22- مرايا مكسورة

21.5K 1.6K 2.2K
                                    

أملتُ رأسي أرخيه على زجاج النافذة أتابع الطريق بينما يتولّى هانتر القيادة، عيوني تابعت المنظر بتعب، تشكّل شفاهي خطّا رفيعا ونظراتي شردت إلى اللامكان.

لم أكن أعلم إلى أين يقوم بإصطحابنا، لكني فقط وافقتُ على مرافقته، لم أكن أرغب في البقاء بمفردي، لستُ معتادة على هذا؛ البكاء والإنصياع لأفكاري المؤرقة، أرغب في أن يتم إشغال ذهني وإبقاءه بعيدا عن كل شيء.

لا أريد أن أقضي وقتا بمفردي، أريد أن يرافقني أحدهم لكي لا أشعر أن العالم ينهشني ويقوم بإلتهامي.

أنا خائفة.

خائفة من أن أكبر، أن أعاني وتتوالى عليّ الأفكار، ولا أرغب سوى في البقاء طليقة، حرّة أفعل ما أشاء.

الأمور لم تعد تسير على هذا المنوال، الأمور أصبحت تؤلم، وهانتر بإمكانه إلهائي.

أجل، يمكنه ذلك.

تحركت مقلتاي ناحيته ألقي عليه نظرة جانبية، يد واحد تتولى القيادة، بينما ذراعه الأخرى مثنية تستقرّ على إطار النافذة، عيونه كانت للأمام تركّز على الطريق ثم سرعان ما نقلها ناحيتي حين شعر بنظراتي عليه، يجعلني بذلك أبعد بصري عنه، أعود للتحديق للخارج عبر النافذة.

شعور بالغرابة إحتلني ولم يعجبني كونه رأى إنهياري.

"ماذا هناك؟" تحدث يقطع الصمت فجأة، صوته هادئ ونبرته احتوت لمحة من الإهتمام جعلت شيئا ما بداخلي يتحرك؛ لا أعلم أين ولا كيف، لكن شيئ ما بداخلي تفاعل مع صوت هانتر.

لم أعد أستطيع مقاومة هذا، لم تعد لدّي أي قدرة حتى أتخذ حذري منه.

ليس اليوم.

"لا شيء" قلتُها بصوت منخفض قليلا، أتابع بعدها "كنتُ أتساءل كيف وافق سيتشو على منحك سيارته؟"

دققتُ عنقي قليلا ناحيته أرمي عيوني عليه أرى نظراته الموجهة إليّ وفي نفس الوقت ذراعه تعمل عملها على المقود والحفاظ على مسار السيارة.

افترقت شفاهه على وشك الحديث في اللحظة التي سعل فيها بخفة، يجعل حاجبي يرتفع، إبتسم يطالعني ونطق "سيتشو صديقي بعد كل ش--"

توقف يسعل مجددا، لكن هذه المرة كانت أقوى، وفعلها لعدة مرات متتالية، يده المستقرة على النافذة اندفعت تمسك بالمقود بينما الأخرى أخذت طريقها نحو فمه يقوم بتكوير أصابعه وتقريب قبضته من شفاهه يسعل هناك، يجعلني بذلك أميل ناحيته ومددتُ يدي أضرب ظهره بخفة.

"هل أنتَ بخير؟" ارتفع حاجبي أبادل بصري بينه وبين الطريق، ولاحظتُ الطريقة التي ارتفعت بها ساقه عن دواسات الوقود يقوم بتخفيف السرعة، إبتسم يرفع رأسه لي، يومئ وينطق "نزلة برد"

ماذا؟

رمشتُ أتذكر ما حصل آخر مرّة، في حين تابع هو يسعل لمرة أخيرة وإبتسم يغمزني "يبدو أن لديك مناعة جيدة حقا فراشة"

سريع Where stories live. Discover now