Pt24

2.7K 147 104
                                    

" فالتتناول من الكعك هذا امام أنظاري... حالاً"

ارتعد جميع من في الغرفة لنبرة صوت يونقي، وللأوامر الغريبة التي صدرَت منه.. رؤوسهم مليئة بالتساؤلات لا يرمش لهم جفن متفاجؤون مما يحصل هنا ومتوترون بشدة ولاسيما صاحب الشعر المجعد الذي لم يتوقف عن التعرق من شدة القلق والذي انعقدت حركته مع لسانه لموقفه هذا..


"ألم تسمع؟.. أتريدُ ان أكرر ما قلتُه؟"


أخفضَ هوسوك رأسه بأسى، لم يكن ترددُ تايهيونغ إلا لسببٍ ما، لو انه بريء لم يضع شيئاً في قالب الكعك لكان قد مضى لتنفيذ الاوامر بدون تردد..


"سيدي.. كـ-كن.. صبوراً معه.. ارجوك"

اردفَ هوسوك بيأسٍ شديد يرتجي أملاً بأن يستمع له الأكبر ويكون متساهلاً مع تاي قليلاً.. هو لا يعلم من أين له كل هذه الثقة ليتكلم مع يونقي هكذا وكأن له مكانةً خاصة لدى الأكبر او شيئاً من ذلك.. فكما هو متوقع يونقي لم يستمع له ولم يعطه أي رَد.. عيناه مثبتتان تماماً على تايهيونغ ينظر له نظراتٍ لا تَبدو عليها الرحمة..

لم يمضي كثيراً حتى جثى تاي على ركبتيه فلم تعد تستطيع ساقاه المرتجفتان حمله.. اخفض رأسه يُظهرُ نَدمه امامَ الأكبر..


"ا.. انا.... كنتُ أنوي قتلك! هذه هي الحقيقة سيدي، عاقبني كما تشاء، او أقتلني لم يعد ذلك مهماً"


شهقَ كل الحاظرين مصدومينَ من سماع ذلك بينما تنهدَ يونقي بعمق يشعر بالخذلان الشديد.. يكره هذا الشعور كثيراً، كم يكره ان يخذله شخصٌ مقربٌ منه، فقد مَرَّ بتجاربٍ كهذه في حياته وكم يكره تكرارها، تنهيدته العميقة خرجت من ثغره يحاول فيها التحكم بغضبه لعله يستطيع التحدث للاصغر بتعقُّل..



" وقد كُنتُ أثقُ بكَ اكثر من اي شخصٍ آخر"


"ما كان عليك أن تثق بي"



"تكلم بشكلٍ جيد ولا تثر غضبي، كيفَ لك ان تخونَ ثقتي بك؟ لقد عاملتُكَ بشكلٍ جيد، جعلتُ المنزل بأكمله تحت تدبيرك.. كيفَ لك ان تخطط لقتلي بهذه الطريقة "


" اجل سيدي.. لقد عاملتني بشكلٍ جيد.. جيدٌ لدرجة ان جسدي كان يتورمُ لأيامٍ إذا أخطئتُ او اخطأَ احدٌ في المنزل لانني اللعين المسؤول هنا.. كيف لي ان افكر بقتلك! كيفَ لك ان تسأل هذا؟ أخبرني ماذا قد افعلُ إذاً بعد أن اخذتَ مني اغلى ما املك.. لقد عشتُ خمس سنواتٍ معك معمياً واصماً واخرساً، آلةٌ لخدمتك وتنفيذ رغباتك.. لقد كَرَّستُ نفسي لخدمتك، سنواتٌ من العذاب عشتُها برفقتك لقد كانَ هناك كثيرٌ من الايام التي بكيتُ فيها لوحدي اتمنى فيها لو تختفي.. كانت فكرةُ قتلك تراودني في بعض الاوقات لكنني لم اكن املك الشجاعة.. ثُمَّ إذا بي اعتادُ الأمر لأجدَ نفسي راضياً بأفعالك وراضياً بقدري.. فعشتُ ابتغي رضاك واتجنبُ غضبك.. أخدمُكَ كما يجب واحذرُ الخطأ.. إلى أن فتحتُ عيناي فجأة ووجدتُ سنوات عمري تُسرَق مني.. قريباً سأصل الثلاثين من عمري وانا لم اجرب عيش يومٍ واحدٍ طبيعي.. فكرة الحرية عادت لرأسي لتؤرق نومي وتقتحمَ احلامي، أصبحتُ افكر بحياتي وسعادتي لو كنتُ حُراً.. الفكرة اغرتني حتى اخمص قدمي، حتى امتلكتُ الشجاعة لفعل امرٍ لم افكر بعواقبه.. لكنه قدري اللعين الذي يستمر بإعادتي إلى قدميك.. مهما كنتُ قريباً من الخلاص هذا القدر يستمر بجعلي اجثي امامك معتذراً باكياً.. الخطأ خطأي لأنني ظننتُ ان بإمكاني تغيير هذا القدر.. كم كنتُ احمقاً بفعلتي.. اعترف اني كنتُ احمقاً لذا فالتقتلني رجاءاً.. اقتلني ارجوك وخلصني من هذا الجحيم"


