20- لحظة التوهان

20.2K 1.7K 2.1K
                                    

"هذا جنون يا رفاق، أنتما مجنونان"

صوت فابيو صدح في السيارة يختلط بضحكاته فيما يوجه كلماته لي ولهانتر حيث كنا جالسين في المقعد الخلفي للسيارة.

من الجيد أن هانتر من بين الجميع فضّل الإتصال بفابيو على نايومي أو جوني أو أي أحد آخر.

"لا أصدق أنكما أغرقتما السيارة، هذا جنون" ضحك مرة أخرى يزيد السرعة للأمام، وإبتسم هانتر الذي كان يرخي جسده للخلف، ذراعه تلامس كتفي، في حين تحدث كأن الأمر كان عبارة عن لعبة غميضة "أجل، انزلقنا وغرقنا"

نعم، كانت أسوأ تجربة.

أتساءل ماذا كان ليحصل لي لو كنتُ مع جوني بدلا من هانتر؟

كنتُ لأموت.

"هل تتذكر مكانها؟" فابيو رمى سؤاله وحولتُ بصري إلى هانتر الذي ناظرني بإبتسامة جانبية يغمزني "ضواحي سان دييغو"

"هذا جنون يا رجل" ضحكات فابيو ارتفعت مرة أخرى، وفتح النوافذ يسمح لنسيم الصباح المبكر بمعانقتنا، في حين تابع "ليتني كنتُ معكما"

"من الجيد أنك لم تكن معنا" تمتمتُ تحت أنفاسي وهانتر ثبّت بصره عليّ يجعلني أرفع حاجبي بإستفهام، أنطق "إلى ما تنظر؟"

"إلى نوع جديد من المسوخ" رمى كلماته بسخرية وأدار وجهه للجهة الأخرى قبل أن يرخي جسده عليّ ويتنهد "أشعر بالتعب حقا"

"وتنام فوقي؟" قمتُ بدفعه بعيدا أحدجه بنظرات حادة، في حين إبتسم هو بجانبية ينطق "الأمر لا يتم بهذا الشكل، تريدين أن أريكِ؟"

"أحذرك" وجهت سبابتي له بشكل مهدد وهز كتفيه يتراجع، ما يزال محافظا على إبتسامته رغم علامات التعب على ملامحه، خاصة بوجود تلك الهالات السوداء تحت عينيه.

يبدو أنه لم ينم البارحة مثلما فعلت.

أتذكر أني نمتُ وتركته مستيقظا، واستيقظت على لمساته لوجهي، واللعنة كان رأسي على بطنه.

أتمنى ألا يذكرني بها في المستقبل.

"الشرطة جاءت للبحث عنك البارحة في منزلك وفي منزل سيتشو" فابيو تحدث يغيّر مجرى الحديث، وهذه المرة إنتباهنا تحول إليه، أسمعه يتابع "ديبي لن تتركك وشأنك"

ديبي؟

"من ديبي؟" تدخلتُ وسط الحديث وسؤالي جعل هانتر يتبادل النظرات مع فابيو، يبتسمان معا قبل أن يردّ عليّ "ديبرا جونسون، شرطية لا تيأس من إيجاد الأسباب حتى تصفّد يداي"

ضحكَ فابيو بخفة، يخفف السرعة مع الإشارة الخضراء وتوقفت السيارة، فيما لفّ رأسه للخلف يومئ له "أجل، البارحة جاءت إلى المضمار تبحث عنك، يا رجل لقد جعلتَ الجميع يقلقون"

"لستُ طفلا" حرك كتفيه بغير إهتمام، وشرد للحظات قبل أن يتابع "هل كان أبي غاضبا؟"

"آدم؟ اوه يا رجل! آدم لم يتوقف عن الضحك مطلقا منذ البارحة، والدتك ظلت تصلي لأجلك" فابيو علّق يبتسم، ومن ثم شغل السيارة مجددا عند تغير لون الإشارة؛ في حين أعيني رمقت كل منهما، أغيب عن الحديث وأتابع حركاتهما، النظرات والإبتسامات وكل تلك التفاصيل الجميلة.

سريع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن