الفصل الرابع و العشرين : التمرد و تلقي الخبر الصادم

36 16 10
                                    

كان مروان قد إنتهى من تجهيز نفسه ، فرن المنبه دليل على تمام الساعة السادسة صباحا ، قام مروان بإطفاء المنبه بهدوء ثم خرج من الغرفة و كأنه لص يحاول التسلل للخارج دون أن يراه أحد ، نزل الدرج بهدوء و ما أن وصل لنهايته حتى إشتعلت الأضواء فأتاه صوت بارد من الخلف " إلى أين ؟ " ، فلتفت مروان و هو يضحك بإرتباك فوجد والده ياسر ينظر له ببرود
مروان بإبتسامة : آه أبي لماذا أنت مستيقظ في هذا الوقت ، هل تحتاج شيء
ياسر بهدوء و يتخلله بعض من صرامة : لقد سألتك إلى أين أنت ذاهب ؟
مروان بإرتباك : أنا ... لست ذاهب لأي مكان
ياسر بصرامة : يا تتكلم يا أن تنسى فكرة الخروج لأسبوع
مروان صارخ : مستحيل لدي تصوير طوال الأسبوع و علي الذهاب و إلا سأطرد من الفيلم و أضطر لدفع الكثير من الأموال كتعويض
ياسر بإبتسامة : عندما سأضطر لإعطائك المال و لن تتحرر من عقدك معي إلا لبعد خمسين سنة
مروان بإرتباك : لا يمكنك فعل هذا بي
ياسر ببرود : بل أستطيع أنت تعرف جيدا ما أستطيع فعله ، و إن لم ترد الوصول لكل هذا عليك أن تخبرني إلى أي أنت ذاهب و الآن
مروان بتردد : أنا ..... أنا ذاهب ل ... للبحث عن روان
ياسر بإنصدام : ماذا قلت
مروان بإستغراب : أنا ذاهي للبحث عن أخي
ياسر بتفاعل : لا و ألف لا ، روان إسمعني أنت ممنوع من رؤية ذلك الشخص
مروان بإستغراب : لماذا ؟؟؟ ، المطالبة برؤية أخي حق من حقوقي إذا لماذا تمنعني من رؤيته
ياسر و هو يحاول السيطرة على أعصابه مديرا وجهه عن مروان : إسمعني يا مروان ، عقدك معي يمنعك من مقابلته
مروان بتفاعل : لماذا ؟ لماذا لا أستطيع ؟ ذهابي لن يخل بالعقد الذي بيننا في شيء و لن يضرك في شيء ، إذا لماذا لا أستطيع الذهاب ؟
ياسر ببرود : أنت لا تستطيع ذلك فقط
مروان صارخا : لماذا أخبرني فقط لماذا إن أخبرتني فصدقني لن أسئلك عن أي شيء مجددا
ياسر بصرامة : أخفض صوتك عندما تكلمني و يكفي طرحا للأسئلة التي بلا معنى لا تنسى أن مستقبلك بيدي
سكت مروان رغم أن شفته ترتعش و تريد إخراج صراخ قلبه
مروان بهدوء : أنا آسف ، سأعود لغرفتي
فصعد مروان الدرج مرة أخرى و هو مكسور الخاطر
مروان في نفسي بتحدي عكس ما يظهره : آسف يا أبي و لكن هذه المرة لن أستمع إليك و لو عنى ذلك أني سأبقى أعمل تحت إمرتك العمر كله
دخل مروان لغرفته بهدوء و أغلق الباب خلفه بالمفتاح ، وجهه نظره للنافذة ثم أخذ نفس عميق
مروان في نفسه : لم أكن أريد الذهاب بهذه الطريقة و لكن يا أبي أنت من أجبرتني على ذلك
إقترب من النافذة و فتحها ، فظهر وجود قطع طويلة من الأقمشة مربوطة فيما بينها بحيث تصنع حبل للأسفل ، أخرج مروان قدميه من النافذة و هو جلس عليها ممسكا الحبل
مروان في نفسه : هيا مروان لقد فعلت هذا كثيرا في الأفلام و هذا ليس بالشيء الصعب عليك
فأخرج جلسمه من على النافذة و بدأ بالنزول و عندما إقترب من الأرض قفز من على الحبل
مروان في نفسه : روان أنا قادم يا أخي

مشهد آخر :
بلع وليد ريقه و نظر في منير بتوتر
منير بإستغراب : وليد ما الأمر
وليد بتلعثم : سيد منير لدي خبر سيء لك
منير بعد وضع رأسه على الباب و هو ينظر في وليد بنظرة ناعسة و هادئة و هو يرسم إبتسامة صغيرة على شفتيه : هذا واضح ، فقط تكلم
وليد بتوتر : بصراحة على السيدة نيا أن تكون موجودة أيضا
فأتت نيا على عجل بعد أن سمعت إسمها
نيا بإستغراب مدموج مع بعض من قلق : وليد ... في هذا الوقت ؟ هل حدث شيء
منير و هو يحرك الباب يمينا يسار و عيون تنغلق من النعاس تجعل من يراه ينكر حقيقة أنه قد إستيقظ للتو
منير بصوت هاديء و ناعس يتخلله نوع من الإنزعاج : لقد أتت هيا تكلم و أرحني فأنا لم أنم منذ البارحة
فنظرت نيا فيه بنصف عين ، أما وليد فلم يقم بأي رد فعل بل أجاب بهدوء " عليك أن لا تقضي ليلك في التفكير كي لا تتعب و تضر صحتك سيد منير أما الأمر الذي أريد أن أكلمكم فيه هو ... ( ظهر عليه التوتر قليلا ) يخص السيد فريد و السيدة ريا "
نيا صارخة : ماذا هناك ؟ ، ما الأمر الذي يخص أختي ؟ هل حدث شيء للجنين
كانت وجه وليد قد بدأ يتحول للأحمر و قد بدا و كأنه يحاول التحكم في مشاعره
منير بإستغراب و بعض من القلق : وليد ... ماذا هناك
فوضع وليد يده على فمه و إمتلأت عيونه بالدموع
وليد بصوت مخنوق : السيد فريد و السيدة ريا قد تعرضا لحادث .... ( إنفجر بالبكاء ) و لم ينجوا
كان نزل كلام وليد على نيا و منير كالصاعقة ، فقد تجمد منير في مكانه أما نيا قد بدأت تحرك رأسها يمينا يسار بهدوء ناكرة و غير متقبلة للأمر ، فإقتربت من وليد و أمسكت بسترته صارخة : أنت كاذب ، يستحيل لأختي أن تموت و تتركني لوحدي.... أنت كاذب
فقام وليد بإبعادها بهدوء و هو لايزال يبكي : أنا آسف سيدتي و لكن هذه هي الحقيقة
فتجمد نيا في مكانها و سقطت على كبتيها و إنفجرت بالبكاء
أما منير فبعد لحظات من البقاء ساكتا ، نظر في نيا بنصف عين ثم نظر في وليد
منير بهدوء غريب ( كان يبدو و كأنه صوت مكسور و لكنه يخفي ذلك و يحاول التصرف ببرود ) : إن لله و إنا إليه راجعون ، كل شيء سيفنا في هذا العالم هم السابقون و نحن اللاحقون
كان وليد ينظر في منير بحزن كبير و عيونه لم تجف بعد من دموعه
فجأة رن هاتف منير
منير بهدوء : إتصال من المكتب ، علي أن أرد عليه لا بد أنه قد حدث شيء ضروري ... نادوني عندما يحين وقت الجنازة
نظرت نيا المنكسرة في منير بنصف عين غير مستوعبة ما الذي يحدث ، بينما أكمل منير طريقه للداخل المنزل بهدوء
دخل لغرفته و أغلق الباب خلفه ، فنزلت دمعة من عيونه فأسرع في مسحها ، فتح خزانته و إختار بدلته و بعد لحضات إنتهي من تغيير ثيابه ، ثم خرج من الغرفة و هو يرتدي بدلة كلاسيكية سوداء بقميص أبيض أزراره العلوية مفتوحة و لم يرتدي ربطة عنق و ترك شعره منسدل ، إقترب من وليد و نظر له بهدوء
منير بهدوء : علي الذهاب للمكتب ، سأحاول تفريغ جدولي لليوم لأستطيع حضور الجنازة ( ثم نظر في وليد بنصف عين ) وليد أنت إبقى هنا و إعتني بنيا و أبي لحين عودتي و تولى أمور الجنازة بمساعدة مراد
وليد بقلق : ألا تريدني أن أذهب معك
منير بهدوء : لا داعي سأذهب لوحدي
غادر منير المنزل و ركب سيارته و تحرك بها بسرعة عالية و تجه نحو حافة جبل و أوقف سيارته هناك
فخرج منير من السيارة بصعوبة و أغلق الباب تقدم خطوتين بصعوبة فلم يكن قادرا على الوقوف على قدميه ، كان وجهه أحمر و الدموع تملأ عينيه فنفجر صارخا ، صرخة تحمل في طياتها ألم سنين ، صرخة كادت تمزق أحباله الصوتية ، بدأت دموعه بالنزول و هو يتنفس بصعوبة ثم عاد ليصرخ مجددا بأعلى صوته ، فسقط على ركبيته باكيا
منير بهدوء : لماذا.... ( ثم صراخ قائلا ) لماذاااااااا لماذا علي أن أفقد كل الأشخاص الذين أحبهم دون أي سابق إنذار لماذااا
ثم عاد لبكائه مرة أخرى فجأة سمع صوت فريد من الماضي يناديه " منير لو حدث لي شيء فأكمل ما بدأناه و عش حياتك و حياتي و كن سعيد دائما ، عدني يا أخي عدني "
فجأة فتح عينيه و كأنه قد إستوعب شيء ما ، فوقف على قدميه و مسح دموعه و أخذ نفس عميق ثم عاد لركوب سيارته مجددا
مشهد آخر :
كان مروان يبحث في أحد الأحياء القديمة ، فجأة تجمد قدماه أمام أحد المنازل القديمة و ظهر على وجهه التأثر و ملامح الحنية ، إقترب من الباب ببطىء ثم دق الجرس بتردد إتظر قليلا و لكن لا جواب ، فعاد ليدق الباب مرة أخرى فلم يجبه أحد و لم يقم أحد بفتح الباب له ، ظهر على مروان التوتر و فجأة سمع شخص يناديه " هيه أنت ما الذي تفعله عندك "
فلتفت مروان ناحية مصدر الصوت فوجده عجوز طاغن في السن
مروان بتوتر : أنا أريد مقابلة العائلة رمزي و لكن لا يبدو أنه يوجد شخص في الداخل
العجوز بهدوء : يبدو أنك لم تزر هذا المكان منذ زمن ، فعائلة رمزي لم يبقى منها أحد
فصفر وجه مروان من كلام العجوز و إرتبك
مروان بإرتباك : ماذا تقصد بأنه لم يبقى منها أحد
العجوز بهدوء : تعال معي لنشرب معا كأسا من الشاي و سأحدثك بما حدث قبل 4 سنوات
مروان بإرتباك : حسنا أنا قادم
دخل مروان مع العجوز إلى دكانه فأحظر له كأس من الشاي الساخن ، فجلس العجوز أمامه بإبتسامة ممسكا كوب الشاي
العجوز بهدوء : لم تخبرني بإسمك يا بني
مروان بتوتر : مروان ... أنا إسمي مروان
العجوز بتأثر : مروان ... هل تعلم يا بني إسمك مثل إسم الإبن البكر لتلك العائلة
مروان بإرتباك : و من تكون و كيف تعرف تلك العائلة
العجوز بهدوء و تأثر : إسمي سالم يا بني و قد كنت أبيع ليحة بابا لأولائك الأطفال عندما كانو صغار ، لقد كانو يأتون إلي راكضين كل صباح و كوني لا أملك أطفال فقد كنت أأتنس برأيتهم و كنت أتمنى أن يكون لي طفل مثلهم و لكن لم يقدر لي ذلك و الحمد لله على كل حال فأنا راض بنصيبي من هذه الحياةو لكن كما تعرف ليس الجميع كذلك ، فبعد أن كانت تلك العائلة عائلة عز تغيرت بهم الأحوال و أصبحت حالهم حال جميع من في هذا الحي الفقير و لكنهم لم يستطيعا تحمل ذلك و لم يستطيعا التعود على طرق عيشنا البسيط و كانت لديهم متطلبات كثيرة نحن كأشخاص بسيطة لا نحلم بها حتى
مروان بإرتباك : و ماذا حدث بعدها
أخذ العجوز نفس عميق ثم عاد للنظر في مروان في حنان
العجوز بهدوء : لا أعلم ما حدث و كيف حدث كل ذلك ، بعد مرور الأيام لم يعدا يأتيين ليشترو مني لحية بابا ظننت أنه قد ملو من أكلها كل يوم و كنت على أمل أنهم سيخرجون ليشترو مني مرة أخرى و لكن لا .... فقد مرت الأيام ثم الشهور و لم ألمح أحد الأخين ، و بعد مرور 4 أشهر رأيت الأخ الأكبر مروان و الذي كان في عمر الثامنة يحمل على ظهره أكياس الإسمنت و يمسح العربات و أحذية الناس ، كان يبدو عليه التعب و الإرهاق و قد كان ثيابه قديمة و ممزقة حتى أن نور وجهه قد إختفى ، لطالم أردت أن أكلمه و أسئله عن حاله لكني لم أستطع ذلك فقد خفت أن أجرحه بكلامي دون قصد
