Part-3

281 19 2
                                    


جسد مُعلَّق على مروحية السقف، جسد مُزرق من شدة الإختناق.. جسد السيد لي.

هول الصدمة كان رهيبا على دونغهي، هو حتى لم يتجاوز صدمة موت أخوه! ضلَّ يصرخ كالمجنون وهو مُمسك بجسد والده المُتدلي.. فجأة فقد الإحساس بكل ما يُحيط به، شعر أن الجدران تتقلص من حوله، وكل حواسه تعطلت عن العمل..

"أبي!!!!!! لاااااااا أبي لما فعلت هذا؟ .. أبي لا.. لا لا.."

هذه كانت الكلمات الأخيرة التي خرجت من فمه قبل أن ينهار ويسقط على الأرض مُغمى عليه..
____________

تأنيب الضمير يُؤرق صاحبه حتى على أتفه الأمور، أحيانا لا نستطيع النوم بمجرد التفكير أننا أخطأنا مع شخص ما ولو بكلمة.. فماذا سيفعل تأنيب الضمير بشخص يرى نفسه مسؤولا عن موت إبنه بطريقة بشعة؟

هذا كان حال السيد لي، لو مات إبنه ميتة عادية لكان أرحم له، لكنه مات لأنه فُرض عليه أن يتولى رئاسة الشركات وينخرط في عالم إدارة الأعمال الموحش ويتعامل مع أفضع البشر.

رغم أن حلمه كان أن يكون مُذيعا، إلا أنه تقبَّل برحابة صدر قدره كالإبن البكر والوريث الأول لعائلة لي، لم يتذمر يوما وقام بمهمته على أكمل وجه..

ضحى بحلمه ليدعم والده في أعماله ويُسهل الأمر على أخيه، لم يُمانع يوما تحمل المسؤولية لكنه كان مُصرا على أن يسعى دونغهي وراء أحلامه ولا يكون مُجبرا على شيء لا يريده.. هذا كان يُشعره بالرضى نوعا ما.
____________

ضوء ساطع، أصوات متداخلة، ضجيج عالي، شعور بالوخر في بعض المناطق..

"إنه يفتح عينيه!! المريض فتح عينيه!"

إستغرق الأمر بعض الوقت لكن في النهاية فتحهما وإستيقظ.. كانت الرؤية ضبابية في البداية لكن بصره تأقلم مع الإضاءة بعد لحظات.

الطبيب: سيد دونغهي هل تسمعني؟ هل تستطيع رؤيتي؟
دونغهي: (ينظر حوله بإبهام) أين.. أين أنا؟
الطبيب: أنت في المشفى، لقد مضى على وجودك هنا أسبوع
دونغهي: مشفى؟.. أسبوع؟.. أبي!!! أبي..أين أبي؟.. (تذكر ما حصل وبدأ يصرخ بفزع)
الممرضة: ما العمل؟ مؤشراته الحيوية لا تبشر بالخير! (مرعوبة من منظره)
الطبيب: أعطوه حقنة مُهدئة حالا!! سيد لي إهدأ قليلا أرجوك (يمسكه كي لا يتحرك)
دونغهي: أبي.. أبي.. لماذا فعلت هذا؟.. (يبكي)

(بعد مدة)

عندما زال تأثير المخدر بدأ دونغهي في الإستيقاظ مرة أخرى، هذه المرة لم يصرخ ولم يحاول النهوض، لأن قواه خارت بالفعل ولأنه أدرك أن فعل هذا لن يرجع له والده.

