٣٦-لقاء

280 12 6
                                    

"يا بحر قل لي متى الأمواج تحملني
أنا الغريب، فلا أهل و لا وطن
قلبي هناك لم يبرح مراتعه
و الحال أني كما الأمواج لي بدنُ
أمشي و طرفي كليلٌ لا يرى أبداً
غير السواد، فلا حُسنٌ و لا حَسنُ
العمر ضاع بذي الأسفار يا أسفي
و الأصل ضاع، و ضاع المُهر و الرسنُ
ضاع الحبيب، كذا الخِلان أفقدهم
لم يبقَ إلا دموع العين و الشجن".
(فاضل أصفر).

مر شهر آخر و الحال كما هو، براءة تتابع عملها كما يوسف و بسنت يتعلق قلبها بهيثم يوماً بعد يوم بينما بسمة وضعها و حالتها تسوء منعزلة تماماً و الفتاتين تحاولان مساندتها، اقترحت عليها براءة أن تطلب المساعدة من طبيب نفسي و عرضت عليها إسم طبيبة و هي شقيقة إحدى صديقاتها و قد ذهبت لها براءة و بدأت علاجها النفسي منذ فترة و شعرت بأنها تتحسن لذلك اقترحت على بسمة، لم توافق بسمة ليس لأنها لا ترغب و لكنها لا تريد خوض مناقشات و اعتراضات من والدها و لكن استأذنتها براءة لتستشيرها بأمرها و أذنت لها و كانت نصيحة الطبيبة الأولى هي ألا تستسلم بسمة و تستسلم لانعزالها، يجب عليها أن تتابع عملها و تخرج كي لا يتمكن منها الإكتئاب و حالة الصدمة أكثر من ذلك، وافقت بسمة على مضض فهي لم تعد تشعر برغبة بفعل أي شيء و قررت خوض التجربة تحت تأثير الفتاتين و إلحاحهما و بإحدى الأيام خرجت من غرفتها و قالت لوالدها:
"أنا بعت لكذا شركة عشان الشغل و اللي ردوا عليا يا إما اترفضت يا إما مرتبهم قليل قوي يا إما مكانهم بعيد فمفيش حل دلوقتي غير إني أرجع شغلي مؤقتاً ده لو رضيوا يرجعوني أصلاً".

"هنعيده تاني يا بسمة، شغل و تأخير، خليكِ في البيت لحد ما تلاقي حاجة كويسه و بعدين فكري في وضعك الجديد إنتِ خلاص مبقاش ينفع تروحي و تيجي على راحتك، إنتِ بقيتي مطلقة و كل خطوة محسوبة عليكِ".

"أنا مش قادره أتحمل قعدة البيت أكتر من كده،أنا مطلبتش أروح و أجي على كيفي بس أنا محتاجه لحاجه تشغل دماغي، فعلاً مبقتش قادرة، هنزل أشتغل لحد ميبقى فيه حاجه تاني".

نطقت والدتها و هي توكزه بخفة:
"أنا رأيي برضه تنزل أحسن من قعدتها دي، سيبها و أهي حتى مش هتبقى في مكان جديد عليها، مؤقتاً بس لحد ما الدنيا تمشي".

ظلت والدتها تحاول إقناعه و بسمة تستمع لكلماته و لستة قواعد تتناسب مع قيودها الجديدة بعد حصولها على لقب مطلقة حتى وافق والدها على مضض رغم رفضه و لكن يكفي حالتها السيئة التي وصلت لها و انعزالها، بالفعل باليوم التالي ذهبت بسمة للشركة و تفاجأت أن نيرمين قدمت لها استقالة بشكل لائق كي لا يضعوها بالقائمة السوداء لتستطيع العودة وقتما تشاء مستغلة علاقاتها بالشركة، طلبت بسمة أن تعمل بقسم آخر لتكون بعيدة عن نيرمين و أخبروها أنهم سيفكرون بأمر عودتها، خرجت من المكتب و اصطدمت بنيرمين، هربت بنظراتها بتوتر فيما ابتسمت نيرمين لها بحزن:
"إزيك يا بسمة؟".

كل ده كان ليهWhere stories live. Discover now