القطعة السادسة

15.3K 529 54
                                    

القطعة السادسة
***********
_صاحبة بسنت؟! انت متأكد؟!
هتف بها مروان صديقه بدهشة وهو يجلس جواره على أحد أجهزة صالة الألعاب الرياضية حيث يجريان تمارينهما اليومية ...
ليجيبه وحركة ذراعيه العصبية على الجهاز تفضح غضبه:
_امبارح بس افتكرتها ...شفتها مرة أو اتنين معاها في النادي !
عقد مروان حاجبيه وهو يتحرك بسرعة على المشاية الرياضية التي وقف عليها ليقول بصوت لاهث:
_طب فهمني بالراحة كده دماغك فيها إيه !
_معرفش..المصيبة إني معرفش!
هتف بها بحنق وعروق جبهته تنفر انفعالاً ليرد صديقه بحذر:
_معاد جوازكم بكرة...هتكمل واللا هتلغي؟!
زفر بقوة وهو يقوم من على الجهاز ليمسح عرقه في منشفة قريبة فاستطرد مروان بنفس الحذر:
_لو عايز رأيي...كونها كانت صاحبة بسنت ده مش معناه إنها كانت زيها ...ممكن ده بس يفسر هي عارفة عنك كل حاجة إزاي ...
_وعايزة مني إيه دلوقت؟!
هتف بها بحدة وهو يلقي المنشفة جواره ليلوح بذراعيه مستطرداً:
_مطاردتها ليّ...تصرفاتها المجنونة...كل ده مالوش معنى إلا إنها بتلعب معايا لعبة دنيئة زي اللي لعبتها صاحبتها زمان ...
ظهر الاعتراض على وجه صديقه لكنه لم يبالِ وهو يقبض كفه أمام وجهه ليردف متوعداً:
_لو كده أقسم بالله لأطلع عليها القديم والجديد ...واللي ما عرفتش أعمله زمان هعمله دلوقت!
توقف مروان عن الجري ليغادر الجهاز بدوره ثم أخذ نفساً عميقاً ليواجهه بقوله :
_خلليني أشوف الصورة بطريقة تانية بعيد عن شكوكك دي...اللي أنا
لاحظته إنها ما حاولتش تعترض طريقك ولولا دقة ملاحظتك يمكن ما كنتش خدت بالك منها...حتى عرض الجواز ده انت صاحب فكرته مش هي...كل اللي كانت بتعمله إنها كانت بتراقبك من بعيد ...
_قصدك إيه؟!
صمت مروان طويلاً ليجيبه بعدها بثقة:
_بتحبك!
همهمة ساخرة كانت جواب يامن الوحيد لكن مروان استطرد بهدوء:
_معرفش ليه وازاي ولا من امتى بس الحكاية ما تتفهمش غير كده ...ياسمين مش محتاجة تلعب أو تتسلى ولا شخصيتها اللي أعرفها بتاعة لف ودوران ...واحدة ناجحة مستقلة بحياتها ...جميلة وألف من يتمناها ...غنية...لو عايزة تسافر كل يوم بلد مش هتغلب...ومع ذلك ما بتفكرش غير في شغلها وبس...يعني تركيبة بعيدة خالص عن بسنت دي!

هز يامن رأسه بحيرة وكلام صديقه يزيد ارتباكه بشأنها ...
هو يكاد يجن منذ الأمس بعدما تذكر أين رآها ...
وساوسه بشأنها تكاد تمزق رأسه خاصة مع ما يثيره طليقها حولها من شائعات ...
لكنه يعود ليتذكر لقاءاته معها ...حزن عينيها الصادق...
عتاب نظراتها الدافئة...دموعها التي حملت له معاناة تشبه معاناته...
تلك اللحظة التي التقت فيها عيناهما ليشعر برجفة جسدها التي وجدت صداها في قلبه ...
لو استجاب لظنون عقله لأطاح بكل هذا وراء ظهره ...لكنه لا يستطيع!
هي فتحت بداخله باباً شديد القدم يكاد صريره يصم أذنيه ...
أزاحت الغبار عن صندوق ذكرياته لتمس بقعة خفية بين أضلعه لا يدري كنهها...
وإن كان يدرك أثرها!

_ما عادش فيه وقت للتردد ...هتعمل إيه؟!
سأله مروان مخرجاً إياه من دوامة ظنونه فزفر بقوة ليجيبه:
_ممكن يكون معاك حق...ما عادش فيها رجوع...سيلين على وصول ومعنديش وقت ولا بديل ...
ثم قست نظراته أكثر وهو يردف :
_خللينا نشوف قصتها إيه بتاعة "السينابون" دي!
=========
_مين الواد اللي هناك ده ؟! أول مرة أشوفه !
هتف بها الرجل الأنيق الذي لا تلائم ثيابه المكان في ذاك المخزن المنعزل ليجيبه مساعده باستخفاف:
_معرفة البت سيدة ...ثالث مرة ييجي معاها!
_ثالث مرة ييجي معاها ؟! جرى إيه يا شلبي؟! هي فسحة؟!
هتف بها الرجل باستنكار وهو يتابع تصرفات ذاك الشاب هناك بتوجس ليجيبه صاحبه مهدئاً:
_اطمن يا باشا ...محدش يعرف حاجة عن الليلة...كله في الكتمان!
صمت قليلاً يتفحص الشاب بثيابه الرثة وحركاته التي فضحت قلة خبرته فيما يفعله ليقول بتوجس:
_برضه مش مطمن ...أشرف بيه لو وصله حاجة عن اللي بيحصل كلنا هنروح ورا الشمس .
_أشرف مين يا باشا ؟! تلاقي العريس غرقان في التحضير للعسل ...وهي دي فرصتنا .
هتف بها مساعده من بين أسنانه الصفراء وهو يغمزه بمكر فزفر بقوة ليرد:
_برضه مش مطمن ...خد بالك ...في شغلانتنا دي الغلطة بفورة !

سينابون .. ج 1 .. ج 2 .. للكاتبة نرمين نحمد اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن