الفصل 34: إبتسامة الليل!

41.4K 2.1K 1.3K
                                        

(إهداء خاص لمتابعتي الجميلة user04350327 «ليان الحمدي»)
🖤

"أنتَ مُجرَّدُ غول... حتى تقع في الحب!"

🖤

ملَّت ماريغولد من التمدُّدَ فوق السرير، فتأففت و أنزلت ساقيها على الأرض ببطء، و مضت تمططُ ذراعيها في ذات الوقت، ثم انتعلت حذاءها و انطلقت متشوقة لجولة في الأرجاء. كانت قد تعافت أكثر، و غادرت المستشفى سريعا، لكن عناية الجميع بها لم تغادرها، الكل يُلقي المحاضرات و يُجبرها على الإستلقاء و الراحة، الكل يذكرها أنها يجب أن تضع قناع التنفس المحمول حتى أثناء التجول هنا و هناك، لكنها ملَّت منه، و لم تعد تختنق بأية حال، كيف يختنق المرء و هو يتنفس نسمات كينغلاند العليلة؟

الآن مرَّ ٱسبوعٌ على تلك الحادثة البشعة، لم تعد ترتعش خوفا من تذكر ما حدث، و لم تعد تبحث عن الهواء كلما تذكرت أطنان التراب التي كتمت أنفاسها آنذاك. كان هارولان حتى بعد عودتها للبيت يأتي كل ليلة إلى غرفتها فقط ليطمئن، و استطاعت ماريغولد أن تشعر بوجوده هناك، و عدة مرات استيقظت من نومها على إثر لمسته الحنونة، فتمضي مؤكدة له أنها بخير، و أنها لا تخشى النوم لوحدها؛ لكنه لم يكن يردُّ بشيء، يكتفي بالمسح على شعرها قليلاً، و تدثيرها باللحاف جيدا، ثم يستدير على عقبيه متمنيا لها نوما هنيئا! كانت تحب ذلك و تستغربه، فلوجوده قربها سحره الخاص. في العادة هارولان يطمئن فقط على طفله المحبوب لِيو، و الآن صارت هي أيضا في نظره كالأطفال، بحاجة ليد حنونة تربت على كتفها و تمسح شعرها كل ليلة! أثر بها حتى العظم أنه شعر بذلك، و أنه أدرك كم تفتقدُ حنان الأب في حياتها، كما يفتقده لِيو تماما!

تسللت ماريغولد خارج البيت، و سارت لمسافة لا بأس بها، و نجت من لسان هانا، لو رأتها تتجول دون القناع لطفقت في محاضرتها الطبية فورا، إنها العاشرة و النصف صباحا، لا ريب أنها مشغولة الآن بتحضير القهوة و خَبزِ الكعكِ للعمال، ودَّت لو تحملها لهم بنفسها، لعل ٱنسُ الرعاةِ الطيب يُنسيها ضجرها، و ربما تمسحُ أحاديثهم الشيقة شوائب وحدتها، فقد باتت تشعر بالوحدة، بعدما شدَّدَ هارولان في الأيام الفارطة على ضرورة بقاء الهواء في غرفتها منعشا و الجو هادئا، لا تزاحم على رأسها، لا ثرثرة تزعجها، و لا أصواتَ عالية تُقلقُ راحتها، و كانت القاعدة الأهم و الأسوء بالنسبة لها أنه منع عنها زراعة أي شيء مؤقتا، أو كما قال حرفيا: «إجازة من العمل!»، ربما يعتقدُ أن حفر التراب ثانية سيُنعش تلك التجربة المريرة داخلها مجددا، لكنه لا يعرفُ أنها تجاوزت الأمر، لقد تجاوزت الحادثة، بل تحاوزت رهاب المستشفيات أساسا، و لن يخيفها شيء بعد الآن... بفضله وحده! و فضله هذا سيجعلها تضطرُّ لتكون فتاة عاقلة إزاء قوانينه، لذا سترضخُ في الوضع الراهن لكل أمر يصدره، في النهاية هو يريدُ لها الشفاء العاجل، و يحثُّ جهوده كلها في سبيل ذلك، إنها ممتنة كما لم تكن من قبل، لأن الرجل الذي يفترضُ به أنه ربُّ عملها فقط... يتصرف كما لو كان كل عائلتها، يكفي أنه لم يعد لبيته حتى عادت للحياة و وضعت يدها بيده! يكفي أنه جنَّدَ خدمه و معارفه و ماله لتكون بخير! يكفي أنه إهتم... و الإهتمام هو ما يجعل المرء يُشفى حتى من أعنفِ الصدمات!

الغضب الأسودWhere stories live. Discover now