" أو أكون أتدخل في أمور لا تعنيني و بعدها بأيام لم أعد أراه يذهب للعمل سألته عنه الناس فأخبروني أنه قد بيع لأحد الأغنياء "
إمتلأت عيون مروان بالدموع و هو يسمع كلام العجوز
مروان بحزن : ماذا حدث بعدها
العجوز بتأثر : يومها بقيت أنتظر أمام باب منزلهم فقد أردت أن أرى الطفل الأصغر و الالطف روان و لكني ما لمحته قد صدمني بشدة
مروان بإستغراب : لماذا ماذا حدث
العجوز بتأثر أكبر : لقد نظر روان تلك الليلة عبر النافذة و ما صدمني هو أنه وجهه كان مدمر كليا ( فتسارعت دقات قلب مروان و نفسه ) ، لقد كان وجهه إزرق فقد كان مملوء بالكدمات و ، كان فمه ينزف و كان مجروح أمام عينيه ، في تلك الليلة رأيت في عيني ذلك الطفل نظرات منكسرة و خالية من الحياة تلك النظرات كانت تبدو لشخص تعب من الحياة ، كنت أظن أنه قد تشاجر مع أحدهم و لكن فجأة ظهرت والدته من الخلف و أمسكته من شعره و ألقته أرضا ، صدقني يا بني أنه قد كان بإمكاني سماعي صوت الحزام و صوت صراخ الطفل الذي قد إخترق أذني ، كان صراخ لا تستطيع تحمله كان يصرخ بشكل ظننت فيه أن أحباله الصوتية ستقطع ، بعد لحظات إختفى صوت الحزام و كل ما أصبحت أسمعه هو صوت السوط و زاد على صوت صراخ الطفل صوت صراخ الأم ، و فجأة لم أعد أسمع صوت صراخ الطفل في تلك اللحظة قلت في نفسي يا إما أنه قد أغمي عليه أو أنه قد فارق الحياة و لكن يستحيل أن ضربه قد إنتهى لأنه كان بإمكاني سماع صوت صراخ الأم مع دقائق سكت كل شيء ، إبتعدت عن الأنظار في حال فتحو باب البالكونة أو النافذة و قد كنت على حق فبعد لحظات خرجت الأم و جسمها مملوء بالجروح العميق لقد كان جسمها كله ينزف كان المنظر لا يطاق و لكن الصادم أكثر من شكلها هو أنها قد كانت تحمل طفلها من شعره و ألقته هناك ، إستدارت للخروج ثم عادت لتنظر له بكره و أركلته على وجهه بقوة في تلك اللحظة كنت واثق من كونه فارق الحياة ، فأنت لا تستطيع تخير حتى المنظر الذي كان يبدو عليه
مروان و قد وضع يديه على أذنيه و هو يبكي : أرجوك يكفي أرجوك ( ثم رفع رأسه و هو ينظر في العجوز بإبتسامة و نظرات مملوءة بالرجاء ) أرجوك أخبرني أنك تمزح أرجوك
نظر العجوز للمروان و وضع يده على كفيه : هذه هي الحقيقة يا بني و هذا لا شيء أمام ما حدث بعدها
مروان و هو ينظر في العجوز بإنصدام : لماذا ماذا حدث بعدها
( ملاحظة : كل ما يقصه العجوز يظهر على شكل لقطات من الماضي و ليس كلام فقط )
العجوز بهدوء : في تلك الليلة لم أستطع النوم كلما وضعت رأسي على الوسادة أرى وجه ذلك الطفل و هو مملوء بالدماء ، يومها قررت السفر فأنت تعلم أنه في حي كحينا الفقير يستحيل عليك أن تقاضي أحد لأنك ستحتاج لمحاميين و أنا لا أملك ذلك المبلغ و لا أملك أي حق في التدخل في الشؤون العائلية لتلك العائلة لهذا سافرت و عدت لهذا الحي بعد 8 سنوات من الغياب أي قبل 4 سنوات من الان ، سمعت من الجيران أن الأب قد توفى بسبب إكثاره للشرب و الذي سبب له سرطان في المعدة ( الله يعافينا ) أما الأم و الإبن فلم يسمعو عنهم أي خبر و قد إنتشرت الشائعات أن ذلك الطفل قد جن أما الأم فلم يعرفو ماذا حدث لها ، بعد أن قضيت بضعة أيام في هذا الحي قررت أن أتجرأ و أدق عليهم الباب بعد أن رأيت أن شاب قد دخل لمنزلهم
