الفصل الثالث و العشرين :

26 17 0
                                    

مشهد قبل بضعة سنوات :
قفز طفل بحماس على ظهر رجل في الأربعينيات من عمره و هو يصرخ : أبي أبي خذني معك
فأداره الأب و هو يضحك و حمله بين يديه
الأب بحب : فريد حبيبي ، بابا لديه عمل مهم اليوم لهذا لا يستطيع أن يأخذك معه و لكن أعدك أني سآخذك معي المرة القادمة
فريد بإستياء : لا أرجوك أبي خذني معك
الأب بحنان و بعض من الصرامة : فريد حبيبي أنظر لمنير كيف يجلس بهدوء ( كان منير يرسم على ورقة بعيون مركزة و شغوفة ) أريدك أن تنتظرني لفترة مثله و سأعود و آخذك معي
فريد بإستياء : و لكن يا أبي
الأب بصرامة : فريد هذا يكفي ، قلت لك أن تنتظرني لفترة لماذا لا تفهم
فمتلأت عيون فريد بالدموع و هو ينظر لوالده في غضب
فريد صارخا : أنا أكرهك أنت لا تحبني و لا تحب أخي منير و لا أريد التكلم معك بعد الآن ... إذهب بلا رجوع
فهرب فريد مغادرا المنزل
الأب صارخا : فريد عد إلى هنا ، كيف تكلم والدك بهذه الطريقة .... فريد
ثم نظر في منير بنصف عين
الأب بإنزعاج : منير إذهب و أعد أخوك للمنزل
منير بهدوء و هو لا يزال مركزا في الرسم : لا تقلق سيعود بعد قليل أنت تعرف كم أن فريد غبي يغضب بسرعة و لكن لينه أسرع بكثير ، سأذهب إليه بعد دقائق سأتركه الآن ليراجع نفسه
الأب بهدوء و هو ينظر في منير بنصف عين : أنت من تكون ؟
منير بإبتسامة : إبنك الأصغر منير لماذا ؟ هل بدأت تعاني من الخرف
الأب صارخا : تأدب أنت تكلم والدك
منير بهدوء : أعتذر أبي و لكنك تعرف أني أكره الأسئلة الغبية
فوقف بهدوء إقترب من الباب
منير بهدوء : أنت لا تقلق إذهب للعمل و عندما ستعود ستجد أن فريد قد عاد و هو يلعب و يمرح و قد نسي كل الأمر
فغادر منير بهدوء فنظر الأب للرسمة لقد كانت رسمة ليد إصطناعية بشكل مفصل فأخذها الأب بتردد و أخفاها في جيبه و فجأة شعر بحركة شخص داخل المنزل فلتفت بخوف
من الناحية الأخرى :
كان فريد يبكي داخل أحد السيارات القديمة المركونة داخل محل مهجور ، فدخل منير و جلس أمامه
منير بهدوء : ألم تنتهي من النحيب بعد
فنظر فريد في منير بنصف عين و عينيه مملوءة بالدموع
فريد بإنزعاج : هل أتيت إلى هنا لإزعاجي
منير بهدوء : لا ، أتيت لأن والدي قد طلب مني ذلك
فريد بإنزعاج : و لماذا أرسلك أنت و لم يأتي بنفسه
منير بهدوء : إلى متى ستبقى أحمق ، أبي لديه عمل مهم فلو سايرته قليلا اليوم لأخرجك الأسبوع هذا كله لأنه أب لطيف و سيشعر بالذنب و لكنك قد تصرفت بغباء و جعلته غاضب منك لهذا فعلى الأغلب سيفكر ألف مرة قبل أن يفكر في إخراجك للتنزه مرة أخرى
فريد بإستغراب : لماذا
منير بهدوء : لأنك تصرخ على والدك و لا تحترمه أتريده أن يخرجك معه لتصرخ عليه كما فعلت معه اليوم فيفقد إحترامه أمام الناس
فأنزل فريد رأسه نادما
فريد بتوتر : و ماذا أفعل الآن
منير بهدوء : عليك أن تعود معي للمنزل و تجلس بهدوء و تعتذر من أبي عند عودته حسنا
فريد بهدوء : حسنا
منير و قد وقف مادا يده لفريد " هيا لنعد للمنزل "
فأمسك فريد يد منير بإبتسامة
فريد بهدوء : صحيح ما الذي كنت ترسمه
فلتمعت عيون منير بحماس " لقد رسمت يد إصطناعية رائعة .... هل تعلم ماذا يا فريد الميكانيك و الروبوتات مدهشة بالفعل كل شيء فيها يسحرني "
فريد بإستغراب : ما الشيء الجميل فيها
منير و هو يركض بسرعة للخارج صارخا " هيا لنعد للمنزل بسرعة و سترى كم هي رائعة "
فركض فريد خلفه بحماس " حسنا إنتظرني "
فأخذو يركضون للمنزل ، فوصل منير أولا فأخذ يلتقط أنفاسه مادا ظهره للأمام ممسكا ركبتيه ، فجأة سمع صوت ضرب قوي ، فضاق بؤبؤ عينيه و تحول وجهه للأصفر
لقد كان الباب مفتوح قليلا فبلع ريقه و تقدم بصعوبة لفتحة الباب و أخذ يسترق النظر منها ، فرأى آخر شيء كان ينتظره مجموعة من الرجال الضخام يمسكون والده من كتفيه و آخرون يضربونه و قد كان هناك شخص جالس على الكرسي وجهه معطى بشال أسود و قد يبدو عليه القسوة
الشخص بصوت بارد تقشعر له الأبدان : تكلم أين إبنك
الأب بتألم : ليس لدي أي إبن
فأشار الشخص لأحد الرجال الضخام بطرف إصبعه فبدأو بضربه مجددا
كان منير ينظر لما يحدث و هو مصدوم و يرتعش من الخوف ، كانت عيونه قد متلأت بالدموع و لكن لا يستطيع فعل شيء ، فجأة تقدم فريد بسرعة من منير فأغلق منير فمه قبل أن يتفوه بحرف و أشار له بالسكوت ، كان فريد مستغرب مما يحدث فعاد منير لنظر من شقة الباب فتبعه فريد الذي إنصدم هو الآخر مما رآه
فجأة و أثناء ضرب الأب سقطت رسمة منير من جيبه ، فأشار الشخص لأحد الرجال الضخام فأعطاها إياه و ما إن فتح عينيه حتى إتسع بؤبؤ عينيه ثم إبتسم بشر
الشخص ببرود : قلت أنه ليس لديك أطفال إذا
الأب بتعب و ألم : نعم ليس لدي
الشخص ببرود و نظرة شريرة : إذا أخبرني من رسم هذه الرسمة
الأب بتوتر : أنا... أنا من رسمها
فوقف الشخص و إقترب من الأب و رفع رأسه عن طريق شد شعره
الشخص بصوت مملوء بالشر : هل تظنني غبي أم ماذا ، هذا الرسم ليس رسم أي شخص هذا رسم شخص محترف و ذكي بشكل لا يصدق لذا أخبرني أين هو ، أعلم أن لديك إبن يعاني من متلازمة الموهوب و قد سمعت أنه موهوب بالميكانيك و يعشق الروبوتات
الأب بتعب : إسمع ... أنا.... لا أعلم... حقا لا أعلم عما تتكلم .... أنا ليس لدي أولاد.... هذه الرسمة لي حقا
فركله الشخص بقوة على وجهه
الشخص و قد بدأ صبره ينفذ : أتظنني لا أعرف أنا أعرف كل شيء عنك أعرف أنك لست سوى بائع ألبان لا يفقه شيء في الميكانيك و لا الرسم ، حتى أنك لا تجيد رسم دائرة ، و أعرف أنك مديون و أنك تخفي إبنك و من المديونين لهذا لا تخرجه معك إلا قليلا لهذا إسمعني جيدا أعطنا الطفل فقط و ستنتهي كل مشاكلك و إلا
فنظر له الأب بإبتسامة و تعب : لقد قلت لك أنه ليس لدي أي إبن
الشخص بعد أن أشار لرجال الضخام : أقتلوه و دعونا نعثر على الطفل لابد أنه يختبأ في مكان ما في المنزل
فضاق بؤبؤ عيني كل من فريد و منير ، فلتف الرجال حول بعد أن أجلسوه على ركبتيه
أحد الرجال الضخام : أنت غبي لو تكلمت لما إنتهى بك الأمر هكذا
فإبتسم الأب إبتسامة مشرقة فأطلق الرجل عليه عدة رصاصات فسقط على الأرض ميتا
فريد و هو مصدوم : أبي...
