الفصل السابع عشر :

32 18 10
                                    

عادت سالي للمنزل في هدوء ، هي تتذكر الحادث الذي حدث لمريم ، دقت الباب بهدوء ، فلم يفتح أحد الباب فأخذت نفس عميق و فتحت الباب بمفتاح الذي أخرجته من جيب حجابها دخلت ، كان المنزل مظلم فأشعلت الأضواء ، فقابلها رواق طويل ، تتخلله بعض الأبواب ، خلعت خمارها ، فنسدل شعرها الأسود على طرفي وجهها ، ثم خلعت حجابها ، إقتربت من احد الغرف ، فرتجفت عيونها و شفتيها و أخذت تتنفس بصعوبة ، أخذت نفس عميق و دقت الباب
فأتاها صوت متعب من الداخل : أدخل
فوضعت يدها على مسكة الباب و يديها لا تزال ترتعش ، فبلعت ريقها و فتحته ، فقابلها رجل كبير في السن جالس على كرسي متحرك ، كان يبدو عليه الضعف و التعب ، كان رأسه مائلا على جانبه الأيمن ، و قد كان يضع قناع موصول بقارورة أكسجين و أما يده اليمنى فقد كانت مربوطة بقارورة للمغذيات ، و في أسفل الكرسي المتحرك يظهر كيس للبول أكرمكم الله
الرجل و هو يحرك فمه بصعوبة بنبرة متألمة تحمل في طياتها الكثير من الحزن و الندم و الخجل و بعض من السعادة : سا..ل..ي ، سالي ... عزيزتي لق.د أتي.ت أخيرا
سالي بإبتسامة لطيفة مرتعشة : أنا هنا أبي
الأب و قد بدأت الدموع تنزل من عينيه بغزارة : أنا ... أنا ... سعي..يد ، سعيد ..جدا بعو.دتك ، ش..شكرا... شكرا لك...لأن..لأنك...لم ت..تتخلي ع..عن وال...والدك ... ال..النذل و ...العج..وز
إقتربت سالي ببطيء و الدموع على حافة عينيها ، فقتربت من والدها و جلست على ركبتيها ، و مسحت دموع والدها و هي تهز رأسها بالنفي
سالي و هي تبكي : أبي ، أرجوك لا تقل ذلك مرة أخرى ، فكيف أتخلى عنك و لم يبقى لي سواء و أخي حيدر في هذه الحياة من بعد الله
فوضعت يديها المرجتفتين على يديه
سالي و هي لا تزال تبكي : آسفة لأنك لم تراني هذين اليومين ، لقد... لقد حدثت أشياء لا يمكنك تصديقها ، هل تعرف صديقتي سمر ، لقد خطفت البارحة صباحا و والدتها الآن في المستشفى فقد تعرضت للحادث أمامي ، رغم... رغم أني كنت هناك ، و قد ....كان علي حمايتها وهي .... في تلك الحالة و لكني لم أستطع .... ( فنفجرت باكية أكثر ) ماذا سأقول لسمر عندما تعود أو لحيدر ، هل أقول لها .... أن والدتها ... قد تركت أمانة لدي و لم أستطع....لم أستطع حفظ تلك الامانة
فأخذت تبكي بحرقة على قدميه ، كان والدها ينظر إليها بتأثر شديد ، فقام برفع يده بصعوبة و هي ترتعش و وضعها على رأس سالي و مسح عليه بهدوء
الأب و هو يبكي : لا ... بأس عزيزتي.... كل شيء... سي..سيتصلح....بإذن...الله
إندهشت سالي من الأمر فتسعت حدقتى عينيها و نظر في والدها بإندهاش
سالي و هي تمسح الدمعة على طرفي عينيها : أبي... أبي هذه.... هذه المرة الأولى التي تمسح فيها على شعري
الأب بإستنكار : غير .... صحيح ... لقد كن....كنت... أم
...  أمسح على.... شعر....شعرك....كثيرا و أن...و أنت ط...طفلة
سالي و قد أخفظت رأسها في حزن ، ثم رفعته و إبتسمت إبتسامة مريرة
سالي : هكذا إذا ، يبدوا أني قد نسيت ذلك
سالي بإبتسامة ممزوجة بخوف و حزن : إذا سأذهب لآتي لك ببعض الطعام و ....و سأنظف المنزل ، فأخي خيدر قادم للمنزل.... أيضا
فغادرت الغرفة بسرعة ، أما والدها فنظر في يديه و الدموع تملأ عينيه
الأب بصوت مخنوق : لقد.... ك ..كنت محقة ... فأ... فأنا لم.... أم...أمسح....على...ش ... شعرك... قط
الأب في نفسه بحزن و ندم شديدين و قهر : آخ يا عصام ، أنظر لما فعلته في نفسك ، أنظر كيف حالك الآن و أنظر من يعتني بك الان .... الأشخاص الذين رميتهم و كرهتهم و عيشتهم العذاب ، هم أنفسهم من يقدمون لك كل شيء ، رغم كرههم الشديد لك و خوفهم منك إلا أنهم لا يزالون يعتنون بك و يقولون لك أن والدهم و لكن أي والد كنت أنت لهم .... فأنت لم تقدم لهم أي شيء و لا حتى بعض من الحب.... و الآن أنت تشعر بالخجل الشديد.... يحق لك أن تخجل بل عليك أن تدفن رأسك في الأرض من الخجل ، أتمنى فقط أن يغفرو لك و أن يغفر لك الله
رفع عصام يده بصعوبة نحو لوحة التحكم الموجودة على الكرسي و قام بتحريك كرسيه للأمام ، و تقدم ناحية إحدى الغرف
من ناحية أخرى كانت سالي داخل إحدى الغرف و يبدو منها أنها غرفة والدتها ، إقتربت سالي من النافذة و قامت بفتحها ، فتسلست أشعة الشمس لداخل الغرفة لتنيرها ، إلتفتت سالي ناحية إحدى الصور المعلقة على الجدار ، و لكنها لم تكن واضحة جدا بسبب سقوط أشعة الشمس عليه ، إقربت سالي منها فبدأت الصورة تتوضح بسبب إنحجاب الأشعة عن اللوحة ، حملت سالي اللوحة و إمتلأت عيونها بالدموع
سالي بصوت مختنق : أمي ...
كانت اللوحة تضم كل من سالي و حيدر و هم أطفال و والدتهم التي كانت تبتسم بهدوء ، لمست سالي وجه والدتها بهدوء بطرف إبهامها ، فنزلت دمعتها على زجاج الصورة
سالي و هي تبكي بحرقة : أمي .... لماذا تركتنا لوحدنا و ذهبت يا أمي .... لقد إشتقت لك كثيرا و أنا في حاجتك و حيدر في حاجتك جميعنا في حاجتك الآن أكثر من أي وقت مضى ، أريد أن أرتاح أريد أن أنام في حضنك أمي .... أريد أن أشم عطرك الفواح و أشعر بلمستك الحنون على رأسي ، أريد أن أسمعك و أنت تخففين عني و أنت تقولين " لا بأس عزيزتي " ، أريد أن أتناول الأكل الذي كنت تصنعينه بيديك و أشرب القهوة التي لا تزال رائحتها عالقة في أنفي ، أريدك أن تعودي لي حقا.... يا أمي
فستلقت على السرير و هي تضم صورة والدتها ، كان عصام أمام الباب و هي يبكي من قلبه بحرقة و لكن دون أن يصدر أي صوت .

رزمة من الاسرار ( الموسم الأول ) Where stories live. Discover now