مروان بإستغراب : شاب ؟ من يكون ؟ و ماذا حدث بعدها
العجوز بهدوء : نعم شاب ذلك الشاب إسمه سام أنا لم أكن أعرفه وقتها و لكنه قد بدا لي مقرب من تلك العائلة لأنه قد كان أول شخص أراه يدخل لمنزلهم ، على كل بعدها دخلت و لحقت له فرأيت آخر شيء تخيلته ، لقد كانت هناك بركة من الدماء ، و قد كان سام يحمل السكين و يظم روان لحضنه و جثة الأم على الأرض و أمامها قطع زجاج لطبق قد كسر
مروان بصوت مصدوم و مختنق : لقد قتلت
العجوز بهدوء : نعم و عندها إتصلت بالشرطة التي إكتشفت أنها قد ضربت بالطبق أولا على رأسها و عندما فصحو البصمات وجدو كل من بصمات سام و روان عليها ، بعدها سام إعترف بإرتكابه الجريمة فأخذته الشرطة معهم و تم إعدامه بعدها بأيام أما روان فلم أره من يومها 
نظر العجوز في مروان للحظات
العجوز بإستغراب : صحيح أنت لم تخبرني لما هي علاقتك بتلك العائلة
مروان و هو مصدوم : أنا مروان ...( ثم نظر فيه بإبتسامة حزينة ) أنا هو الإبن البكر لتلك العائلة
فظهر شيء من الحزن و الشوق و الحنية على وجه العجوز ثم وضع كفه على وجه مروان و هو ينظر له برجاء غريب
العجوز بتأثر : هل أنت ذلك الطفل حقا
مروان بإبتسامة مصطنعة و متأثرة محركا رأسه بإيجاب : نعم أنا هو ذلك الطفل
فعانقه العجوز بقوة و مناديا له بتأثر " بني "
العجوز بهدوء و هو لا يزال متأثر : لا تستطيع تخيل مدى سعادتي و أنا أراك بعد كل هذه السنين
مروان بإرتباك : أنا أيضا .... بصراحة أنا لا أتذكرك جيدا و لكني سعيد حقا لأنك كنت تفكر فيني و في أخي الأصغر
العجوز بصوت مخنوق : لا تقل ذلك بني فكما قلت لك أنت و روان كأطفالي الذين لم أنجبهم و أن أراك أمامي بعد أن ظننت أني لن أراك مجددا لهو حلم يتحقق بالنسبة لي و الآن يستطيع هذا العجوز أن يموت بسلام بعد أن إرتاح قلبه ناحية أطفاله ... رغم أني كنت أتمنى أن أرى أخاك أيضا
مروان بإبتسامة : لا تقلق سأبحث عنه و أجده و سأحظره لهنا بالتأكيد
العجوز بتأثر : هل ستجده حقا
مروان بإبتسامة : أكيد ( ثم نظر له بتردد )
العجوز بهدوء : هل هناك شيء يا بني
مروان بإرتباك : بصراحة على أملك الكثر من الوقت على أن أبحث عن روان ثم أذهب للعمل و لكن ( نظر في العجوز بنصف عين )
العجوز بهدوء و إبتسامة : إذهب و لا تقلق علي يا بني ، لقد إعتدت العيش وحيد بالفعل، كما أنه لدي الكثير من الأطفال غيركم يأتون لزيارتي بين الفينة و الأخرى ، لهذا بإمكانك الذهاب و أنت مرتاح
مروان بإبتسامة : إذن سأتركك الآن و لكني سأعود لرأيتك مرة أخر
العجوز بإبتسامة : في أمان الله

مشهد آخر :
إستيقظ روان من نومه بهدوء ، ثم نظر في الأرجاء بهدوء و تقدم ناحية سمر التي أخذت تصرخ بإسمه و تناديه طالبة منه إخراجها
روان بإنزعاج : أخبرتك البارحة أني لا أستطيع ذلك ، إن فعلت ذلك فهو لن يرحمني
سمر بغضب و هي تكاد تفقد صوابها : من هذا الشخص الذي لن يرحمني ، أخبرني و أرحني فقد تعبت من طرح نفس السؤال
روان بهدوء : جاك ...
