الفصل السادس عشر ❤

5.3K 79 2
                                    

فوت وكومنت يا قمرات 😉
 
إذا أغلق الشتاء أبواب بيتك ، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان ، فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي وأنظر بعيداً فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغنّي ، وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبيّة فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمراً جديداً وحلماً جديداً ، وقلباً جديداً .
**********************
وقعت الملعقة من يديه وهو يهتف بلهفة واضحة:
من رغد !!!
أومأ حسان برأسه وهو يفتحها ويشك أن هناك خطبا ما ، فتح الظرف بينما دقات فؤاد ذلك أقلعت حربا يصعب إيقافها ، تنظر حنين له بين الفينة والأخرى وهى تحاول أن تثبر أغوراه ،
كان سيتكلم حسان ويقرأها بصوت عالى ، لكن ما قرأه فى البداية جعله يضب معينه ويقرأها بوجه جامد الملامح .. !!
سأل لؤى بحرارة:
فيه ايه يا عمى !!
نظرت سميره إلى حسان قائلة بتساؤل:
فيه ايه ؟!!
بادل النظرات بينهم جميعا قائلا بثبات وهو يقوم من على المنضدة:
رغد..هى اللى مشيت من هنا..بإرادتها.
توجه لغرفة المكتب وهو يضع شخصه فى نقطة واحدة ، يمسك الورقة بين يديه ، يقرأها مرارا وتكرارا ، مؤلم ، حزن غطى على ملامحه وهو يفهم المعنى الحقيقى من رسالتها ، أبت الفقر والمذلة لتتركهم ، بل حقا تترك عائلتها الصغيرة تفيض دمعا عليها ، بينما على طاولة الطعام ، سكت لؤى وهو يستشعر أن هناك شيء ما ، قام للتوجه إلى غرفة حسان لتمسكه حنين من يده وهى تقوم قائلة بقلق:
أنا جاية معاك.
وبالفعل دخلا بعدما طرقا الباب ليقول حسان بأسى:
مش هقدر أتكلم مع حد فيكم دلوقتى.
قال لؤى بنبرة مليئة بين ثناياها بالرجاء:
عمى...مش هرتاح إلا لما أعرف فى ايه !!
نظر إليه حسان مطولا وهو يقول بتساؤل أبوى:
انت بتحبها يا لؤى ؟!!
شعر بتلك الغصة التى وقفت فى حلقه وبتلك البرودة التى اجتاحت أطرافه وهو ينظر لحنين ، قال حسان مرة أخرى:
مجوبتنيش على سؤالى !!
كادت تلك الآه أن تشق جوفه ليقول بمرارة:
أيوة يا عمى..من ساعة ما شوفتها.
توقف حسان وهو يقف أمامه قائلا
بترقب:
وليه ماقولتليش قبل كده يا لؤى ؟!!
لم يستطع التوقف أكثر وهو يشعر بأن صدره أضيء فيه بريق من الشعلة باشرت فى إحراق حلقه ، جلس على الكرسى وهو يضع وجهه بين يده قائلا بابتسامة حزينة:
لأنى عارف إن هى بتحب رامى..ووافقت عليه بس بعد ما تخلص دراستها..هابقى أنا العائق الوحيد فى حياتهم.
مد يده بالورقة له قائلا بملامح باردة:
اقرأ.
أخذها بقلب يرتجف وبيد ترتعش بدأ فى القراءة ومن ثم نظر لحسان بدهشة:
مش معقول يا عمى..عمر رغد ما تعمل كده !!
مط حسان شفتيه بإنكار لتنظر حنين إلى لؤي بتساؤل ليقول هو مفصحا عن ما فى الرسالة بقلب يتأرجح الآن ككرة البولينج وقريبا ستحسن اختيارها وهو تدميره كما تقع فى حجرها:
رغد مهربتش علشان تتجوز الراجل ده يا عمى...رغد مبتحبش المظاهر ولا بتكره فقر عيلتها.
نظر حسان له مطولا ومن ثم قال
بسخرية:
بس يظهر إنها المرادى أخطأت وهى اللى تتحمل نتيجة غلطها..هتخلى الكل يكره يشوف أبوها وأمها..هيقولوا بنتهم هربت وبعدين بعتت رسالة بتقول مدوروش عليا..أنا بخير ومع اللى هيدينى السعادة اللى بجد !
وقف لؤى ثائرا ، هذه الكلمات تغضبه ، رغد لن تفعل ذلك ، خرج من الغرفة بسرعة وهو يكرمش تلك الورقة البغيضة بين أصابع يده بعدم تصديق ومزيج من الألم والقهر ... !!!!!!!
**********************
" نضال..نضال..ياريت تكلمني. "
-يووووه بقى فيه ايه !!
-أنا بحبك يا نضال
-ههههه..يا خرابى عليكى..انتى يا قلبى بتحبينى..وأنا كمان.
-أنا مش بهزر يا نضال..أنا فعلا بحبك.
-ما أنا قولتلك وأنا كمان بحبك.
التقطت تلك المذكرة التى كانت تدثها بين ملابسها خفية ، تعلم أنه ليس بشئ جيد ولكن لا تدرى ماذا تفعل ، تشتاقه ، تشتاق حضنه الدافئ وضمه لها بكل حب ، تخاف أن تفقده فى يوم من الأيام حتى وإن لم يكن لها .. !!
جلست على سريرها وهى تقرأ بصوت منخفض:
شذى..كل حياتى..نفسى أقولهالك من زمان بس مش هقدر..فى حاجة مانعانى طول حياتى..يمكن لو عرفتيها تكرهينى من غير ما تعرفى ايه اللى جوايا..والدك..أنا آسف بجد بس والله مش بقصدى ولا بقصد آصف..كل حاجة جت بسرعة..ملحقناش حتى ناخد نفسنا من اللى بيحصل ورا بعضه..بس مش لازم تعرفى..أنا موجوع أووى يا شذى..فى قربك جنة وفى بعدك نار..بختم يومى وأنا حاطط راسى على مخدتى وبقولهالك..بحبك يا شذى.
وعند هذه الكلمة أخذ قلبها يحترق ، حتى باتت تشم رائحة الدخان النابع من داخلها ، انتفضت من على سريرها وهى تقول بألم ممسكة بتلك الرسالة التى خطتها شذى قبل رحيلها لنضال:
وأنا يا نضال..روجينا..ايه فى حياتك..تقربلك ايه..أنا مين ....!!!!!!
*******************
بعد مرور ثلاثه أيام..
فاقت على زقزقة العصافير كأنها تقول
لها:
لن أترككى يا عصفورتنا.
مجرد بسمة شقت فاهها وهى تقوم وتضع لهم بعض الأكل ومن ثم توجهت لتعد كوب القهوة الصباحى ، ارتدت ملابسها  ثم خرجت بسرعة بعدما لفت نفسها بجاكتها البنى الغامق ، أخذت تتمشى وهى تحتسى المشروب لتقف أمام تلك النافورة ، جلست أمامها وهى تبعد خصلة من شعرها للوراء ، بللت شفتيها بطرف لسانها وهى ترى ذلك الطفل الذى يطعم الحمائم بسعادة ، اقتربت منه وهى تسأله بابتسامة:
أيمكننى أن أطعمها أنا أيضا يا صغير ؟!
نظر لها بوجه متهجم قائلا بغيظ:
أنا لست صغير..ولكن..تفضلي خذى هذا.
أخذت منه الطعام وهى ترميها على الأرض لتقترب الحمائم وتأكل ، مسدت على رأس الصغير قائلة بابتسامة:
أشكرك يا..
بابتسامة بسيطة رد:
جونى..ولكن أمى تنادينى جون.
أومأت برأسها وهى تمسكه من خده
قائلة:
حسنا جون..وداعا.
سارت حتى تذكرت فجأة نضال ، وهل غاب عن فكرها إلا وقت الغفو ؟!
نظرت إلى هاتفها بإشتياق جارف تمنى نفسها بأن تسمع صوته ، نبرته الحانية وهو يلفظ حروف اسمها ، ضبت الهاتف فى جيبها وهى تعاود إلى منزلها الصغير الذى بات يأويها مؤخرا ، وقفت أمام المنزل وهى تدخل المفتاح فى الباب لتجد من يقول لها:
صباح الخير.
لم تنظر له وهى تقول بتهكم:
صباح النور.
قال بشغب:
مش بنفس.
وفجأة لفت تجاه لترمقه بحنق ومن ثم باغتته بغلق الباب فى وجهه وهى تستند بظهرها على الباب ، نظر إلى الباب المغلق بدهشة ومن ثم جر قدميه إلى منزله وهو يزفر بحراره ، لكن لماذا ....!!!!!!
************************
بينما فى مكان آخر..
يقف ووراءه هما ، ينظر لهما بغضب بين الحين والآخر ومن ثم يكمل سيره إلى المراد ، توجه إلى الداخل ليجده جالسا مثل المعتاد ، تلك السيجارة الفاخرة تحفظ وضعها بين شفتيه القاسية وهاذين الإصبعين الذين يلتقطانها ، جلس أمامه قائلا بإعتذار:
مش قادر أوصلها يا باشا...بس أنا مراقب بيت أهلها يعنى لو حاولت ترجع ليهم هكون عارف.
وقف هذا الرجل وهو يلوى شفتيه قائلا:
وهيفيدنى بإيه مراقبة بيتها..مش هتوصل لحاجة.
تنهد رامى بضيق ومن ثم قال بسماجة:
طب وأعمل ايه !!!
مط شفتيه متحدثا بنبرة ذات مغزى:
ولا حاجة.
اقترب رامى منه متحدثا:
حسن بيه..ياريت توضح..كلامك بقى كله ألغاز.
التفت حسن له مجيبا ببساطة:
مش هتقدر تقول حاجة لحد..ولو كانت عايزة ترجع لأهلها كانت رجعت..بس بدليل تأخيرها ده يدل على حاجة واحدة..وهى إنها خايفة..وده يحسسنى بالراحة..بس ديه آخر مرة يا رامى والأخيرة تابتة ما انت عارف !
بابتسامة صفراء هتف:
مش هيحصل تانى يا باشا.
خرج من الغرفة المجاورة وهو يجذ على أسنانه حتى أحدثت صريرا قائلا للسائق:
روح على البيت يا مهدى..
**********************
يجلس على مكتبه يعمل على إحدى الصفقات التى يتولاها بنفسه ، لو نجح في إتمامها سينال هذا إعجابه بنفسه قبل عمه ، لكنه شارد الذهن ، يشعر بضيق تنفس ، يتنفس مرارا وتكرارا حتى يعود لحالته الطبيعية ، طرق الباب ليأذن بالدخول فوجد من يسأل:
أخبار لؤى باشا ايه ؟!!
جلس ليجيب لؤى بابتسامة مجروحة الصميم:
زى ما انت شايف يا رامى..مفيش جديد.
ربت على كف يده قائلا بخبث:
يمكن علشان كده رفضت القرار من الأول..لازم تفهم بقى يا لؤى..هى هربت مع اللى معاه فلوس أكتر..هو ده الفقر..بيخليهم يحلموا بحياة مترفة مش من حقهم..بس هنقول..
قاطعه لؤى صائحا بعصبية:
خلاص يا رامى...قولتلك ميت مرة متتكلمش عنها كده تانى.
وقف رامى قائلا بسخرية:
انت حالتك صعبة أووى..عارف الحقيقة وبتعاند..ليه بتعاند ها ؟ ..بخط ايديها كتبت وبلسانها نطقت قبل ما تعمل كده..ليه بتعذب نفسك بدون فايدة ! صدقنى يا لؤى لو أقنعت نفسك بالحقيقة ديه هتكرها وتخرجها من حياتك..سلام.
وخرج مرة أخرى بعدما جعل تلك الكلمات تصرخ فى أذن الأخير معلنة صدى صوت يصفر فى عقله بإنذار ، هز رأسه بعنف وهو ينفى ما يقال عنها ، حاول شغل عقله ولو ببعض من العمل الذى علم فى الأوان الأخيرة أنه لا يقف بجانبه ..!!!!!
***********************
" صدمة ، التشخيص هو صدمة ، بجانب الحادثة ، أدى لحالته ديه ، ممكن تسميها الوحدة ، الضياع ، يأس ، زى ما تسميها بس فى الأساث هى صدمة "
نظر له بملامح متألمة وهو يسأل بحرقة:
طب ايه الحل يا دكتور ؟!
وقف الطبيب وهو ينظر من الشرفة ملقيا ببصره على الجالس بصمت تام ، لا يصدر ولو حركة واحدة:
لازم تحاول انت إنك تفكره بكل حاجة..كلمه..وأنا سامح إنك تخرج معاه..لازم يخرج من حالة الصمت ديه قبل ما نباشر فى العلاج..لإن لو عالجنا والحالة النفسية كده..هيبقى تأثير عكسى ..!!!!!!
**************************
تجلس معهما على الطاولة وهى تتظاهر بمضغ الطعام فى فمها ، نظرت لفارس بصمت وهى تقلب الملعقه فى طبقها ، توقفت إحدى الجزيئات فى حلقها محدثة حشرجة جعلتها تكح وعينيها تدمع ، التقطت كوب الماء من بين يدى مالك وهى ترتشفه بسرعة ، وبعد الإنتهاء وضعته على الطاولة ليقول فارس بحنان:
بعد الشر عليكى.
نظرت له بابتسامة وهى تتذكر أنه عند علمه بأنها ، يتيمة !!!!
اختارت وتتحمل النتيجة ، تخاف عليهم منه ، هددها ، تتذكر تهديده لها لتغمض عينيها بسرعة ومن ثم قامت وهى تقول بإعتذار:
عن اذنكم.
نظر مالك لوالده فأومأ برأسه له لتقوم رغد متوجهة لغرفتها ، جلست على سريرها وهى تمسح تلك الدمعة التى فرت من جفنيها ، تشتاقهم ، تشتاق الأيام الخوالي لكن بالنسبة لها..انتهى كل شيء ! ، وفجأة قامت بفزع وهى تسمع صراخ أحدهم وصوت إطلاق النار و....

#يتبع
ارائكم من غير تم و..م
#نورهان السيد

الفراق قدرىWhere stories live. Discover now