"أحبيني بلا عقد و ضيعي في خطوط يدي...أحبيني لأسبوع...لأيام...لساعات...فلست أنا الذي يهتم بالأبدِ....تعالي و اسقطي مطراً على عطشي و صحرائي...".
(نزار قباني).باليوم التالي كان قد تم نقل والد براءة لمكان آمن و قد تولى يوسف أمر نقله دون عايدة تحسباً إذا كان هناك من يراقبها، اطمأن يوسف على وضع الرجل ثم خرج حيث الجميع، قال صديقه عبد الغني الذي حضر للتو:
"جرا إيه يا يوسف يابن الناس الكويسين، هتفضل رافع راسك فوق و متكبر علينا...نسيت العِشرة و العيش و الملح يابن الكويسين؟ و الله عيب".ابتسم يوسف لمزاح صديقه ثم عانقه و بادله صديقه العناق باشتياق، ابتعدا عن بعضهما و قال عبد الغني:
"بتشتمني يابن الناس الكويسين و عايز تدفع حق خدمة الراجل، شايفني قليل الأصل قوي كده؟".قال يوسف بحرج:
"إنت أبو الأصول كلها يا عبده بس برضه أختك كده هتسيب شغلها و تتفرغله و ده أكل عيش".نطق زكي صديقه الآخر و هو زوج شقيقة عبد الغني:
"لا ده مصمم بقى يهزقنا، جرا إيه يا جدع مش عاجبك أخوها و عديناها كمان مش عاجبك جوزها مش ماليين عينك يالا و لا إيه؟، خلاص هنجوعها يعني، ده إنت إبن ناس كويسين صحيح".تحدث سعيد صديقهم:
"بقى دكتور و نسي أيام الكحرته".أضاف صديقهم الآخر بهاء:
"بقى إبن ناس كويسين قوي قوي".ضحكوا معاً بسخرية و من بينهم يوسف ثم قال عبد الغني:
"إوعى تنسى يلا إنك كنت صبي عند أبويا، كنت صبي ميكانيكي يلا فوق و إنسى الداكتره".أنهى كلماته و هو يضربه على رأسه بخفة و قاطعهم زكي بقوله:
"طيب يلا عشان عم سلامه. مستنينا".أومأوا موافقة و وجه يوسف حديثه لنعمات التي خرجت من غرفة والد براءة للتو:
"خدي بالك منه يا ست نعات الله يكرمك و إوعي تنسي مواعيد الأدوية، أنا كتبتلك كل حاجة و لو ناقصك أي حاجه عرفيني"."متخافش ياخويا في عنيه، اللي يخصك يخصنا ياخويا، متقلقش عليه".
قالت كلماتها و هي تشير على عينيها و خرجت كلماتها بصدق فهي لم و لن تنسى شهامة يوسف عندما توفى والدها هو من وقف بجانب شقيقها و علمه عمل والده و سانده حتى استطاع عبد الغني أن يستمر بعمل والده و يعيل عائلته فهو لم يكن يهتم بعمل والده و لا يفقه به سوى القليل، أومأ يوسف موافقة بابتسامة ثم شكرها فهو يثق بها و بمهارتها و خبرتها كممرضة فيما نظر عبد الغني لها يؤكد عليها الإهتمام بالرجل على أكمل وجه و التقطت هي نظرته فأومأت له تطمئنه.
ذهبوا جميعاً لمنزل سلامة المجاور للمنزل الذي يقبع به والد براءة و هو ذلك النجار الذي كان يعمل لديه يوسف، جلسوا معاً و قص لهم يوسف ما يهمهم بالأمر ليوضح لهم مدى خطورة الوضع كي يهتمون بأمرهم ثم أردف:
"أنا بس عايزهم وسطكم لحد مارتب نفسي و أشوف هنتصرف إزاي لإني للأسف لو بلغت البوليس دلوقتي القضية هتلبسها و سهل على الناس دي تثبت و تلعب في الورق و خصوصاً إنه معاها بقاله فترة".
YOU ARE READING
كل ده كان ليه
Mystery / Thriller(كل ده كان ليه؟) سؤال يتكرر مراراً و تكراراً بأذهاننا، نحن أصحاب القلوب النقية البريئة، أرغمتنا الحياة لنسلك دروباً مُعتمة و نحن من اعتدنا على الضوء و بريق النقاء، كل ما حلمنا به الأمان و السكينة، لم تقسو قلوبنا يوماً، كيف تقسو و هي لا تعرف غير الحُ...