سمر بإستغراب : جاك ؟؟؟ من يكون هذا
روان بنبرة غريبة : هو أنا بالنسبة لك و هو كالأخ بالنسبة لي
سمر بإستغراب : هو أنت بالنسبة لي و كالأخ بالنسبة لك ؟ ( مضيفة بإنزعاج ) لم أفهم تكلم بوضوح
روان بهدوء : هو أنا و ليس أنا إنه شخص آخر في جسد روان
سمر بإنصدام : لماذا ألست روان
روان بهدوء : لا أنا جاي
سمر بتلعثم : تقصد أنك مصاب بالفصام
جاي و هو ينظر لسمر بنصف عين : لست أنا المصاب بل روان هو المصاب
ثم قام بحك شعره " كيف أشرح الامر "
ثم نظر في سمر بهدوء
جاي بهدوء : بإمكانك القول أن هذا الجسد الذي أمامك كفندق و يوجد فيه 3 أشخاص ، جاك و أنا و روان
سمر بخوف : و بمن إلتقيت أنا حتى الآن
جاي بهدوء : بصراحة إلتقيت بثلاثتنا و لكن الشخص الذي قابلته أكثر واحد هو جاك و هو الشخص الذي يقوم بتعذيبك
سمر بإستغراب : و لماذا يقوم بذلك
جاي و هو يحرك عينيه بشكل نصف دائرة : من واضح أنه يفعل ذلك لأنه يكرهك و لأنه يحب روان كثيرا
سمر بإستغراب و شك : و لكن ، لماذا تخبرني بكل هذا
جاي و هو ينظر فيها بنص عين : لأنه لو لم أخبرك بهذا فسيخرج إليك جاك و هذا ليس لصالحي
سمر بإنصدام : هذا يعني أنك لا تهتم بشيء سوى مصالحك
جاي بإبتسامة : تماما
سمر و هي لا تزال منصدمة : و لكن لماذا
جاي بعد أن تنهد : لماذا أنت بطيئة إستعاب لهذه الدرجة ، كل ما في الأمر هو أني لا أحب أي أحد أكثر من نفسي ، بالنسبة لي أنا الشخص المفضل لدي و أي شيء يعارض رغاباتي سأدمره
سمر بإستغراب : و لكن ، ألا يسمعون ما تقوله الآن
جاي بإبتسامة شريرة : نعم يفعلون و لكن لا أحد فيهم في حالة نفسية جيدة تساعده للظهور ، كما أن جاك يعلم جيدا أن محاولة التشاجر معي لن تضر أحد غير روان
سمر بإشمئزاز : أي نوع من الأشخاص أنت ؟!
جاي و هو ينظر في سمر بنصف عين و إبتسامة هادئة : من يتكلم ، الشخص الذي دمر حياة روان و تسبب في ظهورنا ، أنت آخر شخص يحق له قول هذا الكلام .... رغم أني لا أكرهك حقا
سمر بإنزعاج : أريد حقا أن أعرف ما فعلته و أيضا مادمت لا تكرهني فلماذا لا تساعدني للهروب
جاي بإبتسامة مصطنعة : لابد أنك قد جننت أو أنك قد بدأت تصابين بالزهايمر فقد أخبرتك قبل بضع دقائق أني لا أحب أي شخص أكثر من نفسي و هذا إن كنت أحبه و لكني لا أحبك يا سمر ، لست أحمقا كذلك المدعو حيدر و روان لأحب شخصا أكثر من نفسي و أدمر نفسي بيدي و لست أحمق كجاك لأضع نفسي في المشاكل و مواقف تعارض مصالحي لأجل أي شخص كان ، أنت لست سوى دمية في يد جاك يتسلى بتغذيبها ، أما روان فهو محتار من أنت بالنسبة له بالضبط أما بالنسبة لي فأنت أداة مهمة لأصل لأهدافي و لحسن الحظ لا يستطيع أحد إيقافي
كانت سمر منصدمة من كل ما تسمعه و تراه
سمر بتلعثم : ما الذي يحدث لك ألم تقل في السابق أن جاك كالأخ بالنسبة لك ، إذا لماذا .... لماذا تستغلهم بهذه الطريقة
جاي بإبتسامة و نظرة باردة : نعم ، أحبه و أعتبره كأخ بالنسبة لي و لكن ذلك لا يعني أن أخاطر بمستقبلي لأجله ، و بطبع سأحاول ألا أضره و لا أضر روان قدر الإمكان .

رزمة من الاسرار ( الموسم الأول ) Where stories live. Discover now