" إذا كنتَ تريد الموت، فتناول من السُّم الذي دسَسته في الكعك وحسب!.. إنك لا تملك الشجاعة لذلك.. إنك لا ترغب حقاً بالموت.. انتَ تريد كسب عاطفتي وحسب.. والخطأ خطأي لأنني لم التفت إلى الجانب اللعين من شخصيتك بل منحتك ثقتي التي لم تكن جديراً بها.. خذوه واحتجزوه في غرفته ريثما انظر ما افعلُ به "


" ح.. حاظر "

" أمرك سيدي "

اردفَ الثلاثةُ الحاظرين لتنفيذ الأمر بينما بقي تاي صامتاً لا يملك ما يقوله، هو وصلَ لأقصى درجات يأسه.. أن يستمع له الأكبر او يحاول فهمه او مسامتحه هو ليس حتى حلماً من احلامه.. بل حتى اعتذاراته لن تنفعه بشيء.. فلا يوجد هنا من يعرف يونقي أكثر منه.. كما انه يدرك ان فعلته لم تكن هيِّنة ولاسيما ان الأكبر كان واضعاً فيه ثقةً كبيرة..






........

في ساعة متأخرة من الليل..


لقد ارادَ النوم بشدة لكن جفناً لم يُغمَض له.. ما حصلَ كان صادماً للغاية وقد أفشلَ جميع مخططه..


"تاي الاحمق.. كيف له ان يكون بهذا الغباء.. لقد خرَّبَ جميعَ خُططي في الوصول لقلب يونقي.. لقد أردتُ ان أُشعِرَه بالحُب لعله يبادلنا ببعضٍ منه.. لقد أردتُ تدفئةَ قلبه الجليدي ببطىء حتى يلين ويستمع لنا ولآلامنا أخيراً.. لكنه خرَّبَ كُلَّ شيء.. والآن اشعر بالألم وحسب"


إشتدَّ الالمُ في قلبه حتى شعرَ بالاختناق.. نهضَ من سريره يرغب بالخروج لإستنشاق بعض الهواء..


اخذَ يسيرُ في أرجاء المنزل يتوجه نحو المطبخ هاماً بشربِ كوبِ ماء قبلَ الخروج للحديقة قليلاً ليلفتَ إنتباههُ صحون الحلويات و الاواني التي كانوا يُعِدُّونَ بها انواع المأكولات.. والتي تُركَت على حالها في المطبخ.. ليتذكر كيفَ كان متحمساً لمفاجأة يونقي وإدخال السرور لقلبه..


"لقد تدمرَ كُل شيء"

تحدث بأسى شديد يكادُ يبكي على ما آلَت إليه الامور..

وقبل ان يخرج من المطبخ وقعت عينه على طعام العشاء الذي قاموا بإعداده معاً ليجد أنه لم ينقص منه إنشاً واحد..


"ماهذا! ألَم يتناول يونقي عشاءه؟"



لقد ظنَّ انه الوحيد الذي لم يتناول العشاء لكنه تفاجئ برؤية الطعام كما هو.. لقد اقلقه ذلك.. وأشدُّ ما اقلقه هو حال يونقي.. أهو غاضبٌ لدرجة أنه لم يعد يرغب بالأكل!.. ام أنه يائسٌ وحزين..

لم يستطع تجاهل قلقه حول الاكبر ليقرر حملَ صينية الطعام والتوجُه بها لغرفة يونقي.. ولم يفكر كثيراً بالعواقب بل سارَ فقط كما أملَت عليه عاطفتُه..



وقفَ امام باب غرفة يونقي ليطرقه بخفة..

" ماذا لو انه نائم؟! "


للتو تذكر انها ساعة متأخرة من الليل وان الهيونق قد يكون غارقاً في نومه.. لكنه قد وصل إلى هنا ومن الخسارة ان يعود أدراجه دون أن يفعل شيئاً.. لذا قرر الدخول بهدوء لأجل وضع صينية الطعام قُربَ سرير يونقي بعد ان يُلقي نظرةً سريعةً يطمأن فيها عليه... وبالفعل لم يتردد في الشروع بذلك إذ فتح باب الغرفة بهدوء ليدخلها بخطواتٍ بطيئة للغاية يحاول عدم إثارة أي ضجيج... وعندما وصل منتصف الغرفة فتحَ عيناه منصدماً مما رآه..








من تكون يامَن مَلكتَ قلبي؟ Y.SWhere stories live. Discover now