القطعة الثالثة والعشرون

21.6K 527 110
                                    

القطعة الثالثة والعشرون
=======


_دكتورة ياقوت ؟!
تسمعها ياقوت عبر الهاتف لترد بترقب ملهوف :
_ شهد ..تعرفي حاجة عن هيثم ؟!

تقولها وهي تستعيد ما أخبرها به إسلام -لتوه- عن اتصال أمه المذعورة به كي تنبئه عن اختفاء شقيقه ..لتسألها وقد توقعت جواب شهد :
_هيثم معايا .
_معاكِ فين ؟!

تصمت شهد وهي تتنهد بحرارة تسترجع لقاءها به بالأمس ..
كيف كان منهاراً مشتتاً وهو يخبرها أنه يشعر أنه ضائع!
أنهم جميعاً عاملوه كطفل أخفوا عنه الحقيقة !!
أنه لم يعد يريد أن يتذكر أي شيء عن حياته هذه التي اكتشفها ..
وأنه يريد أن يبدأ من جديد معها هي ..هي فحسب من صار يثق بها !

_معاكِ فين يا شهد ؟!
تكررها ياقوت بانفعال ينتزعها من شرودها لترد بتلعثم :
_عندنا في البيت !

ارتفع حاجبا ياقوت بدهشة للحظات قبل أن تستدعي قناع مهنيتها محاولة تجنيب عواطفها :
_إيه اللي حصل بالظبط ؟!

_سمع كلام إسلام مع جيلان هانم ..كانوا بيتخانقوا وهي قالت إن حسين كان تاجر مخدرات .

زفرت ياقوت بسخط شاعرة بالشفقة نحوه ..
لتعاود سؤالها باهتمام :
_وبعدين ؟!

_طلب يشوفني ..اتقابلنا في النادي ..قاللي إنه ماعادش قادر يقعد في البيت ده بعد اللي عرفه ..وإنه ما عادش واثق في أي حد ..غيري !

تحشرج صوتها في كلمتها الأخيرة التي انتهت بدموعها مع استطرادها الذي فضح ألمها :
_ماعرفتش أقولله إيه ..لو شفتي عينيه وقتها وهو حاسس إنه ضايع ..إنه خايف ..مش فاهم حاجة ..ومش واثق في أي حاجة ..ومع ذلك ..بيقول إنه مصدقني أنا ..أنا ..أنا تخيلي!!

انقبض قلب ياقوت بلوعة مع بكاء الفتاة وحالها المؤسف مع أخيها هي بقصتهما المعقدة هذه ..
لتسألها برفق :
_وبعدين ؟!

_عندنا في البيت أوضة فاضية فوق السطوح ..ماما لأنها عارفاه من زمان وافقت تسكنه فيها بعد ما حكت لها ظروفه ..بس طبعاً هي ماتعرفش الحكاية كلها !
الخزي يظلل آخر كلماتها لتدرك ياقوت حقيقة الوضع ..
فتقول لها بإشفاق:
_وبعدين يا شهد ؟! الحكاية كده اتأزمت قوي ..لو ده رد فعله مع أهله لمجرد إنهم خبوا عنه نص الحقيقة ..هيعمل إيه لو عرف النص التاني ؟!

_هيسيبني..
تغمغم بها شهد بمزيج من يقين وألم لتردف بين شهقات بكائها :
_هيكرهني ويسيبني ..أنا عارفة ..بس غصب عني طالما لسه فيه لحظة واحدة ممكن أعيشها معاه مش هاضيعها .

هزت ياقوت رأسها وقلبها يخزها بوجع لهذه الفتاة التي تشعر بمأساتها ..

تفكر للحظات قبل أن تقول لها برفق:
_سيبي كل حاجة لوقتها ..ممكن اللي حصل ده يكون لمصلحته ..هيثم كان محتاج فعلاً يخرج بره بيت حسين ..يرجع كليته ..يشوف أصحابه ..يتعامل مع الحقيقة طالما هو كده كده عرفها ..
ثم نظرت في ساعتها لتردف :
_هاقفل معاكي أطمن إسلام لأنه قلقان عليه وبعدين هنجيله نتكلم معاه .

سينابون .. ج 1 .. ج 2 .. للكاتبة نرمين نحمد اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن