الفصل 24|القصاصة السوداء!

45.1K 2K 355
                                        

   حملت ماريغولد حفنة أخرى من التراب الندي، و هتفت حاجبة بكفها الآخر الشمس عن عينيها:

"هيا علينا وضع المزيد لملء الحفرة!".

"هكذا؟".

   ابتسمت للطفل تجيبه:

"تماما! يبدو أنك مزارعٌ بالفطرة!".

   عبس لِيو فجأة، متوقفا عن عمله، و نظر نحو الأرض بتعاسة قائلا:

"لا تخبري خالي بهذا صديقتي!".

   تعجبت ماريغولد متسائلة:

"بماذا عزيزي؟".

"بأنني مزارعٌ جيد! يتوقع خالي هارولان أن أكون راعي بقر ممتاز مثله، لا أن أكون بستانيا يعتني بالنباتات!".

   انزلقت حبيبات التراب من بين أصابع ماريغولد و هي تختبرُ شعورا مسليا، لم تفكر هذه المرة أن هارولان كينغ خالٌ مستبد يسير حياة إبن أخته كيفما شاء له، إنما سكن قلبها شعور بالسلام نحوه، إنه رجلٌ عاش العمر بين سروج الأحصنة و زوابع الترويض الحمراء و خوار الأبقار المتواصل، ماذا ستتوقع منه غير تأمين مستقبل الطفل بغير هذا؟ في النهاية كينغلاند ستحتاج قبضة حديدية تديرها كقبضة كينغ الأسود! ضحكت له و أزالت بعض التراب العالق بذقنه مردفة:

"يا عزيز قلب صديقتك! خالُك يعرف الأنسب لك، إنه ناضجٌ و ذكي، أتتصورُ أنه سيرغمُكَ على مصيرٍ لا يلائمُك؟ ألستَ مثله مغرمًا بالجياد و قطعانه السوداء؟".

   أجاب لِيو مداعبًا أوراق النبتة:

"بلى! أنا أعشقُ الفروسيَّة حتى النُّخاع".

"و خالُك يفعل".

   تمهَّلت قليلاً ثم تابعت و هي تواصل غمر الجذور بالتراب:

"لكنه لا يحصرُ نفسه في زاوية فريدة، إنه فارسٌ أصيلٌ و مروضٌ شجاعٌ و أيضا نحَّاتٌ بارع! ما الذي يجعلك تظنُّ أنه لن يوافق على كونك مزارعا؟".

   اتسعت عينا الطفل و هو يردفُ بعدم تصديق:

"كيف لي أكون راعي بقر و مزارعا في ذات الوقت؟".

   في هذه اللحظة، تلألأت عيناها متمتمة:

"تستطيع، لأن أبي كان كذلك!".

"أوحقا؟!".

"أجل!".

   انتبها لسقوط ظل على النبتة، و التفتا معا ليكتشفا قدوم هارولان، وقف على رأسيهما يحجبُ بقايا خيوط الشمس المتسللة من بين فروع الأشجار، و المُدهش لماريغولد أنه كان مختلفا عن سابق عهده، لم تكن هناك قبعة عريضة أو معقوفة الحواف فوق رأسه، و لا قميص رعاة مطرز يستر صدره القوي و ذراعيه المفتولتين، و لا حتى سروالا ملتصقا بساقيه الطويلتين أو حذاء فروسية طويل يصل لركبتيه، المُدهشُ أنه كان يرتدي بدلة رسمية سوداء جعلته يبدو أكثر وسامة و نفوذا عن ذي قبل! هل هذا حقا هارولان كينغ ملك «بلاك ريدج»؟

الغضب الأسودWhere stories live. Discover now