الفصل الثالث عشر ❤

6.1K 85 1
                                    

فوت وكومنت حلو زيكم يا قمرات 😍💛
نحن لا نختار في العيش من نرتاح معهم بل نختار من لا نستطيع العيش بدونهم ، ولكن حتى هم أوشكوا على الهروب من حياتنا ، كسحابة غائمة مليئة بالأمطار ، توقفت وبدأت فى بكاءها ومن فوقها السماء أخذت تشاركها بصراخها وعويلها بعد فراقك ، فأين أنتى يا حبيبتى ؟ ، أين أنتى..!!!!
تخللت خيوط الأشعة الذهبية إلى غرفتها لتستيقظ وهى تتثاءب ، استقامت من على سريرها وهى تفرك عينيها إثر احمرارها الناتج عن البكاء المرير الذى لازمها طيلة يوم أمس ، لم ولن يتركها الخوف الناتج عن ما مرت به من ضغط نفسى قبل الجسدى ، قامت بسرعة وهى تلتقط تلك الرسالة وتقطعها إربا ومن ثم أشعلت النيران فيها حتى أصبحت رمادا أسودا ، خرجت من غرفتها براحة محدودة لتقابلها كريمة قائلة بتساؤل:
مالك يا روجينا ؟!
اصتنعت ابتسامة وهى تجيب:
مفيش..أنا كويسة.
رمقتها كريمه بعدم اقتناع لكنها قالت وهى تمط شفتيها:
طب تمام..يلا بقى علشان الفطار يتحضر.
ضحكت بشقاوة وهى تتوجه معها إلى المطبخ ، قالت كريمه بإبتسامه حنونة تقترح :
روجينا ليه متفكريش تشتغلى وتكونى شخصيتك المستقلة وحياتك ؟!
نظرت لها بتوتر وهى تجيب بخوف:
بس أنا مجربتش قبل كده يا أبله..إنتى عارفة إنى معاكوا عالطول هنا.
ربتت على كفها قائلة بحماس:
إنتى بتحبى التطريز إيه رأيك لو جبتلك الأقمشة وتفصلى وتبيعيهم ؟!
أخذت الفكرة تدور برأسها فقالت ببصيص من  أمل تحاول أن تشغل عقلها به:
وأنا موافقة.
أكملت تحضير الفطور وهى تفكر في الحياة المقبلة عليها وهل سيتركها رامى فى حالها أم سيعكر صفوها...!!!!
***************
جالسة أمام البحر تشكيه همها فوق الهموم التى تراصت بداخله الأحزان كأنها مثل الهواء فى وسط الماء ، تكفكف دموعها بطرف كمها وهى تتذكر ما قيل لها على لسان حاله
" مكنش عمد يا شذى "
قامت بإصرار نادبة ما مرت به ، أعادت خصلات شعرها البندقى إلى الوراء بإهمال ومن ثم ذهبت وهى تضم يدها إلى صدرها ، ستنسى ، هذه كلمة قد يكون لها معنى فى بعض القواميس والبعض الآخر ليس لها أدنى دلالة ، هزت رأسها بإيماءة وهى تحدث نفسها قائلة
" إن لم أنسى بإرادتى فإرادة الأيام فى محو كل ما فى الذاكرة هى التى ستسطو على أى رغبة ملحة بداخلى " ، شعرت بأن داخلها شعور غريب يدفعها إلى فعل شئ أغرب ، نظرت إلى الأتوبيس الذى يستقله الناس ، وفجأة باغتتها ذكرى أرقت مضجعها ، تعلم أنه لا محالة من منعها ، صعدت إلى الأتوبيس وكان مزدحما إلى حد ما ، اتخذت لها مجلسا وهى تنظر من الشباك الصغير بجانبها ، نظرت لإحدى المواضع فسمعت صوت يرن فى أذنها قائلا:
وده بقى أتوبيس الشعب المصرى.
-ههههههه..بس كفاية وإحنا بنتمرجح كده.
وفجأة اقترب منها شخص يلتصق بها عن عمد ليبعده نضال عنها بعصبية قائلا بتحذير:
ابعد أحسنلك.
نظر له بخبث ومن ثم ابتعد لتنظر هى له سائلة بخفوت:
انت يا نضال بتخاف عليا !!!
كانت ترى نفسها وهى تعقص شعرها بتوكتين وهو يمسكها من يدها يشعرها بالأبوة و....الحب..!!!
لمعت عيناها بالدمع لتلتقط تلك الدمعة التى تجمعت بسرعة البرق على طرف إصبعها ، أطالت النظر لها لفترة لا بأس بها فقالت فى نفسها:
أيتها العين لا تدمعى..لا تكونى سهلة لكل محتلى..خان وأباح ما أذعنته لرادعى..أيتها العين لا تدمعى ... !
