الفصل التاسع عشر : علاقة غريبة

28 18 8
                                    

وصلت سيارة منير للمنزل ، فقام السائق بفتح الباب له
لظل منير ينظر للسائق بنظرته ناعسة المعتادة
منير في نفسه : لقد وصلت للمنزل ، آخ لماذا لا يوجد سرير أمام مدخل المنزل
ثم تنهد بعمق ، فوقف و إتكأ على السائق ، فساعده السائق في المشي دون تذكر
منير بإبتسامة : ألست منزعج
السائق بدون أي تعابير : سيد منير أنا خادمك و ليس لدي الحق بالإنزعاج
منير بإبتسامة : بل لك الحق ، إسمعني يا وليد الوحيد الذي لا يحق لك الإنزعاج منه هو خالقك ، فقد رزقك الكثير فقد خلقك و أحسن خلقك و رعاك و أعطاك ما تتمناه و إن أخذ منك شيء بعدها فذلك سيكون إختبار لك و عندها يجب عليك أن تصبر و لكن ليس عليك أن تصبر على شخص مثلي لأني سأتمادى
وليد بإبتسامة : سيدي ألم تتعمد ترك ثغرة في كلامك
منير بإبتسامة : بلى لقد كشفتني
وليد بهدوء : و لكنك قد أخطأت في شيء يا سيدي ، أنت لست إبتلاء لأصبر عليه ، أنت هدية أهداني إياها الله و سأعمل على خدمتها و المحافضة عليها ما دمت حي
منير بإبتسامة : لا أعلم ما إن كنت غبي أم ذكي ، بصراحة نوعك يصعب علي التعامل معه و دائما ما يشعرني بتأنيب الضمير
وليد بهدوء : ليس عليك ذلك يا سيدي ، فأنا سأنفذ أوامرك حتى لو عنى ذلك التضحية بحياتي دون أن تلجأ في إقناعي للف دوران
منير بإبتسامة : إتضح أنك من النوع الذكي لدرجة الغباء
وليد بإبتسامة هو الآخر : إعتبرني كذلك لا أهتم
توقف منير و نظر في السماء المرصعة بالنجوم
منير بهدوء : حتى السماء لم يتركوها ، فنحوم قد فقدت بريقها بالفعل أتسائل كيف سيعرف الصيادون الطريق الآن لو ضاغو في البحر
ظل وليد ساكت لفترة و هو يتأمل النجوم ، ثم نظر في منير بإبتسامة
وليد : هل تريديني أن أجيبك على التعبير الحقيقي أم المجازي
منير بإبتسامة : لا تتعب نفسك أن أعرف ما تريد قوله بالفعل و لكن ذلك سيكون صعب ، صعبا جدا
وليد بهدوء : صعب و لكن ليس مستحيل
منير بإبتسامة و نظرة ناعسة : لو كان مستحيل لما أتعبت نفسي في محاولة حله
فقاطعهم صوت من الخلف : أريد فقط أن أفهم ما تقولونه ، كلامكم كله مشفر
فلتفت وليد و إبتسم
وليد بهدوء : أهلا سيد فريد ، مرحبا مراد
كان فريد قد وصل رفقة سكرتيره و مساعده مراد
منير بإبتسامة : لست في حاجة لتفهم فريد ، أتركلي دماغك لأشياء أهم
فريد و هو يضحك : حسنا ، حسنا و لكن على الأقل إرحم وليد من حملك
منير و هو ينظر في فريد بنصف عين : إن أشفقت عليه لهذه الدرجة فقم أنت بحملي
فقترب فريد من وليد و ضرب كتفه بهدوء
فريد بإبتسامة خلابة : إرتح أنت دعني أحمله عنك
وليد بإبتسامة : لا ، هذا عملي سيد فريد
فريد بإبتسامة : أعلم و لكن أريد أن أحمله اليوم و إذهب أنت لترتاح فأنا أعلم كم أن منير ثقيل و وزنه يكسر الظهر
منير بإنزعاج :حددو بسرعة لأني قد تعبت من الوقوف
فريد و هو يضحك : يا لك من كسول ( ثم نظر في وليد ) هيا أتركني سأحمله أنا اليوم و لن أوافق على غير ذلك
وليد بإستسلام : حسنا سيد فريد
فريد و هو يضحك : ليلة سعيدة وليد
ثم إلتفت وليد ناحية منير و نظر له بإبتسامة  
وليد : ليلة سعيدة سيد منير
فأغلق منير عينيه كإشارة توديع ، فبدأ فريد بالضحك
فريد : يبدو أن منير قد وصل لأقصى حدوده من التعب
فوقف قبله و حمل منير على ظهره
منير بنبرة ناعسة و عيون شبه مغمضة : ماذا تفعل
فريد بإبتسامة : هل تتظاهر الآن بالإستغراب ، هذه ليست المرة الأولى التي أحملك فيها ( فأخذ يضحك ) هذا حقا يعيد لي العديد من الذكريات
فظهرت صورة لطفل يحمل أخاه على ظهره أمام أعين فريد
فريد و هو شارد : لقد مرت فترة طويلة حقا
أكمل فريد حمل منير المسافة المتبقية ، و أدخله المنزل ، دخلا المصعد فأنزل فريد منير من على ظهره ، و ضغط الأزاز فصعد المصعد و توقف في الطابق الاول
فريد بقلق : هل تريدني أن أدخلك للداخل
منير بإبتسامة و هو شبه نائم : لا أستطيع الذهاب لوحدي الآن
