الفصل 32: صوتُ نبضكِ!

38.8K 1.9K 488
                                        

(إهداء خاص لمتابعتي الجميلة NaraKhaleed)
🖤

"قبل أن تحفر تحت قدمي عدوِّكَ... تأكَّد أنك لا تقفُ على نفس الأرض!".

ارتعشت الأشجار و تزعزعت الأرض و انكمشت الورود على أغصانها بعد انطلاق ذلك الصوت الرجولي الآمر، في غضون لحظات كان رجال كينغلاند قد تجمعوا حول سيدهم يتلقون التعليمات للبحث عن المزارعة، لكن عودتهم بعد ذلك من كل حدب و صوب خالي الوفاض دفعت هارولان إلى حافة الجنون، صرخ بهم و هو يهزُهم من بِدَلِهم الأنيقة واحدًا تلو الآخر:

"لا يجرُؤَنَّ أحدكم على العودة دونها!".

"عُلِم أيها المعلم!".

تفرَّقوا عنه مسرعين، شخرت محركات السيارات و ابتعدت همهمتها تنقر الزوايا بحثا عن الفتاة المفقودة، نبشوا كل شبر ممكن من الأراضي المحيطة بالبيت دون جدوى، هارولان كان يبحث بدوره، ليس بعينيه فقط؛ بل بقلبه كذلك! لم يجدها في إصطبل المارد و لا في المروج، عاد إلى البيت آملا أن يعثر عليها في مطبخ هانا ترتشف قهوة، أو في غرفتها تسند ساقيها الجميلتين على درابزين الشرفة و تقرأ روايتها المفضلة، غير أن الأطياف فقط من استقبلته، و لم تكن ماريغولد في أي مكان فكر فيه! التقط من فوق الطاولة المنديل الملون الذي عقدته حول شعرها و هي تعدُّ الكعكَ في بيت الشاطئ، و تنفس عطرها بكل قوته حتى شعر أنها اقتحمت كل ذرة منه!

كان من حسن الحظ أن العروسين قد غادرا البيت نحو المطار قبل إختفاء المزارعة بلحظات قليلة، ليتجها على متن الطائرة إلى سينغافورة و يقضيا شهر عسلهما هناك، و بالتالي نجوا من معرفة ما جرى خلفهم، و لكن بقية الحاضرين لطشهم الخبر المحزن قبل تمكنهم من العودة لبيوتهم، فشهقت سيدني و خبطت كفا بكف، و ارتمت هانا على أقرب مقعد ثم مضت في بكاء صامت، و تِيا على رأسها تربت فوق كتفيها بعينين دامعتين و فم مهزوز، طلبت ساري من حبيبها غاري أن يفعل ما في وسعه ليعثر على الآنسة موران الطيبة، فوعدها بذلك و التحق برفاقه، حتى السيدة هاغان التي لم تكن تستلطف ماريغولد كثيرا أشفقت عليها، و دخلت في مناجاة سرية مع السماء لتردَّها سالمة، آبي هي الأخرى تجمدت في مكانها شاعرة ببرد ساحق يسري فوق جلدها، لم تكن تتمنى هذا أبدا، صحيح أنها رغبت بإبعادها عن هارولان لتفوز به؛ لكن إحتمال حدوث مكروه لصاحبة الورود الضاحكة جعل معدتها تتقلبُ و إنسانيتها تستيقظ لتعذب ضميرها! ركضت آديا نحو البيت تجلب كأسا من الماء و حبة معدئ لهانا، فيما اشتغل السيد لي بكل دبلوماسيته و حكمته بإبعاد الصحافة و إعطاء أجوبة مقتضبة حاسمة تمنعهم عن اللتِّ و العجنِ فيما حدث أو ما سيحدث! حتى نجح في صرفهم، طلب من آبي و السيدة هاغان أن تهتما بلِيو و ألا يخبره أحد بما جرى، ثم أرسل هانا مع الخادمات لترتاح في غرفتها، و وقف آخر الأمر أمام سيده متمتما بمواساة:

الغضب الأسودWhere stories live. Discover now