كاد يصرخ باكيا " أبي " و لكن منير وضع يديه على فمه و هو مصدوم ، فأخذ يحاول إبعاد فريد من المكان بينما كان فريد يحاول أن يفتك من قبضة منير و لكن منير كان أقوى و إستطاع الإبتعاد رفقة فريد عن المكان و ما إن دخلو للغابة حتى أفلت منير فم فريد الذي أخذ يصرخ باكيا " أبيييييييييييييييييييييييييييي " بينما سقط منير على ركبتيه و هو مصدوم ، لقد كان مشهد موت الأب لا يغادر رأس منير لقد كان كشريط مزعج عالق لا يتوقف عن التكرر و هو لا يتسطيع فعل أي شيء ، وضع منير يده على إذنيه لعلا تلك الأصوات ستختفي و لكن كيف ستختفي و كل شيء يحدث داخل رأسه
كان منير يكرر و هو مصدوم قول : هذا ليس سوى كابوس ، أجل هذا كابوس ( فستلقى على الارض بهدوء و هو يضحك بطريقة غريبة ) أجل ما إن أستيقظ حتى أجد نفسي على السرير و سيوقظنا أبي كعادته .... أجل هذا ما سيحدث
إلتفت فريد لمنير و هو مصدوم
فريد بإنصدام : أنت السبب.... لو لم ترسم تلك الرسمة الغبية لما كان أبي قد مات.... نعم أنت السبب..... أنت السبب
فقترب من منير بسرعة و أخذ يخنقه بكل قوته ، مكررا قول " أنت السبب..... أنت السبب "
كان منير منصدم و يحاول إبعاد فريد عنه و بصعوبة نجح في ذلك و رماه بعيدا فوقف منير بسرعة واضعا يديه على رقبته
منير صارخا : هل جننت
فريد صارخ هو الآخر : أجل لقد جننت ، لقد مات أبي بسببك أنت لو .... لو ترسم تلك الرسمة اللعينة لكان معنا الآن
منير صارخا : حقا أبي مات بسببي إذا و ماذا عنك ؟ ، هل تظن أن لا علاقة لك بالأمر ، الرجال كانو يبحثون عن الطفل الذي يخرجه أبي في العادة و ذلك الطفل هو أنت و هم في البداية لم يكونو يهتمون أي طفل يأخذون حتى رأو اللوحة و لا تنسى لو أنك لم تغادر المنزل و تفتعل كل تلك الدراما لكان أبي قد غادر لعمل و ما كان ليحدث كل ما حدث.... أبي قد مات بسببنا كلينا و لكننا.... و لكننا لسنا القاتلين و بدل أن نلوم بعضنا البعض علينا أن نقف في صف بعضنا البعض ، لننتقم من الشخص الذي قتل أبانا هل فهمت ، فبينما نحن نتشاجر ذلك الشخص يبحث عنا الآن و بينما أبي قد مات فذلك الشخص سيكمل حياته و كأنه لم يحدث أي شيء ، لهذا يا فريد علينا أن لا ننسى أن أبانا قد مات لأجل حمايتنا لهذا علينا أن ننجو من يدي ذلك الشخص أولا ثم نفكر في طريقة للإنتقام ، حسنا
فحرك فريد رأسه موافقا فحظن أخوه بقوة ، ثم بدأو في التعمق في الغابة أكثر
فعاد منير للواقع ، فوضع شعره تحت الحنيفية فقام بفتحها و ظل فترة تحت الماء
فجأة سمع دق على الباب فخرج ببطيء مستغربا ، ليتفاجىء بوليد أمام باب الغرفة و يبدو عليه التوتر
منير بهدوء و بعيون ناعسة  : وليد ؟ ماذا تريد في هذه الساعة من الصباح
فبلع وليد ريقه و نظر في منير .

رزمة من الاسرار ( الموسم الأول ) Where stories live. Discover now