القطعة الثالثة والثلاثون (الأخيرة)

22.3K 552 136
                                    

القطعة الثالثة والثلاثون

(الأخيرة)

=======

_ولادنا يا سها ..ولادنا ..ولادنا ..

الكلمات الأخيرة تدوي في أذنيها وهي تركض مع عابد في ظلمة هذه الصحراء لا يميزان وجهة لقدميهما ..

يبحثان بعينيهما عن أي مساعدة لكن صوت الفراغ هو وحده يجيب ..

قلبها يبدو وكأنه قد توقف عن العمل ..

عقلها كذلك قد توقف عن الإدراك ..

كأنها استحالت منذ لحظة الانفجار لآلة جامدة لا يعنيها سوى هدف واحد ..

المدرسة ..الأطفال!

_آه!

صرخة عابد جوارها تخترقها فتتوقف مكانها لاهثة لتجده قد سقط أرضاٌ وقد تعثر في صخرة ..

_قدمي التوت ..لا حول ولا قوة إلا بالله !

يهتف بها لاهثاٌ وهو يحاول النهوض من جديد لكنه يعود ليسقط مكانه هاتفاً بألم :

_لن أستطيع السير عليها ..قضي الأمر .

يقولها بنبرة ملتاعة وهو يتلفت حوله بعجز ليطلق صرخة أخرى ..

صرخة تضرع هذه المرة وهو يرفع عينيه للسماء بهتافه المستغيث :

_يارب لا تريني يوماً كيوم أبي ..يارب أنت لهم بالمرصاد ..يارب وعدك الذي وعدتنا ..انصر جندنا واحفظ ضعيفنا واشف صدور قوم مؤمنين .

دعاؤه يختلط ببكائه في مشهد مهيب زاده شعوره بالعجز وهو يستعيد تلك اللحظة التي علم فيها عن مقتل والده في ذاك الحادث البشع ..

فيرتعد قلبه بذعر وهو يتخيل حجم الكارثة لو نال المجرمون من المدرسة !

لهذا يصرخ بها هي برجاء أخيراً أن تستمر في طريقها لطلب أي نجدة قريبة ..

بينما تقف هي مكانها ذاهلة مشتتة -بالكاد- تراه وتسمعه ..

وكيف تفعل؟!

صورة ناصر تقف حائلة بين أهدابها وحدقتيها ..

صوته يدوي من جديد كالرعد وسط ظلمة روحها ..

_اعملي اللي تقدري عليه ..ولادنا يا سها ..ولادنا ..

تشعر بقدميها تعدوان من جديد دون إرادة منها ودون تفكير ..

البرد ينخر في عظامها وملابسها الممزقة لا تمنحها أي دعم هاهنا ..

لكنها تشعر ببرد من نوع آخر جمد الدماء في عروقها فلن تعود بعده لدفئها أبداٌ ..

ألمٌ حقيقي في صدرها يبدأ في الظهور مع تلاحق أنفاسها اللاهثة وهي تشعر أنها ستفقد وعيها تعباٌ في أي لحظة ..

لكنها تجاهد بكل ما أوتيت من قوة وهي تجر المزيد من خطواتها ..

لا تدري أي طريق تسلك ..ولا لأين تتجه ..

سينابون .. ج 1 .. ج 2 .. للكاتبة نرمين نحمد اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن