الفصل الثامن والعشرون❤

3.2K 73 2
                                    

  الفصل الثامن والعشرون 💙
- الفراق قدري  -
الغياب جفاء وطريقه بعيد مهما كانت المسافات ، ففي الغياب تتسع خريطة الشوق في جغرافية الروح ، وتضيق مساحة العتاب والخصام ، لأننا نعرف جيداً طعم بكاء الأشياء التي يخلفها الغياب ونرى كيف أن الحزن فيه يصفد أبواب الحلم.
*******************
تحاول ، محاوله قد تبوء بالنجاح وإلا الضد ، لكن يسمى ماذا ؟ ، بأنها حاولت وما عليها إلا ذلك ، لا تسمع إلا صوته محدثا أحد فى الهاتف ومن ثم دخل لها ليجدها جالسة على سريرها مشخصة ببصرها الآن عليه ، سأل بخشونة وبنبرة مرتعنة:
مالك بقيتى ساكتة كده ليه !!
لم يتحرك إنش من ملامحها معبرا عن أى شئ يدور بخلدها ، نظرت أمامها فى الفراغ لوهلة فاقترب منها حتى وقف أمامها لتمعن النظر فى وجهه الظاهر بعض ملامحه بفعل الإضاءة الخافتة التى بجانب سريرها ، يشعر بالإختناق وهو يسمع نبضات قلبه المتضاربة بداخله ، حدجها بتمعن بينما هى تتجنب نظراته تلك وجسدها يرتعش من الخوف ، جلس أمامها ليلتقط يدها على حين غرة فجحظت عيناها بصدمة ، بينما أصابعها ترتجف وهو يمررها على جانب وجهه المشوه ، حبست دموعها بقوة جبارة وهى تقسم أنها ترى دمعتين فرتا من مقلتى عينيه ، لا تعلم لما لا تشعر ب..بالخوف !! كأنه تبخر بأدراج الرياح ، ابتلعت ريقها بإزدراء وهى تسحب يدها من كفه بسرعة تبتعد عنه وهى تحجز نفسها بجانب على السرير ، رمقها بألم ليقف قائلا:
أوعدك..أوعدك إنك هتخرجى من هنا
قريب.
كلماته كانت واضحة حد العيان ، لكنها كانت مبهمة ، غير محددة الملامح بالنسبة لها ، سألته بنبرة مهزوزة:
ق..قصدك ايه !!
رمقها مرة أخرى وهو يطيل النظر إليها بنظرات كلها .. ، لا يعلم حتى ما معنى الذى يحدث الآن ، إنه أغلقه بمفتاح حتى صدأ بداخله فكيف استطاعت هى سبر أغواره بهذه السرعة الرهيبة ، ولكنها لن تكن له فى يوم ، وهذا قدر محتوم يعلمه هو ، لذا كانت هاتان الدمعتين الفقيرتين من أجل ذلك ، استطرد مجيبا إياها بهدوء لا تعلم ماهيته:
كل اللى يهمك تعرفيه..إنك هتتحررى للأبد..ده اللى عندى.
ثم توجه بسرعة إلى الخارج حتى لا يفعل ما لا تحمد عقباه ، دخل غرفته وأغلقها عليه بالمفتاح ، لا أحد غيره هو وهى ، لكن لديه شعور يؤرقه بأن يختلى بنفسه حتى يرتب ما سيفعله فى القادم ، وضع يده على قلبه متسائلا وهو يغمض جفونه بألم:
انت حبيتها امتي ؟ ..وازاى..وليه عالطول بتحب اللى مش ليك...غاوى عذاب مش كده ...!!!!
********************
لم تدرى كم مر من الوقت فى هذه الغفلة التى كانت كالثوان بالنسبة لها..اختلطت الأحلام الموحشة بنومها..لتستيقظ على دموعها التى تملؤ وجهها ، تشعر الآن أنها تسير على شعرة ، لو نظرت خلفها أو إلى الأسفل ستسقط لا محالة وهذا فى حالة لو اختارت هذا الخيار ، لا تعلم ما تقول وبما تدافع لتهبط دموعها بخوف وهى تتكور على نفسها ، بداخلها آهات تكتمها فأخذ يرتعش جسدها بشدة وهى تضع يدها على فمها مانعة صوت صرختها التى تحرق حلقها من الخروج ، توقف دمعها وهى تسمع طرقات خافتة على باب غرفتها ، تعلم أن الوقت حان ولا تأجيل بعد الآن ، علت دقات قلبها وهى تمسح دموعها متوجهة لتفتح الباب ، وكان الطارق هو مالك الذي أخذ ينظر لها بترقب قائلا:
يالا يا رغد..لازم توضحي كل حاجة..الكل منتظرك.
أماءت برأسها وهى تضع خصلتها المتمردة دائما ولم تتخلص منه خلف حلمة أذنها ، هبط مالك للأسفل لتدلف هى إلى الداخل فى محاولة بائسة أن تهدأ ضربات قلبها ، تعلم أن لا بد من نزولها الآن فلم التأخير ! ، وبالفعل أغلقت الإضاءة متوجهة للأسفل بخطوات متباطئة لأبعد حد ، رأتهم ينتظرونها على أحر من الجمر وهى التى لا بد من أن تهدأ طوفان التساؤل بداخلهم ، وقفت أمام فارس وهى تنظر للأسفل لكى تتجنب نظراتهم المتسائلة تلك ، أمسك فارس يدها بحنان بالغ وهو يجلسها بجانبه قائلا بصوت حنون إلى أبعد حد:
رغد..قولى كل اللى عندك..هل الكلام اللى قولتيه لينا ده صحيح ولا لا ؟! وأنا معاكى مهما حصل متخافيش من حاجة.
نظرت له بعيون مرتجفة ليومأ برأسه مطمئنا إياها ، باشر هى بعدما هبطت دموعها بغير إرادتها:
أنا مش من الملجأ..أنا فعلا ليا أب وأم..
لم يتحدث أحد منهم تاركين لها المجال فى قول الحقيقة بينما لؤى ينظر لها بعشق جارف ، لا تستطيع عيناه أن تخفيه ، لكن دموعها تلك تذبحه وتمزقه بلا رحمة ، أكملت هى قائلة:
أنا كذبت لما قولت إنى كنت عايشة فى ملجأ..بس مكانش قدامى حل إلا ده..خفت أحكى أى حاجة..أنا ليا أم وأب وأخ كمان..وهما شغالين عند عيلة أستاذ لؤى..خدامين بمعنى أصح..لذا أنا بنت الخدامة..
نظر لها بحزن وألم ، هذا الشعور الذى بداخلها يحرقه هو وهى تنطق تلك الحروف التى يعلم أنها تنهش فى طيات قلبها ، لتستطرد متمتمة:
بس أنا....أنا هربت من البيت ل..لما مكنتش قادرة أستحمل إهانات سميرة هانم وأغلب اللى فى المدرسة..بيقولولى عالطول يا بنت الخدامة..رغم إنى مبحبش المدرسة ديه وهى من أغلى المدارس فى مصر اللى أستاذ حسان دخلنى فيها..بس علشان أنا فعلا كده..كان الكل بيستعر منى علشان أنا أقل منهم بمراحل..مش هقدر أشتكى لحد مهما كان..كفاية إنه اتولى مسؤولية تعليمى..هربت واليوم اللى بعده قابلت حضرتك..أنا آسفة  إنى كذبت عليك..بس أنا مكنتش هقدر أقولك إنى هربانة.. أنا مش بستعر من أهلى وعارفة إن ده قدرى..بس مستحملتش..
نظرت للؤى الذى هدر بغضب فجأة:
ليه مجيتيش اشتكيتى ليا ولا لأستاذ حسان ؟...مقدرتيش ليه !..ليه مواجهتيش وفضلتى الهروب ؟!
الكلمات تلف حول عنقها بشدة حتى تجعلها تختنق ، هذه ليست الحقيقة هى تعلم ، وتعلم أيضا أن لؤى غير مقتنع بها ، رمقته سريعا ولم تجيب ليقف قائلا بنبرة عالية بعض الشئ:
انتى فعلا كده استعريتى من أهلك..ليه مفكرتيش إنهم هيجيلهم عار بالرسالة اللى انتى كتبتيها وبعتيها..ليه مفكرتيش إن الناس كانت قصتك لبانة فى بوقهم وهما عمالين يسمو فى بدن أمك وأبوكى لغاية ما أستاذ عمار اتوفى من قهرته عليكى ...!!!!!!
كان وقتها مالك يقرأ الرسالة مرارا وتكرارا لكن رفع عيناه وهو ينظر لردة فعلها ، تحجرت الدموع بعيناها بعدما توسعت حدقتى عيناها ، وهنا وقف فارس يصيح بغضب:
أستاذ لؤى..احنا قولنا ايه !!
لا يعلم ما هذا الشعور الذى اجتاحه فجأة بأن يؤلمها حتى تشعر بالفاجعة التى ارتكبتها ، هو لم يصدق مئة بالمئة لكن حديثها ذلك ، ألهب الدماء الجارية فى أوردته ، تلفظ بالأخيرة وهو غير مصدق أنه قال ذلك لها ، وقفت بوجه شاحب وهى تردد:
ب....بابا مات..باب..
شعرت أنها على حافة الانهيار وكلماته تتردد بصخب فى أذنها:
انتى فعلا كده استعريتى من أهلك..ليه مفكرتيش إنهم هيجيلهم عار بالرسالة اللى انتى كتبتيها وبعتيها..ليه مفكرتيش إن الناس كانت قصتك لبانة فى بوقهم وهما عمالين يسمو فى بدن أمك وأبوكى لغاية ما أستاذ عمار اتوفى من قهرته عليكى ..!!!
لم تشعر بنفسها وهى تجثى على الأرض وتصرخ بكل ما أوتيت من قوة ، يكفى الآن تحملا فلتوصل صرخاتها إلى العنان ، ضاع كل شئ منها ، أفقدها رامى كل شئ ، أفقدها نفسها ، ثم والدها ثم والدتها ، حتى ظنت أن الفراق قدرها بل حقا تيقنت أن الفراق قدرها !!اقترب منها مالك بسرعة وهو يحاول تهدئتها ولكن ، هو لم يحذر بالفعل من النار التى تحرق الآخر ، وكأن بقربه هذا منها وضع البنزين على النار لتومض بإنفجار هائل وهو يقترب منه مبعدا إياه عنها ، ليلكمه لؤى بغير وعى ، حقا عقله ذهب ولم يبقى منه إلا ذرة واحدة..ذرة وسيلقب بالمجنون ! ، بينما هى تضع كلتا يديها على أذنها بعنف وتضغط على جفونها بشدة آلمتها لكنه حقا ألم لا يوازي ما بداخلها ، فما هو إلا صواعق من الكهرباء الجارية فى عقلها وجسدها ، كان جسدها فى هذا الحين يصرخ مجاورا صراخها اللامتناهى ! ، وفارس يحاول فض الشباك بينهما ولم ينهيا هذا إلا بعدما رأى لؤى رغد تجرى بسرعة متوجهة للخارج من هذا الفندق والغرفة اللعينة ، تجر ما بقا من نفسها ، هل حقا تبقى منها شىء بعد هذا الدمار الشامل ؟! ، سحابة من الغموم الممطرة أثقلت رؤيتها وهى تجرى فى الطرق مثل المختلين ، خرج لؤى بسرعة فى محاولة منه للحاق بها ، جرى وراءها ليجدها تقف عند إحدى الكبائر ، وفى هذه اللحظة بالفعل استدرك نحولها الزائد ، استدرك عدم مقدرتها على تحمل المزيد ، اقترب منها وعلى حين غرة ضمها بكل ذرة حنان بداخله ، فما أصعبه من إحساس عند فقد عزيز عليك ، والأصعب تلقيها الخبر بهذه الصورة الموحشة ، لم تشعر بنفسها وهى تحيط خصره بعدما قل توازنها لتسقط على الأرض فجلس بسرعة ملتقطا إياها فى حضنه وهو يسمع همساتها الباكية:
والله أنا ما عملت حاجة..أنا آسفة يا بابا.
شد من ضمه لها وهو يقول بألم لتسقط دموعه بسهولة ويسر على خديه قائلا بحروف مبعثرة لم يقدر على لم شتاتها:
أ..اهدى يا رغد..خ..خلا..خلاص أنا معاكى ومش..ه..هسيبك تانى.
لم تسكت همساتها وهى تصيح بعدم وعى:
هو اللى خطفنى..هو اللى دمرني...هددنى بيكم والله أنا كنت خايفة عليكم..ليه كده..ليه سيبتينى وأنا كنت بحاول أحميكم..ليه يا بابا ليه !!
لصقت كلماتها فى ذاكرته ولكن هذا ليس الوقت المناسب حتى يسألها على شىء ، لم تنتهى نوبة بكاءها إلا بتخدل جسدها الصغير الذى يحويه بصدره العريض ليعلم أنها فقدت الوعى مرة أخرى ، حملها بسرعة وهو يعود إلى لفندق ثانية فوجد فارس يحاول تهدئة مالك ، فتح السيارة ووضعها بداخلها ليقترب مالك بسرعة قائلا بقلق:
اركب...أنا اللى هسوق.
وبالفعل ركب لؤى بالخلف بعدما شعر أنه هو الآخر سيفقد وعيه بالقرب العاجل ، فهو لم يأخذ دوائه بجانب الضغط العصيب الذى يمر به الآن ! ، نظر لها وهى بين حضنه المشتعل من الرعب عليها ليغفل عن نظرات الذى ينظر لهما بغضب مكتوم فى حدقتى عينيه ، نبهه فارس الجالس بجانبه بتحذير لينظر أمامه حتى وصلا إلى المشفى ، حملها وهو يشعر بنبضات قلبها البطيئة إلى حد مكروه ، دخل بها وهو يصرخ فى المارة حتى وضعها على أحد الأسرة لتختفي عن ناظره ، جلس بهمدان وتعب واضح على جميع خلجات وجهه ليشعر بفارس الذى جلس بجانبه ومالك الذى يزفر بضيق ولا تخفى عن ملامحه هو الآخر القلق ، قال بصوت منخفض:
كلامها كله كدب.هى مهربتش من البيت.
