من تكون يامَن مَلكتَ قلبي؟ Y.S

Pt38

الغُرفة باردة والهدوءُ يُحيطُ ذلكَ المنزِل، أمطارُ أكتوبَر بدأت تَهطِل.. صوتُ إرتدادِ قطراتِ المَطر إختلَطَت مع صوتِ أنينِه الباكي..

يشعرُ بالألم الشديد، يشعرُ بحملٍ ثقيلٍ على صدره، مهما بكى ومهما انتحَب.. لا يتوقف ولا يُخفَف عن صدره ثِقلُ الاَلم.. يشعرُ بأن الانفاسَ تخرج منه بصعوبة، يشعرُ بالإختناق.. لقد كانَ العالمُ قاسياً عليه.. لقد بدأ يشعر بأن هذا الالم لن ينتهي أبداً.. طالما هو مُستمرٌ على قيدِ الحياة، فهو سيشعُر بالمزيد من الالم.. إذَن لماذا عليه أن يبقى حياً؟..

لقد بدأ يُفكر في مدى تفاهة حياته.. لقد كانَت حياتُه بلا قيمة.. لقد فقدَ جميعَ من أَحبَّهُم.. لطالما كانَ قدره قاسياً.. إذَن لأجل ماذا عليه أن يستمِر؟ لأجل ماذا عليه أن يحمل هذا الالم الى الابد؟!.. ألَم يحن الوقتُ أخيراً ليرحمَ نفسه.. ويُخلِّص روحَه المُتعذِّبه مِن كُلِّ هذا..

" مِن المُضحِكِ أنهُم يريدونني أن اكونَ سعيداً.. لو كنتُ إنساناً طبيعياً لكنتُ سعيداً حتماً، لكن لعينٌ وبائسٌ مثلي سيفاجؤكم بمدى قُبحِ قلبِه"

إرتدَ صدى صوته في أرجاء غُرفته.. لقد بدا له وكأن كُل شيءٍ يريدُ أن يَفتِكَ به.. كُل الذي حولَه يُريدهُ ميتاً.. لقد أصبحَت فكرة الموت مُغرية كُلما اشتدَّ الالمُ مع الوقت.. جدرانُ الغرفة أصبحت ضيقة.. بل العالم بِوسعِه اصبحَ ضيقاً لدرجةٍ تخنقُه.. يشعرُ بأن وجودَه كان غلطةً إرتكبها القَدَر، مُحاصرٌ بقدرٍ لعينٍ يستمرُ بتعذيبه كي يُذكره بخطأِه.. يشعرُ بأن عليه أخيراً أن يستمع لِلنداءِ الذي يطالبُه بإزهاقِ روحه.. لقد عاشَ لسنين طويلة دونَ أي فائدة.. دونَ أن يشعُر بالمحبة.. فقد سُرِقَ جميع من إهتمَ لأمرهم منه واحداً بعدَ الآخر.. هو فقط لم يعُد قادِراً على الإستمرار أكثر..

" لقد أخبرتهم بأنني ذاهب للنوم.. لَم أكُن أكذِب.. أنا ذاهب للنوم إلى الابد.."

إبتسمَ بجانبية يسخرُ من ذاتِه.. ليُقررَ تركَ مُلاحظةً صغيرة عندما بدأ يشعرُ بالذنب تجاه رِفاقِه..

(أنا آسف.. آسف حقاً لتخريب لحظاتِ السعادة الخاصة بكم، أعلم أنها ستكون لحظاتاً حزينة بسببي.. لكن كونوا سعداء بأنني أخيراً سأكونُ نائماً براحة.. أخيراً سوفَ أتخلص من الالم.. أعلمُ أنها ستكون ذكرى حزينة وانا حقاً أطلب المغفرة، لكن سامحوني، فقد حاولت، إلا أن الالم كانَ أقوى مني، إنني أرغب بالتخلص من هذا الالم بالطريقة الوحيدة التي تبقَت لي.. شُكراً على كُل شيء.. لقد قضينا معاً أياماً جميلة.. لقد استطعتُ أن أضحَك بسعادة معكم.. أتمنى ان تنظروا للأمام وأن تكونوا قادرين على الإبتسامة بسعادة ثانيةً.. خارج جدران هذا المنزل تماماً كما تمنيتُم دائماً)