36- حديث من الماضي

720 32 1
                                    

أمسك العلبة ليسحب سيجارة أخرى لكنه تراجع حين أدرك أنها لن تفيده فرمى العلبة أرضا بقوة مما دفعها لتنظر له بتساؤل .. فقال و هو يستقيم ليمشي باتجاهها "لماذا تكذبين باستمرار؟"

لم تتحرك من مكانها تراقبه يقترب لتجيب بهدوء "لماذا تريد أن تعرف كل شيء عني؟"
"إنه حقي" قال يقف أمامها تفصلهم خطوة عن بعض فقالت بجدية "حقا .. هل ستقبل أن أسألك أنا عن كل تحركاتك؟"

بالتأكيد سيقبل أن يخبرها بكل شيء و هو في الأيام الفارطة حرص على ذلك .. إتصل بها لأكثر من مرة يوميا و اخبارها بمستجداته .. تحدث معها حتى عن صفقاته و لكن لا جدوى منها ..

لماذا لاترى ما يحاول فعله من أجل علاقتهما ؟ .. لماذا تريد سماع كل شيء من شفتيه؟ لماذا عليه أن يبرر كل فعل و كل قول لها؟ ذلك جعله يغضب أكثر ليمسك ذراعها و يسحبها نحوه بقوة وهو يقول "أتعلمين أنا لا أندم لأنني قلت أنك غبية .. لأنك بالفعل غبية"

"لا تعتذر لاحقا لأنني لن أغفر لك هذه المرة" قالت بنبرة مهتزة فأمسك رأسها بين يديه ليقول بهدوء عكس الغضب داخله "اللعنة .. أنت المرأة الوحيدة التي أردتها فعلا .. الوحيدة التي جعلتها تحمل إسمي .. الوحيدة التي أردتها أن تحمل أطفالي .. الوحيدة التي اتصلت بها يوميا فقط لإخبارها بما سأفعله ..  الوحيدة التي إعتذرت لها .. الوحيدة التي أردت أن أمارس الحب معها لا الجنس .. الوحيدة التي دفعت مئات الملايين لأنقذ والدها من الإفلاس رغم أنها رفضت مساعدتي .. الوحيدة التي إعتبرت عائلتها عائلتي .. ولكن للأسف هي لاترى ذلك و لا تقدر ذلك لأنها غبية"

أنهى كلامه يدفعها لتسقط على السرير خلفها ثم سحب معطف من الخزانة ليخرج .. استقامت بسرعة تركض خلفه لإيقاف لكنه إلتفت لها يقول بجدية "إذا أردتي البقاء معي لن تلحقيني"

لم يهددها بقتلها و لا تعذيبها .. هذه المرة الأولى التي يهددها بتركها و ذلك جعلها تتجمد وسط الدرج تنظر له و هو يخرج غاضبا يضرب الباب خلفه بقوة  .. لطالما أخبرها أنه لن يتركها أبدا لكن هذه هي المرة الأولى التي يهدد بتركها ..

نزلت دموعها على وجنتيها تزامنا مع نزولها لتجلس على الدرج .. حسنا .. تعترف أنها غبية ليس لأنها لم تلاحظ تصرفاته بل لأنها لم تشاء أن تحلم به و يتحطم حلمها .. لم ترد أن ترفع من توقعاتها منه كي لا يكسر قلبها و الآن لقد دمرت كل شيء ..

تنهدت و قد قاربت الشمس على الغروب لتدخل المطبخ .. ستطبخ شيئا ليتناولاه في العشاء .. حسنا ليست مجنونة لكنها تعلم أنه لن يتركها بمكان منعزل بمفردها ليلا و هي متأكدة أيضا أنه لم يبتعد كثيرا عن المكان كي لا يعرضها للخطأ .. ذلك ما أخبرها به قلبها و هي ستستمع له منذ اليوم .. و تدعو ألا تكون قد تأخرت لتفعل ذلك ..

شغلت موسيقى لموزارت بهاتفها بينما تشرب كأس عصير برتقال لأنها تشعر بالجوع فعلا ثم ثنت أكمام القميص قبل أن تشرع بتجهيز العشاء ..
بعد تفكير عميق قررت صنع حساء لتدفئتهم و قطع لحم مشوي مع سلطة الخضار ..

نجمة العالم المظلم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن