٤٥-لقاء الأحباب

275 15 9
                                    

"فارقتكم مُكرهاً لا كارهاً
و يدي أعضها ندماً إذا لم أمت كمداً والله
لو أن أيامي تطاوعني على اختياري
ما فارقتكم أبداً".
(بن المستوفي الإربلي).

بعد مرور شهرين جاءتهم الفرصة بمصيبة أدمت القلوب و قد توفت شقيقتها عايدة بحادث سيارة هي و زوجها و طفلها و كان القدر مع أحلام بجميع الأمور فخلاف وفاتهم عايدة كانت حامل بشهرها السادس و تعيش خارج البلاد مع زوجها و قبل أن يُعلَن الخبر سافر والدها فوراً و قرر تبديل عايدة بأحلام لذلك أخبر الجميع بأن زوج عايدة و طفلها توفيا بحادث و لكنها بخير و نظراً لأن زوج عايدة خليجي و عائلته يعيشون خارج البلاد و لم يأتوا لمصر نهائياً حتى وقت زواج إبنهم استقبلوا العروس و أقاموا لها حفل زفاف بالخارج و لا توجد صلة مع أهله من الأساس لذلك تم الأمر بنجاح.

كما استطاع والدها تزوير الأوراق و ظهرت أحلام بعد مرور سنة و قد وُلدت براءة بالشهر السابع نظراً لِمَ تعرضت له أحلام و أضعف صحتها كثيراً لذلك لم تكن بحاجة لتزييف موعد ولادة براءة كما المفترض و قد استطاع والدها تسجيل براءة بإسم زوج عايدة الذي كان يحمل الجنسية المصرية بأوراق مزورة و لم يستطع أحد التفريق بين أحلام و عايدة نظراً لأنهما توأم متطابق و حجتها بغيابها بالسفر أنها لم تستطع ترك المكان الذي عاشت به مع زوجها و طفلها و لم تستطع ترك والدته و حرمانها من حفيدتها و قد تعرضت لوعكة صحية بعد وفات إبنها لذلك ظلت جوارها و لكن بالحقيقة أفصح والد أحلام بالحقيقة لشقيقتها كريمة و زوجها والدي سامح و أحمد اللذان كانا يعيشان بالقاهرة لتظل بجوار شقيقة لها تراعيها برحلة علاجها من الإدمان و حملها و تؤنس وحشتها و سكنت معهما بذات العقار مبتعدة عن الجميع و عن المدينة بأكملها كي لا يكشف أحد أمرها فبالنهاية هي و شقيقتها شخصين مختلفين لهما عادات مختلفة و طريقة مختلفة رغم تطابق الملامح و الصوت لتبدأ حياة جديدة أو بالأحرى معاناة جديدة بوحدتها و وحشة قلبها حتى فقدت شقيقتها و زوجها و أصبحت مسؤولة عن أبنائهم.

ظلت أحلام هاربة طوال تلك السنوات رغم شوقها لمصطفى و لكنها حاولت التماسك و بعض الأحيان كانت تذهب لتراه دون أن يشعر، تتأمل ملامحه و انطفائه بعد ظنه موتها و ما كان يؤلمها حقاً أنها حرمته من إبنته التي طالما تمناها و حلم بها قبل أن يعلم أن إرادة الله عدم الإنجاب كما ظن خلاف حرمانه منها هي حبيبته و رفيقة دربه و لكن حياته و حياة إبنته أهم لذلك تماسكت.

توقفت أحلام عن الذهاب حيث يقطن واختلاس النظر له عندما تصادف و قابلت رشدي و كاد يُفضح أمرها و لكنها اختبأت و استطاعت الهرب لذلك لم تكرر الأمر أبداً بينما مصطفى ظل يراعي عائلتها و يزورهم باستمرار و هو من ساعد إخوتها بحياتهم سواء المهنية أو الإجتماعية فمن كان يرغب بالعمل يجد له عملاً و من أراد الزواج ساعده، لم يتوقف عن مساعدتهم جميعاً مادياً أو معنوياً دون أن يطلب منه أحد حتى أنه كان يخصص لعايدة و إبنتها كما ظن مبلغاً مالياً شهرياً و تكفل بجميع مصروفاتها بعدما علم بِمَ حدث لها و ما لا يعلمه أنه كان يعيل زوجته و إبنته و كأن ما فعله من خير رده الله له بأهله دون أن يعلم و لكنه فجأة توقف عن ذلك و لم يكن أحد يعلم لماذا حتى جاء اليوم و علمت أحلام بتواجده بدار رعاية المسنين عندما رأت ورقة بياناته بين الأوراق و استمعت لرشدي يتحدث مع الطبيب و عندما أعادت قراءة البيانات الخاصة به و تلك العقاقير التي يتناولها اكتشفت أن جميعها عقاقير تؤدي لضمور بالعضلات خلاف بعض العقاقير الذهانية لتُذهب عقله و كان من السهل اكتشاف الأمر نظراً لأنها طبيبة صيدلانية و هذا ما كانت تخفيه عن الجميع بالطبع لأن عايدة تخرجت من كلية التجارة لذلك حتى لم تستطع العمل بمهنتها.

كل ده كان ليهWhere stories live. Discover now