا يمثل عائلة الآخر! هذا ما يقوله لي دائما".
توقفت عن عملها و تأملته متأثرة بما قاله، و ما لبثت أن نفضت سترتها مما علق بها، و فرشتها في الزاوية النظيفة قائلة:
"لا تقف هناك! تعال و اجلس عزيزي".
أطاعها، فأضافت ماريغولد مداعبة شعره الأسود:
"لا بد أن أعود لنقل مهرتكَ إلى هنا، لا يكفي أننا أمنَّاها تحت شجرة محاذية للطريق! إنها بحاجة لرعاية خاصة، كما علي جلب حقيبتي و العثور على ما يؤكل في طريقي. انتظرني، لن أتأخر".
"لا ترهقي نفسك في صيد الأسماك، لستُ جائعا!".
بدا واضحا أن الطفل يحاول الظهور بمظهر رجل صبور و متجالد، فابتسمت لذلك معقبة:
"ستجوع عاجلا أم آجلا! ثم إني لا أجيد صيد دودة فكيف بسمكة؟ سأكتفي بقطف الفواكه إن وُجدت".
استوقفها قائلا بخوف، بعدما انكمش ضاما ركبتيه إلى صدره:
"هل يمكنكِ تركُ الباب مواربًا؟".
أيقنت أنه لا يحبذُ فكرة البقاء وحيدا في ظلام الكوخ، فعادت أدراجها، و قرفصت أمامه بابتسامة مطمئنة، لتقول بلطفها المعتاد:
"في طريقنا إلى الكوخ حدثتني عن شجاعة خالك، حتى ظننتُ أنه مثلك الأعلى!".
"هو كذلك فعلا، إنه أقوى و أشجع رجل في العالم!".

YOU ARE READING
الغضب الأسود
Romanceفسخت ماريغولد خطبتها لتنقذ طفلا صغيرا، لكنها تجد نفسها متهمة بمحاولة خطفه من طرف خاله القاسي! يسجنها راعي البقر هارولان كينغ في إصطبل على أرضه عقابا لها لأنها تجرأت على الوقوف أمامه بكل قوة، لكن ماذا سيفعل سيد قطعان الثيران حين يكتشف أن ماريغولد خطف...