الفصل 8| عطرٌ عنيد!

43.9K 2.2K 365
                                        

انتفضت ماريغولد في مكانها بشدة، كان الحلم الذي راودها كافيا ليقض مضجعها، و يحرم عينيها المرهقتين النوم، لماذا؟ لماذا بحق السموات رأت هارولان كينغ بدلا من والدها العزيز؟ ألا يكفيها أنه قد نشب مخالبه في واقعها من كل جنب؟ هل يمتد تجبره أيضا ليطال الأحلام؟ تأففت بضيق، و رغبت بالعودة إلى النوم لكن حدسا غامضا منعها من ذلك! ظلت مستيقظة حتى الفجر، لتُفاجئها أصوات غريبة، خطوات و لهاث في الخارج، أحدهم يركض!

استطلعت الأمر من شقوق البوابة، فإذا بها تكتشف أن مقعد الحراسة شاغر، ستانلي ليس هناك! لمحت رجلا ملثما يتسلل كاللصوص نحو صناديق العلف الجديدة التي وضعها العمال هناك آخر دوامهم مؤجلين تفريغها في أحواض الاصطبلات للغد، كان واضحا أنه راعي بقر من منديله الأحمر الذي يغطي نصف وجهه و الثياب التي يرتديها، راح الملثم يفتح الصناديق تباعا و يرش سائلا ما على العلف، ليعيد إغلاقها بعد ذلك بحذر، تأكدت ماريغولد أنه ليس من عمال كينغلاد، و أنه و لا بد دخيل ينوي إلحاق الضرر بالجياد، لعله يرش مادة سامة! اتسعت عيناها و مضت تصرخ و ترفس البوابة بضربات متكررة دون أن يسمعها أحد! لكن الملثم سمعها من موقعه القريب، و سرعان ما فر دون أن يغلق الصندوق الأخير!

أنهت آديا تنظيف ثياب ماريغولد التي ظلت في حمام السيد، جففتها و كوتها بعناية، ثم طوتها و تركتها على حافة سريره مغادرة الغرفة، لتتجه إلى المطبخ و تباشر حوارها مع الطاهية هانا بنبرة حزينة:

"يا لها من مسكينة! آمل ألا يلم بها مكروه هناك!".

أضافت هانا بعض الملح في المرق، و علقت مفترضة:

"و ما أدراكِ أنها هناك؟ ربما سمح لها السيد كينغ بالرحيل!".

حركت الخادمة الصغيرة رأسها نافية افتراض الأخرى، و عقبت في لهجة واثقة:

"لا تزال أغراضها في غرفة السيد، أؤكد لك أنها الآن محتجزة في الاصطبل الكريه!".

استنكرت هانا باستياء و دهشة متسائلة:

"و لكنه أفرج عنها ليلة أمس، و سمح لها برؤية لِيونارد، أليس هذا ما قاله السيد لي؟".

"لا أدري ما الذي دار بينهما بالضبط! لكنني على ثقة أنه لم يطلق سراحها، و لا أحد يستطيع أن يعرف متى سيفعل ذلك، من منا بكل الأحوال يمكنه توقع أفعال السيد كينغ؟".

أطلقت آديا تنهيدة قصيرة قبل أن تترك المطبخ لاستئناف عملها، بينما دفعت هانا بيديها البضتين داخل غياهب العجين المتخمر تدعكه حينا و تكوره حينا، و هي تصلي من أجل سلامة الفتاة الغريبة!

راحت ماريغولد تذرع الاصطبل جيئة و ذهابا، لا بد أن يسمعها أحد في النهاية، هلكت انتظارا و قلقا، لِمَ لم يأت العمال إلى أرض الجياد بعد؟ إنها السابعة صباحا الآن، و يُفترض بأعمال المزارع أن تنطلق قبل ساعة، حتى السيد كينغ لم يظهر منذ أمس! ما الذي يجري في كينغلاند بحق السماء؟ جلست على كومة القش محاولة تهدئة نفسها، و بدأت تفكر بعمق في حل ما ليصل صوتها المحذر إلى أحدهم!


الغضب الأسودWhere stories live. Discover now