١٠-إعتراف

291 14 4
                                    

"أخفيتُ أسرارَ الفؤادِ و إنما سرُّ الفؤادِ من النواظرِ يُسرَقُ".
(حافظ إبراهيم).

أومأت بسنت موافقة بحزن ثم قالت لوالدتها:
"حاضر بس فعلاً يا ماما يوسف بيتعب قوي حاولي تقنعيه إني أنزل اشتغل و أساعدكم مش هينفع يفضل كده شايل لوحده".

"يابنتي هو شايف الذل و المهانة برة ودايق المرار مش عايزك تدوقيه زيه، عايزك مرتاحه و تركزي في دراستك بس، مش عايزك تضيعي زيه...ربنا يعينه و يقويه ويرزقه برزقنا".

"يا رب".

هكذا أجابتها بسنت ثم نهضت تدلف غرفتها و هربت عباراتها رغماً عنها فيبدو أن هذه السعادة لم تُكتب لها بعد، تابعتها مهجة حتي اختفت عن الأنظار و هربت عبارتها بألم و غصة مريرة، أجهشت في البكاء على حالها وعجزها في مساعدة أبنائها، بعد قليل تنفست بعمق و مسحت عباراتها ثم شرعت في إكمال حياكة فستان براءة من أجل حفل الزفاف، ابتسمت تتذكر كيف ساعدتها عايدة لتبدأ حياة جديدة.

قبل عِدة أعوام بدأت محنة مُهجة لم تكن تمتلك شيء علي الإطلاق سوى هذه الشقة و يوسف كان لم يعمل بعد، كانت مُهجة تجلس بشرود تفكر بحالها وجدت باب شقتها يُطرق، نهضت وفتحت وجدتها عايدة تحمل مكينة خياطة، دلفت عايدة بعدما ألقت التحية و مهجة تتابعها بتعجب و عدم فهم وسألتها:
"إيه ده يا عايدة؟".

"استني آخد نفسي، البتاعة تقيلة قطعت نفسي".

هكذا أجابتها عايدة و بعد قليل قالت بابتسامة:
"دي يا ستي مكنة خياطه، قعدت وفكرت كده و افتكرت إنك كنتي بتقعدي تدربي معانا زمان و كنتي شاطرة قوي في موضوع الخياطة ده، قولت بس هي دي، جيبتلك المكنة ترجعي تدربي تاني وتشتغلي عليها و تفصلي للناس، و أنا بقى هحاول أعرف الناس اللي أعرفهم بيكِ و الجيران و الكل لو عرفوا هيجولك وإنتِ أولى من الغريب و هما عارفينك وبيحبوكِ و لسه بقى صحاب براءة و صحاب بنتك و الدنيا تمشي و الرزق يجي".

ضمتها مهجة من فرط سعادتها وتأثرها وقد هربت عباراتها، ربتت عايدة على ظهرها بحنو وقالت مهجة بتأثر:
"ربنا يكرمك يا عايدة، مش عارفة أقولك إيه، ده كتير قوي مش كفاية وقفتك جنبي و شيلتك ليا،....".

قاطعتها عايدة بضيق:
"إخس عليكِ يا مهجة، هو إحنا فيه بينا الكلام ده، و أنا اللي فاكراكِ بتعتبريني أختك زي ما بعتبرك".

"والله و أحسن من أخت و ربنا يعلم بس المكنة غالية و أنا.....".

قاطعتها عايدة بجدية:
"لا والله كده هزعل بجد، هو أنا هاخد منك فلوسها يعني، ميجيش من بعد خير أبوكِ وأمك عليا، هو أنا مين اللي كان شايلني غيرهم يعني ما كله من خيرهم و رزق ربنا، ربك بيرزق يا مهجة و المليان يصب على الفاضي، ياما أمك أكلتني و راعتني و أبوكِ ياما وقف جنبي و سندني، ده أنا وقفت على رجلي بسندته ليا، الله يرحمهم ويحسن إليهم".

كل ده كان ليهWhere stories live. Discover now