٣٢-إختيار

270 15 22
                                    

"في كل مكان أنا على أرض الغُربة".
(دوستوفيسكي).

"بحبك".

نطقها هيثم دون تردد قاطعاً توعد يوسف و طالعته بسنت بصدمة و ارتجافة أصابت جسدها، انتبه هيثم أنه باح لها بحبه للتو فنظر ليوسف وصدره يعلو و يهبط إثر إنفعاله و تدفق الدماء بجميع أوردته، أومأ له يوسف بمعنى أن يتابع فزاغت نظراته يحاول أن يجد الكلمات المناسبة و لم يسعفه عقله سوى بكلمة واحدة قالها بكل كيانه:
"تتجوزيني؟".

اكتفى يوسف بهذا القدر فأمسكه من تلابيبه و سحبه نحو باب الشقة ألقاه خارجها ثم صفق الباب، من الطبيعي أن يزعج هذا الأمر هيثم و يشعره بالحنق و المهانة و لكنه طالع الباب لثواني ثم ضحك ببلاهة ثم نظر نحو والدته و براءة اللتان تنظران له بعدم فهم لِمَ يحدث، وضع أصابعه على فمه و هو يضحك ببلاهة و يقول:
"أنا قولت....قولتلها....أنا اعترفت".

تعالت ضحكاته و هما تنظران له بأعين متسعة و نطقت سميحة:
"الواد اتهبل".

"إنت مجنون يا هيثم، إيه اللي بيحصل، قولت إيه؟".

هكذا سألته براءة فأجابها بضحك من فرط سعادته:
"قولتلها بحبك....طلبتها للجواز....قولت لبسنت يا ماما إني بحبها، بسنت عارفه خلاص".

أنهى كلماته و هو يمسك برأسه و ينظر حوله بعدم تصديق أنه أخيراً نطقها و لكن قُطعت فرحته بخروج بسنت تهرول من شقتها لشقة براءة و ما إن رأتها ارتمت بين ذراعيها تبكي بينما هيثم تفاجأ بمن يمسكه من ملابسه مرة أخرى من ظهره و يسحبه نحو شقته، اقترب يوسف به نحو شقة هيثم و قال لسميحة:
"إزيك يا سوسو، معلش عايز إبنك في كلمتين".

تنحت سميحة لتفسح لهما المجال فدلف يوسف به وجد مجدي يجلس حول مائدة الطعام يتناول طعامه قال و هو مازال ممسكاً بهيثم يسحبه نحو غرفته:
"إزيك يا عم مجدي".

"حبيبي، اتفضل كل معايا لقمة".

"تسلم يا حبيبي، بألف هنا".

دلف بهيثم لغرفته و ألقى به في الداخل ثم أوصد الباب و نظر له بشرر يتطاير من عينيه فتراجع هيثم للخلف و هو يقول:
"إيه يا عم، إنت اللي قولتلي إنطق".

اقترب منه يوسف و مازال هيثم يتراجع للخلف حتى سقط على الفراش فأمسكه يوسف من تلابيبه يميل عليه بجزعه، قال هيثم:
"أنا غلطت في إيه طيب......".

قاطعه يوسف بنبرة تحذيرية لا تقبل النقاش:
"عارف يا هيثم لو استغليت الوضع و حاولت تعمل حاجه كده و لا كده أنا هعمل فيك إيه؟، و حياة أمي هعلقك زي الدبيحة على باب العمارة اللي رايح و اللي جاي يعلم على قفاك".

"يا عم مانا كنت في حالي والله.....".

"أنا حذرتك و قولت اللي عندي، والله يا هيثم لو قربت دلوقتي و لا استعبطت لاخليك عِبرة لأي حيوان يحاول يقرب منها".

كل ده كان ليهDove le storie prendono vita. Scoprilo ora