***********
شعرت بمن يضربها على وجنتها بخفة ، أدارت رأسها وهى تشعر بذلك الدوار الذى يداهمها نتيجة لعدم تناولها شيء منذ ظهيرة أمس  ، نظرت له وهو يجلس على الأريكة ، ينفث غضبه الظاهر لها على بعد المرأى فى سيجارته ، حاولت القيام لتشعر بتلك الأغلال التى تقيدها ، نظرت إلى يديها وقدميها لتشهق وهى تصرخ بعنف قائلة:
فكينى..هقتلك يا رامى..هقتلك..ضيعتنى..قتلتنى..ليه عملت فيا كده ليه..لييييه!!!!
اقترب منها وهو يملس على خصلاتها ببطء جعلها لا تقدر على التنفس من كثرة الشعور بالتقيؤ الذى اعتراها ، قال بابتسامة خبيثة:
بقيتى شرسة يا قطتى !
نظرت له بعيون أضيئت فيها نار اشتعلت وبقى الدخان الناتج عنها يشعره ولو بذرة من الإختناق قائلة بإنفعال:
انت ليه عملت فيا كده ! ..ليه يا رامى..أنا ضيعت بسببك..أنا عملتلك ايه...حسبى الله..حسبى الله.
جلس بجانبها وهو يمسح دموعها بطرف إصبعه ليصيبها النفور فزمجرت بغضب:
ابعد عنى..ابعد.
صدح صوت ضحكته قائلا بإستفزاز:
ولو مبعدتش..على العموم أنا على أتم الإستعداد إعاده التجربة مرة أخرى.
ذكرى عصفت بها لتبكى بعنف قائلة بقهر وبنبرة مهزوزة نجح هو فى استدعائه منها بكل يسر:
سيبنى..ومش هقول...مش هقول لحد على اللى انت عملته..أرجوك يا رامى..رجعنى.
قام وهو يزفر بضيق ليفك قيدها قائلا بإستنكار:
مهو بصى كده بقى..إنتى هتقومى تظبطى نفسك كده وحياتك القديمة ديه تنسيها..من هنا ده بقى مسكنك وطبعا مفيش أكل ولا شرب إلا بالأجر..وأجرك ده هيكون على حساب شغلك إنتى فاهمة.
نظرت له بعيون مغرورقة بالدمع وقلب يرتجف ويقشعر لمجرد فهم ما يتلى الآن ، لا تعلم هل هذا قدرها أم أنه السير على طريق القدر حتى نعلم ما النهاية وهل ستنتظر هى تلك النهاية بعد أن فقدت أهم شئ لديها ؟! أصبحت عبدته وهو سيدها ، يجلدها بكلماته ، الجريئة واللازعة إلى حد كبير ، حاولت الفرار لكن.. منه ! ، أضحك بسخرية وأقول ، عليها أن تستسلم لقدرها بعد فقدان الأمل..!!!!
*********************
محاولات بائسة فى رجوع ذلك النبض الذى كان يسمع صوته لها ، لها وليس إلا لها ، يقف آصف أمام الغرفة يكاد يبكى من القلق على صديق طفولته وما آل عليه فى الأوان الأخيرة ، يحمل على عاتقه حمل صلب وثقيل ، لا يقبل مساعدة من كان ، لكن هل انتهت قدرته على التحمل ؟ ، كأن ما حدث ما هو إلا دافع لإنفجار الصمت بداخله ، ولكن حتى هو لم يستطع تحمل زلزال الصمت هذا ليصارع الموت على ذلك السرير الأبيض ذو الملاءة  البيضاء والوجه الشاحب الذى يخطه سيل من الدماء ، وجسد تمزق بعض أجزائه لتحوله إلى قطع تحتاج إلى الترميم مرة أخرى ، جلس وهو يدعو بلسان لا ينفك عن قراءة القرءان فى سره وأذن تهفو على سماع صوته ، صوته المرح الذى يشعر بذلك الحزن الذى يجاوره بلا كلل ولا ملل ، نظر إلى الغرفة وقد نزل الدمع فارا من عينيه بلا قدرة على التحمل أكثر من ذلك ، بغضها وبغض حب صديقه لها ، كان يعلم أن فى يوم من الأيام ستحدث تلك المشاحنة ، أو بالأحرى حلول تلك الرياح الهائجة لتحطم ما بنى طوال سنون عتيدة ، بكل هذه السهولة انقشعت الشروع وتاهت الباخرة فى وسط البحر المظلم الأسود..!!!
قطع كل ما يحدث بداخله من صراعات خروج الطبيب وجبينه يتحبب عرقا مزيلا إياه بكف يده ، بينما يلهث بشدة كمن خرج من سباق المارثون لتوه ، اقترب منه آصف قائلا بخوف يسخن صدره فيجعله كاللهب المستعر الذى لا تطفئه ريح عاتية:
نضال..أخباره ايه؟!!
نظر الطبيب له بإشفاق على حالته التى تبكى اليتيم وتيقظ قلب أرهقه القسوة مجيبا:
للأسف هو عنده كسور فى أكتر من منطقة فى جسمه..ديه معجزة إنه نجى من الحادثة ديه..ربنا بيحبه وكاتبله عمر جديد.
ربت على منكبه وهو يغادر ، فينظر أصف للغرفة بغير تصديق ، إنه لا يزال يتنفس نفس الهواء العبق ، نفس الرائحة التى تشى بواقع مرير ، لكن يكفى بقاء جسده على قيد الحياة ، والقلب سيكون لإحيائه مرة أخرى سبل سيحاول هو بقدر جهده حتى يصل إليه... !!
************************
" آآ..أنا أسفه مكنتش أعرف إن حضرتك هنا..أنا داخله.
لالالا خلاص تعالى أنا كده كده كنت داخل دلوقتى.
أنا أسفه لو ازعجتك.
هو إنتى بتتأسفى عالطول كده من غير أى غلط..رغد إنتى مغلطتيش فياريت تقللى من اعتذارك. "
ابتسامتها تلك تؤرق قلبه وتجعله يصرخ بإسمها أملا فى من يجيب عليه وهل هناك أفضل بالنسبة له عندما تلبى هى النداء ، يا على صرخة كادت تفلق صدره لشقين كما فلق البحر بقدره قادر ، حاول إخباء دموعه لكنه الآن بمفرده لذا فهى لها حق فليتركها تنهمر كما تريد أهذا قليل عليها..!!!
شعر بمن تربت على منكبه وعيونها تتلألأ بتلك الدموع قائلة بحزن:
صعب أووى اللى بيحصل ده مش كده ! .. كانت معانا وما بين يوم وليلة اختفت..لو كل واحد كان يعرف إن فى يوم من الأيام الأحبة هيفترقوا مكنش حد أهان أو جرح..ماما فريدة صعبانة عليا أووى مش قادرة أستحمل أشوفها بالمنظر ده.
كأن حديثها كان الدافع ليعلو نشيجه وصوت بكاءه وهو يضع رأسه بين كفى يده ينظر إلى الأرض ، جلست بجانبه وهى تضع رأسها على قدمه وتبكى هى الأخرى قائلة له:
عيط علشان ترتاح..يمكن عينك تتبدل وتبطل بكا فى وقت انت محتاجه فيه.
كلماتها مؤلمه ، بل جارحة ، كلا منهما يبكى على أحبة قابعين أسفل سماء واحدة ، وعلى أرض واحدة لكن قلوبهم متباعدة ، وأجساد تتفاوت فى أماكنها.. !!!
******************
مجرد اتصال عابر أجرته تتأكد من حجز وهى تهندم ملابسها وتضعها بترنيق فى حقيبة السفر ، نظرت لتلك الصورة التى تجمعها هى وهو ، كانت وقتها روح المشاكسة تغلب رونق الحزن الذى أصبح الآن الروتين المعتاد ، وضعتها على الطاولة مرة أخرى مصره على أن لا تأخذ أى شيء يذكرها به ، لكنها لا تعلم ، أو لم تجرب حقا ، أو قد فهمت الحب بشكل خاطئ ، فالحب يقبع داخل قلوبنا ليس فى الصور التى قد تتحطم وليس فى تلك الإسورة التى تزين معصم يدها ، التقطت إحدى الأوراق الفارغة والتقطت قلمها تحاول بث ما تريد فى تلك الورقة ناصعة البياض ، تتوالى الكلمات وتتوقف الأصابع عن حضورها ، تنهدت بأسى لتحاول أن تكتب ما يمليه عليه قلبها ، ليس بتلك الكلمات المنمقة التى تكون فى تلك الرسائل للراحلون ، بمجرد انتهائها منها طوتها عدة مرات وهى تقبلها بشفاه مرتجفة ، تتذكر لا إراديا أنه فى النهاية السبب ولكن .. السبب مجهول وهى لا تقدر على سماعه الآن ، يكفيها ما تلقته من صدمات ، أمسكت حقيبتها وهى تجرها وراءها حتى وصلت إلى التاكسى الذى بإنتظارها ، ابتسمت للسائق ابتسامة مذبذبة وهى تركب بينما يضع هو حقيبتها فى كبينة السياره ، وعندما هم بالسير نظرت هى إلى الوراء تودع تلك المدينة ، وتودع تلك العصافير التى كانت تيقظها بفعل زقزقتها الرنانة ، تودع تلك الرائحة التى تعشق استنشاقها فى الصباح الباكر ، وجاء وقت الرحيل !!!!!
*********************
بينما فى تلك الأماكن التى يملؤها السواد ، تقف هى مذعورة ، جسدها يرتجف خوفا ، يقترب منها هذا الرجل الخمسينى وعلى شفتيه تتراقص ابتسامة ماكرة ممزوجة بالخبث ، مجرد تلك الذكريات المؤلمة جعلت مرارتها على فقد الإنفجار نتيجة لتلك المرارة التى تزين حلقها ، ابتعدت عنه بحركة بديهية قائلة بصراخ منتحب:
متقربش منى وإلا هقتلك وأقتل نفسى...!!!!!!
#يتبع
ارائكم من غير تم و..م
#نورهان السيد

الفراق قدرىWhere stories live. Discover now