(إهداء خاص لمتابعتي الجميلة JocelyneAzziAmine)
🖤كان زفافُ تايلور و أوليفر بمثابة عيد للطبيعة الأم، انتقت العروس اللون الأبيض كأفضل ما يكون لإحتضان ما حوله من ألوان بهيجة، حيث غُلفت الطاولات و المقاعد بشراشف بيضاء بعيدة عن الكلفة، كثوبها تماما، زجاجات الشامبانيا تراخت بين صحاف ملآى بمكعبات الثلج ثُلاثا أو رُباعا، تنتظر اللحظة التي ستُرَجُّ فيها، و تدفع فقاعاتها الثائرة سدادة الفِلِّين عاليا، و الكؤوس الكريستالية الرشيقة لُفَّت بشرائط ناعمة تشبه سيقان زهور الإكليل الجبلي، خُصِّصَت زاوية زهور الأقحوان الإفريقي لمجلس العروسين، و في قبالته رُتِّبت مجالسُ الحاضرين في أتم ذوق و بساطة، حضرت بعض صديقات العروس و معارف العريس من ظباط و رجال قانون، و وافق هارولان على تغطية الصحافة للمناسبة، ليس لأن والد العروس معروفا فحسب، و إنما لأن الحدث العظيم حقيقةً هو إستضافة كينغلاند لهكذا عُرس بعد إنقطاع طويل الأمد عن تنظيم الحفلات الكبرى و المناسبات التي تستقطبُ الإنتباه، و تشغل الجرائد، على أنه لم يكن عُرسًا بالمعنى التقليدي المألوف؛ و إنما كان كما سمَّته آبي «مهرجان ورود»، ارتدت الفتيات فساتينا مستوحاة من الورود، و حملن مظلات صغيرة تقيهنَّ لظى الشمس، و تناسب أزياءهن التي تبهج الناظر، و أكدت إبنة عمة هارولان أن صاحبة الفكرة الأصلية لن تعارض اقتباس ديكور زفافها -و هي عروس لاتينية تزوجت قبل أشهر فقط و اعتمدت زينة الربيع في كل شيء و وافق زفافها تاريخ عيد شعبي في بلادها يُدعى: «مهرجان الشمس و الورد».
لمعت كاميرات الصحفيين من كل حدب و صوب، و صدحت الآلات الموسيقية بين أيادي أفراد الفرقة الأوركيسترالية، فانطلقت معزوفة الترحيب بالحاضرين، و هبَّت نسمة مفعمة بشذى المروج و همهمات الطيور المنفعلة في أعشاش البريَّة، و تجولت بين الأجساد الملتفة حول أطياف الألحان، و طارت على إثرها مظلَّة إحدى صديقات العروس، فالتقطها لِيو في اللحظة المناسبة، و أعادها لصاحبتها بتؤدة و أدب، كما لو كان رجلاً نبيلاً في ذروة النضج و الوقار، ابتسمت له ماريغولد من مكانها و هي على يسار العروس، منتظرة حلول موعد عقد القران، ثم انتقل بصرها نحو خاله، ذلك الرجل الذي تزيَّن ببدلة عاجية اللون متخليا عن شبح السواد الذي كان يطبق عليه طوال الوقت، لم تره على تلك الوسامة و ذلك الإنشراح من قبل، يتبادل الأحاديث مع الضيوف المهمين كأنه شخص آخر غير ذاك الراعي المتجهم، الذي كان فيما مضى متعطشا للقسوة... محفوفا بحب العنف... مستسلما للوحدة، ها هو اليوم يتعطش للطيبة... محفوفٌ باللطف... أسلم نفسه للألفة!
تبادلت أطراف الحديث مع تولين صاحبة أكبر مخابز الكعك في بانبري -و كانت إحدى صديقات طفولة العروس- و في الآن نفسه ظلت عينها تزاور ذلك الرجل المتغير، هذا اللطف الذي يُبديه مؤخرًا يسلبها الرشد، و يخلط الأمور في عقلها، و يجعلها ضحية أنفاس متقطعة و دقات مهتاجة، من كان يعتقدُ أن للرجل القاسي مثل هارولان كينغ شيئا من اللطف؟ لكن ها قد ثبت أن ذلك صحيح و قائم و حقيقي كحقيقة وجود الشمس! المرأة لطيفة، تولدُ و تعيشُ و تفنى كذلك، و لا تستطيعُ منع نفسها من إبداء هذا اللطف الفطري في كل حركاتها و الحروف الواثبة من بين شفتيها؛ أما الرجل... فلطفه يختلف و تعبيره عنه مغاير تماما لتعبير المرأة -الرجل الحقيقي بالطبع- يتحدث بالأفعال... و ينطق جسده بلُطف المواقف!

YOU ARE READING
الغضب الأسود
Romanceفسخت ماريغولد خطبتها لتنقذ طفلا صغيرا، لكنها تجد نفسها متهمة بمحاولة خطفه من طرف خاله القاسي! يسجنها راعي البقر هارولان كينغ في إصطبل على أرضه عقابا لها لأنها تجرأت على الوقوف أمامه بكل قوة، لكن ماذا سيفعل سيد قطعان الثيران حين يكتشف أن ماريغولد خطف...