فخرج منير من المصعد و ضغط على الزر فصعد فريد للطابق الثاني ، فتح منير الباب بمفتاحه الخاص و دخل ، كان المنزل مضاء بإضاءة خفيفة مريحة للأعصاب ، خلع أحذيته أمام الباب و أغلق الباب بطرف قدمه ، دخل ببطىء للمنزل متجها نحو غرفة الإستقبال لقابله جسد رشيق مستلقي على أحد الكنبات و مرتدي شورت قصير زهري من النوع الرياضي و قميصه ، كان يعود لفتاة في العشرينيات ذات شعر بني حريري و عيون بنية كبيرة و بشرة بيضاء ناصعة من يراها يظنها منحوتة من شدة جمالها ، كان تأكل رقائق البطاطس و هي تلعب على الهاتف
فضحك منير بهدوء فإنكمشت عيونه الناعسة و برزت غمازاته
منير و هو يضحك : ما الذي تفعلينه
رفعت عينها ناظرة إليه بغرور مع تحرك رموشها الكثيفة و إبتسامة شقية : ظنتك تكره هذه الأسئلة الغبية ( مع التشديد على لفض كلمة غبية )
رمى منير بجسده على الكنبة المقابلة له و هو يبتسم : أكرهها و لكن أحيانا أظن أنه علي العيش كشخص غبي فربما قد أكون سعيدا
الفتاة و هي تنظر إليه بهدوء : هل أنت جاد أم تحاول التكلم فقط
منير و هو يضع وجهه تحت كفه بإبتسامة : كنت أريد فقط معرفة مدى معرفتك لي
فأخرجت الفتاة نفسا عميقا ثم عادت لتناول رقائق البطاطس : الحمد لله أنه لم يحدث شيء لعقلك ..... أما محاولة إختباري فأظنها كانت فاشلة هذه المرة
فنفجر منير ضاحكا حتى متلأت عينيه بالدموع ، أما الفتاة فقد ظلت تنظر فيه بإستغراب
منير و هو يضحك : ألم نتفق أننا المجانين يا نيا
نيا بعد أن وضعت رقاقة البطاطس في فمها و أحكمت إغلاقه واضعة سبابتها على فمها و هي فاتحة عينها على آخرها بهدوء : نسيت مراجعة الدرس يا أستاذ
إستمر منير بالضحك ثم عض طرف إبهامه من طرف أسنانه مع بروز صف أسنانه المتلألأة و هو ينظر في نيا بهدوء
نيا بإستغراب : ماذا هناك
منير بهدوء : لن تصدقي لو أخبرتك
نيا بهدوء و قد عدلت جلستها لجلسة أكثر جدية : تكلم شغلت بالي
منير بجدية : إكتشفت أنه قد مر 6 سنين على زواجنا
فنفجر الإثنان ضحكا فرمت نيا على منير رقائق البطاطس
نيا و هي تضحك : ما الذي يحدث لك اليوم
منير و هو يضحك : أردت أن أبارك لك فقط على الزواج من شخص مثلي
وقفت نيا بهدوء و إبتسامة و إقتربت من منير فجلست في حضنه
نيا بحزن : منير ماذا حدث معك ، أنت لا تتصرف بهذه الطريقة إلا عندما تكون حزين
منير بهدوء و إبتسامة : ألم تقولي أنك قد نسيتي مراجعة الدرس
نيا و هي تنظر له بنصف عين : كذبة بيضاء
فأخذ منير نفس طويل ثم نظر في نيا بهدوء : نيا أحيانا تكون هناك أمور من الجيد عدم التكلم فيها ، أشياء كلما تسترنا عليها و أخفيناها كان أحسن و أفضل ، نيا إسمعيني ( بعد أن وضع يده على كتفها ) لكل شخص شيء يخفيه على العالم و إلا لما وحدت كلمة سر صحيح
ظلت نيا تنظر في منير في هدوء ، فبتسم و ضمها إليه
منير بهدوء : لا تشغلي بالك ، نامي و إرتاحي
نيا بهدوء : ألست جائع
منير بإبتسامة و هدوء و هو مغمض العينين : أعلم أنك لم تنهضي من الأريكة لصنع العشاء و أنا لست جائع لتلك الدرجة ، سأشرب قهوتي غدا في المكتب
نيا بإبتسامة : ماذا لو قلت أني قد صنعت العشاء
منير و هو ينظر في نيا بنصف عين : عندها سأشك أني فريد و لست منير
نيا بحماس : إذا عليك أن تجهز نفسك ..... لأني لم أصنعه حقا
فأمال رأسه كميت فنفجرت بالضحك بينما إبتسم هو بهدوء
منير بهدوء : لم أنتظر منك شيء على كل حال
فنام على قدميها ، فبدأت تداعب شعره بهدوء و ظلت تنظر له فترة و هي ساكتة
منير بهدوء : هل تريدين قول شيء
نيا بصوت هاديء : لا ، لا شيء ، لماذا تسأل ؟
منير بهدوء بعد أن تنهد : تكلمي فقط ، أعلم أنك تريدين قول شيء
نيا بهدوء : بصراحة .... ريا حامل
فرفع رأسه بسرعة و بدأ بالسعال
منير و هو يسعل : ماذا ، كيف و منذ متى
نيا بهدوء : عرفت منذ يومين
منير و قد هدأ قليلا : هل فريد يعلم
نيا بإبتسامة : لا ستخبره اليوم .

رزمة من الاسرار ( الموسم الأول ) Where stories live. Discover now