«كيف وقعتَ في حبها؟»
«راقبتُها و هي نائمة!»♘
…
شعر هارولان أنه يكاد يختنق في مكتبه، ذلك المكان الذي اعتبره دائما ملاذه... بات يضيق الخناق عليه، فقط لأنه لا زال يحمل أشياء من تلك الفتاة، كأوشام تأبى الزوال، تفاصيل كثيرة يحييها و يلقيها في وجهه شامتا لاعنا غضبه، النيران في المدفأة تتراقص بوميض عينيها فتتحداه مثلها، و تكتكات ساعة البندول القديمة تردد صوتا يشبه كلماتها الجريئة التي حلق بها الهواء كذلك، إنها هناك حبيسة الإصطبل، لماذا يشعر إذن أنها لا تزال هنا أمامه... و في كل ذرة من عقله؟ لم يكن بحاجة لتذكرها، فكل ما حوله يستحضرها بقوة و يفرضها عليه بحتمية رهيبة!
تدافعت الصور التي أذهلته نحو رأسه في آن واحد، استرجع اللحظة التي لمست فيها حصانه و ربتت على عنقه و عانقته كأنها تفعل ذلك به هو! أحس اللهيب يهدر داخل أعماقه ما إن لمح حقيبتها و عادت إلى مسمعه كلمات أججت غضبه: «لا تلمسه! إنه فستان امرأة طاهرة!»، جن جنونه و اهتاج بعد تلك الفكرة، و دون تردد أو تفكير، ألقى الحقيبة إلى الجدار بعنف، و كان واثقا في اللحظة التالية أنه سمع شيئا ما يتحطم داخلها، لكنه لم يكترث! و جذب اهتمامه دخول خادمه الأمين السيد «لي»، أغلق هذا الأخير باب المكتب، و حدق في الرجل الأصغر سنا باستغراب، قبل أن يعقد يديه خلف ظهره كعادته، و يصرِّح:
"تأخرت عن موعد العودة إلى البيت اليوم، هل هناك خطب ما؟".
أجاب هارولان السؤال بسؤال آخر:
"كيف هو لِيو؟".
"على أفضل ما يرام! ثرثر كثيرا حول البطلة التي ساعدته هو و مهرته، ثم أخلد منذ قليل إلى النوم".
اكفهر وجه هارولان و قسى، فتمتم من بين شفتيه المشدودتين غيظا:
"تلك النكرة! سيطرت على حصاني كما لو كان جروًا تافهًا، لقد روضت «المارد الأسود» الذي عجز سائر رجال كينغلاند على مجرد الاقتراب منه، روضته أمام ناظري في لحظات!".
تفرس فيه الرجل الذي رافقه منذ الصبا بعينين ضيقتين، ليقول فجأة معلقا بابتسامة ذات معنى:
"مثيلاتها لا يعجزهن شيء!".
سخر هارولان بحـدة:
"أعرف مثيلاتها جيدا، النساء على شاكلتها يركضن خلف المال و الجاه، و يستعنَّ بحسنهن في سبيل جني الغنائم".
أغرق السيد لي في الضحك، و أردف بحكمة لاذعة:
"أخبرني إذن! هل تأثر لِيو أيضا بحسنها؟ و هل خضع ماردك الأسود لها و أسلمها أمره فقط لأنها جميلة؟ أم أنهما شعرا بروحها النقية و خضعا لجمال قلبها؟ أنت تدرك جيدا أن الحيوان و الطفل يريان الجوهر أفضل منك و مني، فلا تنكر!".

YOU ARE READING
الغضب الأسود
Romanceفسخت ماريغولد خطبتها لتنقذ طفلا صغيرا، لكنها تجد نفسها متهمة بمحاولة خطفه من طرف خاله القاسي! يسجنها راعي البقر هارولان كينغ في إصطبل على أرضه عقابا لها لأنها تجرأت على الوقوف أمامه بكل قوة، لكن ماذا سيفعل سيد قطعان الثيران حين يكتشف أن ماريغولد خطف...