٥-مأزق

320 11 0
                                    

"لغة العيون تقول أنك عاشق، فعلام الصمت و الهوى بك ناطق؟
لما نظرتْ إلى عيونك أزهرتْ
عيناك تقول بأنك لي هَوىً
سينير روحي و الشعور مطابقُ"
(لكاتبها)

أنهى حديثه بمرح فابتسمت له ثم ودعها وانصرف، تنهد مطولاً وابتسم بقلة حيلة فهذه النقود كانت كل ما يملك ولم يبقى معه شيء مطلقاً، حدث نفسه يشجعها:
"هناخدها مشي للشغل، استعنا على الشقى بالله، إجمد كده كلها فركة كعب ومش هتحس وصلت إمتى حتى و الجو حلو أهو، هي يعني أول مرة، يا مُعين يا رب".

وصل وجهته بعد ساعتين تقريباً، يشعر بالآلام تغزو قدميه، دلف لشقة و هي إحدى الشقق يعمل بها كمساعد في أمور الدهانات و السراميك، استقبله رئيسه بالعمل يوبخه لتأخيره:
"ما لسه بدري يا بيه، أصلنا شغالين في وكالة اللي خلفونا عشان نتمرقع كده".

طبق يوسف شفتيه يحاول كبح غضبه، هو يعلم أنه تأخر عن موعده و لكن ما بيده حيلة و قد حاول قدر الإمكان أن يُسرع من خطواته و لم يحصل على استراحة ليلتقط أنفاسه من السير، أخفض رأسه متغاضياً عن هذه الطريقة المهينة و قال بنبرة هادئة:
"معلش يا ريس حصلي ظرف كده، مش هتتكرر تاني".

أشار له الرجل نحو السيراميك:
"اتفضل ياخويا خد السيراميك ده قطعه بالصاروخ عايزين نخلص تبليط انهارده، صاحب الشقة مستعجل و هيجي انهارده يشوف وصلنا لفين".

أومأ يوسف موافقة وخلع سترته ثم أبدل ملابسه بملابس خاصة بالعمل و بدأ بعمله فوراً دون أن ينال قسطاً من الراحة، انهمك في العمل و بعد قليل و هو يقوم بتقطيع ألواح السيراميك جرحت يده اليسرى بجرح عميق و سالت دمائه، صرخ متأوهاً و هرول الجميع نحوه، اصطحبه مالك الشقة للمشفى و قد كان قد حضر للتو، قُطب جرحه و ضمدت يده ثم عاد مرة أخرى، و بطريقهما سأله مالك الشقة بتعجب:
"إنت كده مش هتعرف تشتغل، تحب أوصلك في أي مكان؟".

نفى يوسف و أجابه بابتسامة:
"شكراً، أنا هطلع أكمل شغلي، شكراً تعبتك معايا".

لاحظ الرجل طريقته المهذبة في الحديث، وأيضاً بالمشفى كان يعي ما يفعلون و يساعد الممرضة فسأله:
"هو إنت متعلم؟".

أجابه يوسف بنبرة ظهر بها حسرته بوضوح:
"أنا في كلية طب".

بدت المفاجأة جلية على ملامح الرجل و سأله:
"طيب و إنت ليه بتشتغل كده، يعني أقصد....".

قاطعه يوسف قائلاً ليرفع عنه الحرج:
"أنا المسؤول عن أمي و إخواتي و الشغل مش عيب يا باشا، عن إذنك هطلع أكمل شغلي عشان متأخرش".

أذن له الرجل وقد وصلا وجهتهما وصعد يوسف يعاود عمله، أبان ذلك يجلس مصطفى الرجل الخمسيني بمكتبه الخاص بشركته يفكر بحاله مع أحلام زوجته و كيف تحملت معه طيلة هذه الأعوام و بدلاً من أن ينتهي عشقهما، ظل ينمو و يُزهر بقلبيهما، شرد يتذكر كيف بدأت علاقتهما.

كل ده كان ليهWhere stories live. Discover now