الفصل 28|من أجلها!

45.7K 2K 699
                                        

ترجَّلت تايلور كراوفورد من السيارة الفخمة، و انتزعت نظاراتها العريضة لتتأمل بانشداه بيت آل كينغ، كانت ممرات الحدائق التي عبرتها قبل قليل فاغرة الفم مذهلةً حقا، و هذا البناء الذي تقفُ أمام أبَّهته الآن، لا يقل عنها إذهالا، و ما زاد منظره رونقا تلك الورود الزاهية التي تنمو حوله.

تمالكت دهشتها فورا حين فتح الباب رجل صيني متوسط العمر و انطلق نحوها مُرحِّبًا، أومأت له شاكرة و التفتت تخاطبُ الخادمة التي ترافقها بلهجة ساخطة:

"ماذا تفعلين بيني؟ انتبهي للحقائب و أنتِ تحملينها، خاصَّةً العُلب... لا تهُزِّيها كما لو أنكِ ترُجِّين بخاخ حشرات! إنها تحوي أغراضًا ثمينة".

راحت المسكينة بيني تترنَّحُ بما تحمله متعثرة، يكادُ وجهها المتقلصُ لا يُرى من خلفِ كل تلك الأغراض، أشفق السيد لي عليها، و نادى الخادمات ليساعدنها، و يضعن حدًّا لمعاناتها. ثم قاد الضيفة باحترام نحو الصالون، أين جلست كالأميرات منتظرة اللحظة التي ستقابلُ فيها صاحبة الورود كما وصفتها صديقتها، و للحظةٍ فكَّرت أنها تقوم بالصَّواب، أليس دعم الأصدقاء بعضهم بعضًا صوابًا؟ ظهرت آبي بعد ذلك على باب الصالون، و عانقت تايلور بسعادة مرددة:

"أخيرًا أنتِ هنا؟".

"آه! تعرفين أنني سائقة مُملَّة جدا، ثم إن الطريق من بانبري إلى هنا كان رائعا، لذا توقفتُ عدَّة مرَّات لالتقاط صور من أجل دعايتي القادمة!".

تذكرت آبي أن صديقتها أنشأت جمعيَّتها الخاصة لحماية البيئة و الحيوانات المهددة بالانقراض، صحيحٌ أنها دخلت المجال حديثا؛ غير أنها لاقت نجاحًا فوريا، و تهافتت عليها عروض رجال الأعمال و المشاهير من أجل تمويل مشروعها، بفضل إنسانية الفكرة، و بشكل أكبر... بفضل اسم والدها الشهير، فقد كان نيلسون كراوفورد كاتبًا و ناشطًا سياسيَّا مرموقا في البلاد، و أثَّرت آراؤه و كتاباته الهادفة للتغير و التطور في أستراليا لعقود متعاقبة.

اندهشت آبي متسائلة:

"ظننتُ أن سائقكِ الخاص هو من سيأتي بكِ!".

"فضَّلتُ أن أقود بنفسي!".

تجاوزت آبي ذلك، و هي تجلس إلى جوارها ممسكة يدها بحماس:

"من الجيد أنكِ تحررتِ من وجهه العابس!".

همست لها تايلور و هي ترى رجلاً أسمرًا شديد الطول مصقول الجسد يقفُ على باب الصالون:

"حسنا، لن أناديه بالعابس بعدما رأيتُ هذا".

التفتت آبي متتبعة مسار نظرات تايلور و على الفور قفزت من مكانها بابتسامة متكلفة و هي تهتف:

"هارولان! عمتَ صباحًا، لم تكن موجودًا على طاولة الفطور قبل قليل، لذا لم أخطِرك بوصول صديقتي اليوم!".

الغضب الأسودWhere stories live. Discover now