٨-رهينة الحب

328 15 9
                                    

"و أهيم شوقاً إن مررتِ بخاطري
فتسيل من فرط الهيام مدامعي
و يزيد مني أنين قلبي و نبضه
و تشتاق للصوت الجميل مسامعي"
(أحمد شوقي).

تحركن معها صوب الشرفة و جلسن معاً، لحظات وصدح صوت صراخ من الأسفل، وقفن ينظرن ماذا يحدث وتفاجأن بالسيدة والدة عبير تخرج مهرولة من المنزل بملابسها البيتية و تحاول تغطية رأسها بالحجاب بهلع، سألتها براءة بفزع:
"مالك يا طنط في إيه؟".

صرخت السيدة ما إن استمعت لصوت براءة و رفعت رأسها تنظر لها و هي تضع يدها على صدرها برجاء و تقول بتلعثم:
"ياختي الله لا يسيئك تحوشيهم عني بقى، أنا أستاهل ضرب الجزمة إني جيبت عريس، حوشيه عني وحياة أمك الغالية، ياختي يقطعني على  عملتي السوده، أنا مني لله بس خليه يعتقني بقى".

انفجرن الفتيات في الضحك، لم يتمالكن أنفسهن، يجاهدن لكبت الضحكات ولكن دون جدوى، استمعن لقولها:
"يا بنتي أنا جتتي مش خالصة".

خرجت سيدة مسنة لشرفتها بعدما استمعت لصوت الصرخات:
"مالك يا أم عبير؟".

"إلحقيني يا ست رجاء، الجن ياختي، عفريت ومش راحمني".

اندفعت رجاء قائلة وهي سيدة مسنة تقطن بالدور الأول:
"ما عفريت إلا بني آدم ياختي، إنتِ اتهبلتي يا ولية......"

"يا خرابي ياما، انجدوني يا ناس".

هكذا قُطع حديث رجاء من قِبل (أم عبير) بصراخ و هي تهرول مبتعدة عن المبنى بعدما خرج قط أسود من شرفتها و قفز صوبها، ضربت السيدة كفيها ببعضهما وهي تتمتم:
"لا حول ولا قوة إلا بالله، الولية اتجننت".

انتبهت لضحكات الفتيات المرتفعة فنظرت صوبهن وضحكت قائلة:
"الست دماغها لسعت ياعيني، شوفتوا جريت إزاي؟، بس تستاهل يمكن تعقل و تبطل تحشر مناخيرها في كل حاجة".

لم يستطعن الرد من بين ضحكاتهن وقد اغرورقت أعينهن من فرط الضحك وقد أصابتهن نوبة ضحك صاخبة اخترقت السكون و تحولن من حالة الحزن لحالة غريبة و لكنها لذيذة تُسعد قلوبهن بعثها الله لهن كالغوث لإنتشالهن من حالة الحزن.

أبان ذلك بشقة حميدة عندما انقطع الضوء، خفق قلب عايدة وارتجف جسدها ولكنها ظلت ساكنة بمحلها تحاول التماسك كما تعودت ألا تظهر خوفها، قالت والدتها بنبرة هادئة:
"قربي يا قلب أمك، متخبيش خوفك عني".

اقتربت عايدة من والدتها فضمتها حميدة بذراعها و ربتت على كتفها ثم أردفت:
"طول مانتِ معايا متخبيش وتداري، كفاية اللي بتدرايه قدام الكل يا حبيبتي".

وضعت عايدة رأسها على صدر والدتها بارتياح تستمد منها الأمان، مسدت حميدة على ذراعها و أردفت بحزن وألم:
"و بعدهالك يا بنتي، العمر بيجري و السنين بتمر و إنتِ لسه على حالك، لسه كاتمة في قلبك و شايله الهم لوحدك و الحِمل تقيل، هتفضلي هربانه لحد إمتى بس؟".

كل ده كان ليهDonde viven las historias. Descúbrelo ahora