الفصل السادس عشر

15.7K 495 69
                                    

القطعة السادسة عشرة

=======

_أخيراً افتكرت إن ليك أم ؟!

تهتف بها سوزان بسخط وهي تستقبل رائد في بيتها لكنه يغلق الباب خلفه وملامحه تنبض بغضب كاسح :

_ليه ؟!

_ليه إيه ؟!

تسأله شاعرة بقرب ثورة بركانه وقد صدق حدسها عندما وجدته يهدر بانفعال غريب على قناعه المعدني المعهود :

_ليه تعملي كده في ياقوت ؟! ذنبها إيه ؟!

يتوهج وجهها ببريق شرس يناقض البراءة المصطنعة بحروفها :

_عملت إيه ؟!

يتحكم في انفعاله بشق الأنفس وهو منها يقترب منها ليمتزج غضبه بيأسه برجائه في خليط غريب:

_أنا فاهمك كويس زي ما فاهم جيلان هانم وعارف إنها مش ممكن هتعمل فيها كده من نفسها ..دماغها مش هتوديها للسكة دي ..انتِ قصدتِ تأذي ياقوت عشان تبعديها عن علاج همسة !

كان يمكنها الإنكار ببساطة لكنها هتفت به بحقد:

_أيوة ..ومش هابطل أبعدك عنها طول ما فيّ نفس ..مش هاسمح لمستقبل ابني يضيع !

_ابنك ؟! صحيح فارق معاكِ ابنك ؟! لو هاماكي سعادتي كنتِ حسيتي من زمان إنها مش هتبقى غير مع همسة وبس ..لكن انتِ مش شايفة قدامك غير الماضي ..مش شايفة غير عمي اللي سابك واتجوز بعدها مرتين ..حقدك القديم عاميكي ومش مخللليكي شايفة في همسة غير صورة النقص فيكِ انتِ !

هتف بها بثورة عارمة وهو يشعر أنه قد فقد آخر حدود احتماله ..مشهد همسة بأنينها الموجع عقب زيارتها ..مشهد ياقوت ملقاة على فراشها منهارة بلا حول ولا قوة عقب ليلة قضتها في السجن ..كلاهما يضع نصله في قلبه وهو يشعر أنه عاجز عن حماية كلتيهما والسبب ..السبب حقد قديم !!

_انت ؟! انت إزاي تكلمني كده ؟!

تهتف بها مصعوقة وهي تشعر أنه خرج بعيداً عن طوره المتحفظ معها ..لكن ما وضع النصل السام في قلبها حقاً هو أنه لمس الحقيقة العارية التي حاولت طمسها طوال هذه السنوات ...

_البنت دي خلاص أكلت عقلك لدرجة هتخسرك أمك ؟! عمك مين اللي ..اللي سابني و...و...معقول ..معقول بعد كل السنين دي هابقى لسه فاكراه ؟!

الغصة التي خنقت آخر حروفها بالبكاء كذّبت ما كانت تريد الإيحاء به ..

الدموع تتقافز لعينيها غزيرة وهي تستعيد لحظة بعينها توقف بعدها عمرها عن الدوران ..لحظة هجرها ذاك الرجل ليفسخ خطبتهما زاعماً أنها لا ترضيه ! يومها لم يطعن قلبها فحسب بل كبرياءها كذلك ..أقسمت ساعتها أن ترده إليها زاحفاً على ركبتيه ..نصبت شباكها حول أخيه ضعيف الشخصية تظن أنها بهذا تثير غيرته ..لكنه تزوج بعدها ببساطة كأن ليس لها وجود واضطرت هي لأن تكمل الطريق الذي سارته لآخره ..كانت تقارن بين زوجته وبينها فتجد نفسها الأفضل لهذا لم تكد تعلم بظروف مرضها الذي أقعدها حتى صرخت فرحاً وهي تعد نفسها للعودة إليه ..لم تأبه بكونها متزوجة من رجل وتربي طفله ..فالنداء القديم لقلبها العاشق كان لايزال يدوي بين جنباتها ..لكنه طعنها للمرة الثانية وهو يختار تلك المرأة عديمة القيمة التي تزوجها خفية لينجب منها طفلة ..

سينابون .. ج 1 .. ج 2 .. للكاتبة نرمين نحمد اللهDär berättelser lever. Upptäck nu