حين عادت ماريغولد إلى البيت فورا ارتدت المرولة و القفازات و الحذاء الطويل، و باشرت البحث عن زاوية مناسبة في الحدائق من أجل شجيرة القطيفة، تناولت المعول و أحدثت بواسطته في الأرض جُورة ملائمة لاحتضان جذورها و بعضا من ترابها القديم، و كان لِيو يلاحقها كظلها، يستفسر حينا، و ينبهر بما تفعله في صمت حينا آخر، و بينما كانت تجمع بمعيته حفنات من التراب لتغمر به الجورة، وجدت يدان في المساعدة، التفتت ذاهلة تسأل الرجل الذي فاجأها حضوره:
"سيد كينغ؟ ظننتُ أنك ذهبتَ إلى العمل!".
أردف هارولان و هو يروح و يجيء بالتراب فوق كفيه:
"ليس بعد، الرجال يسرُجون الحصان البري الآن، و على البيطري أن يكدَّ في تهدئته النفسية أولا قبل أن يلِج الحلبة لكسر عنفوانه!".
تضايقت ماريغولد من تلك العبارة، إنها لا تحبذ كسر عنفوان أي مخلوق، لكنها لم تعلق، و لم تعرف ما إذا كان من حقها التدخل في هذا أم لا! نكَّست رأسها مختنقة بالكلمات، و شغلت نفسها برصِّ التراب جيدا حول الشجيرة قائلة بوجوم:
"شكرا سيد كينغ، لكن لن أعطلك عن مشاغلك أكثر، لدي هذا المزارع الصغير ليساعدني".
ابتسم لها لِيو بثقة، فيما وقف هارولان بحاجبين مرتفعين نافضا التراب عن يديه، و هو يتساءل حول سبب انزعاجها المفاجئ! ماذا فعل الآن؟ هل أخطأ في شيء ما دون أن ينتبه؟ تركهما متجها إلى أرض الجياد ليستطلع آخر المستجدات و يتأكد من جاهزية الحصان.
كانت رؤوس الأشجار في الحدائق تحجب السطوع القوي للشمس الأسترالية، و تنحني بين فينة و أخرى بإجلال و دعة كلما مرَّ بها النسيم المُلاطف مرور الملوك، و هذا ما جعل ماريغولد و لِيو يلقيان القبعتين جانبا و يسمحان للنسيم بملامسة عنقيهما. أنهت البستانية الجديدة مهمتها مع شجيرة القطيفة، ثم انتقلت لاختيار الشتلات التي ستغرسها بعد ذلك، انتقت عقِب مشاورة مع لِيو حزمة من الورود الجاهزة للغرس، و اجتثتها من ٱصُصِها لتصلها بأرض كينغلاند باسمة.
«تفضلي أيتها الأرض العطشى للبهجة!».
غمغمت بذلك فخورة بما تفعله، شعرت أنها اليوم أقرب بكثير من والدها، إنه دائما في القلب، لكنها أحست به يحتضن يديها، و يشاركها عملها مرددا كلماته الساحرة، بل إنها لمحت طيفه الزاحف قرب الشتلات مدققا النظر عبر مُكبره و يهتف بغبطة:
«عظيم يا ابنة أبيكِ!».
أجادت السيطرة على دموعها و هي تغرقُ لِيو بفيض من المعلومات حول زراعة كل نوع من الورود و الزهور على حدًى، و عندما فرغت من غرس كل شتلة في مكانها مبقية مسافة جيدة بين كل واحدة و أخرى، سلمت مرش الماء للطفل، و قالت محررة يديها من حر القفازات:

YOU ARE READING
الغضب الأسود
Romanceفسخت ماريغولد خطبتها لتنقذ طفلا صغيرا، لكنها تجد نفسها متهمة بمحاولة خطفه من طرف خاله القاسي! يسجنها راعي البقر هارولان كينغ في إصطبل على أرضه عقابا لها لأنها تجرأت على الوقوف أمامه بكل قوة، لكن ماذا سيفعل سيد قطعان الثيران حين يكتشف أن ماريغولد خطف...