دونغهي: أنت؟ (بصوت مبحوح)
يونهو: إستيقظت أخيرا؟ كيف تشعر؟
دونغهي: (أدار وجهه للجهة الأخرى) كيف أبدو لك؟
يونهو: أقدم أحر تعزياتي بخصوص ما حصل..
دونغهي: (لا يجيب)
يونهو: هذه لك! رسالة تركها لها والدك قبل أن.. (توقف عن الكلام)
دونغهي: (إستدار مرة أخرى وإستلم الرسالة)

"آسف بني.. أعلم أني أتصرف بأنانية، أعلم أنه من المفروض أن اكون معك في هذه الأيام الصعبة.. لكن ما العمل؟ أنا لا يُمكنني العيش وأنا مُدرك أني كنت سببًا في موته.. لا يمكنني! سألحق به وأطلب منه أن يسامحني ويغفر لي.. أنت أيضا سامحني!"

أطلق دونغهي العنان لدموعه وأعطاها إذنًا بالإنسياب، أو ربما لشدة ما كتمها تراكمت وفاضت رغما عنه؟

دونغهي: (يبكي بحرقة) أنت لست السبب!! لما أنت من يجب أن تموت؟.. هم! من قتلوه هم من يستحقون الموت.. (يكاد يختنق من البكاء) أنت لست السبب!!
يونهو: (يشعر بالأسف عليه) إهدأ قليلا أرجوك (يُربت على كتفه بحنان)
دونغهي: لما بقيت أنا؟ علي.. علي اللحاق بهما فحسب! (مسح دموعه ونزع الحقن من جسده) ليس لدي سبب للعيش (غير واعي وغير مُدرك لما يفعله أو يقوله)
يونهو: (أمسكه وأجلسه مرة أخرى)
دونغهي: أتركني!! (يصرخ) أنا لا أريد العيش بعد الآن أتركني!!!
يونهو: (صفعه بقوة) إرجع لصوابك!! (يصرخ) ماذا سيحصل إذا مت؟ هل سيتغير شيء؟
دونغهي: على الأقل سأرتاح من هذا الألم..
يونهو: ألا تفهم؟ الوحيد الذي سيرتاح هو الشخص الذي قتل أخوك!! هل ستعطيه هذه الهدية برحابة صدر؟ عليك العيش!! عليك أن تبذل جهدك لإيجاده وتحرص أن يتلقى عِقابه!! هذه الطريقة الوحيدة كي ترتاح روحهما
دونغهي: (لم يجد ما يقوله أو يفعله غير البكاء بقهر)
_______________

(في اليوم التالي)

نفس المشهد تكرر مرة أخرى.. شاب يرتدي بذلة سوداء، ملامحه خالية من أي تعبير واقف في المقبرة، الشيء الوحيد الذي تغير هو وجود قبر إضافي..

"لقد ذهبتم جميعا وتركتموني وحيدا، لابد أنكم سعداء معا.. (تجمعت الدموع في عينيه) كيف هو الوضع هناك؟ أفضل صح؟ سألتحق بكم قريبا وسنكون كلنا معا مرة أخرى.. إلى الأبد! لكن أولا علي الإعتناء ببعض الأمور هنا".

(بعد مدة)

دونغهي: (خرج من المقبرة) شكرا على وقفتك معي والبقاء بجانبي كل هذا الوقت
يونهو: لا داعي للشكر (يبتسم)
دونغهي: سأتعبك آخر مرة.. هلا أوصلتني للمنزل؟
يونهو: هل أنت متأكد؟ يمكنك البقاء في شقتي إذا أردت، أعلم أنه سيكون صعبا عليك.. أقصد..
دونغهي: (فهم قصده) لا بأس، سيكون علي التعود عاجلا أو آجلا (يبتسم بصعوبة)
____________

كالسمكة نحو الشبكة، كالفأر نحو المصيدة، كالكبش نحو المذبحة.. إتجه بخطوات مُتثاقلة نحو ذلك المنزل الذي أصبح جحرا مُرعبا بالنسبة إليه..

لكن ليحقق هدفه عليه أن يتخطى مخاوفه عليه أن يقهر خوفه، هذا البيت الفارغ والذكريات الأليمة.. يجب ألا تكون نقطة ضعفه بعد اليوم، بل ستصبح دافعا له في مهمته.

 القاتل06Where stories live. Discover now