نظر له فارس بصدمة متسائلا بترقب:
وهى ايه الحقيقة ؟!
أغمض عيناه وهو ينطق بالكلمات المبهمة التى قالتها بدون إدراك:
بتقول إن حد خطفها ودمرها ..!!
وقف فجأة هاتفا بدهشه وعدم تصديق:
أنا فهمت كل حاجة.
لم يقدر على الوقوف ليقترب منه مالك متسائلا بتأنى:
قصد حضرتك ايه يا بابا ؟!!
وهنا تذكر فارس حديثه لها
" رغد..هو فى حاجة انتى مخبياها عنى ؟! " 
نظرت له بعدم فهم ليقول هو محاولا فهم أى شئ منها قائلا:
الدكتور لما جه يكشف عليكى لقى آثار على رقبتك وإيدك..ممكن أعرف من ايه دول !!
سرت البرودة فى أوصالها لتقول محاولة الثبات وهى تذم شفتيها فى قولا كاذب:
و..وأنا بنط من على سور الدار وقعت واتعورت.
نطقها بصعوبة وعدم استيعاب:
ممكن فعلا تكون اتعرضت..ل..لإغتصاب..لأن الدكتور ساعتها كان شاكك وقالى وأنا نهيت ده !!!
فتح عيناه على مصرعيها وهو يتذكر قولها:
هو اللى خطفنى..هو اللى دمرني...هددنى بيكم والله أنا كنت خايفة عليكم..ليه كده..ليه سيبتينى وأنا كنت بحاول أحميكم..ليه يا بابا ليه !!
احتدت عيناه بعدما عم الظلام حولها ، هل ما يحدث حقيقة ؟! هل فعلا هذا ما تعرضت له وهربت بعدما هددها أحد بعائلتها ! ، استقام فجأة وهو يزمجر بنزق وعنفوان:
أكيد ده مش حقيقى.
استفاق على صوت الطبيب وهو يخرج من الغرفة ووراءه إحدى الأطباء النساء ، نظرت للطبيب ليومأ برأسه بأسف فرمقتهم
قائلة بتساؤل مستهجن:
انتوا تقربولها ايه ؟!!
رمق فارس لؤى ومالك بتحذير قبل أن يتمتم قائلا:
أنا والدها..فيه ايه يا دكتورة ؟!!
أطلقت زفيرا طويلا قبل أن تلقى الفاجعة:
كانت حامل فى شهر ويظهر إنها اتعرضت لضغط عصبى حاد فأجهضت...وباين أن ده نتج عن اغتصاب ....!!!!!!
********************
دخل بكل هدوء مستفز وهو يسأله بهدوء حاد:
ايه قرارك..أظن إنى اديتك الفرصة الكافية تفكر !
أخرج وجهه المحتقن دمائه من بين كفيه قائلا بصوت خشن:
أنا موافق على اللى انت عايزه.
ابتسم بخبث وهو يعود بظهره للوراء متمتما بمكر:
كده انت رجعت رامى ال..القواد اللى أعرفه.
علا صوت ضحكته فى الأركان ليقول بداخله بغضب يكاد يوقف نبضات قلبه مخبأ إياه بداخله وهو يتوعد بشر:
والله ما هاسيبك يا حسن بيه.
خرج ليجد العالم الذى اختفى عن أنظاره ما يقرب من ثلاثة أيام ، يعيش على فتات الطعام الذى يعطيه إياه حسن بشماتة ، تظر له الأخير بتحذير وهو يشير بإصبعه بالقرب من وجهه قائلا:
لو فكرت تهرب انت عارف إنى هوصلك..سلام يا رامى باشا..مستنيك بكرة متتأخرش.
ومن ثم دلف للداخل مرة أخرى ليقف الحارسان على الباب ، أظلمت عيناه بقتامة وهو يشعر بأن كرامته قد أهدرت بقدر كبير ، اعتصر قبضتاه داخل جيبه وهو يسير فى الشارع بسرعة محتميا من المطر الذى أخذ بالإنهمار ، كأنه أراد أن يشاركهم ألمهم وعذابهم ، نظر للقصر من الخارج ومن ثم دلف للداخل فوجد الحارس يقول له بأسى:
أستاذ رامى..أنا آسف..بس أستاذ حسان مانعك من الدخول.
زمجر فيه وهو يفض كامل غضبه عليه صائحا بتهديد:
ابعد عنى علشان شرى ميهوبش نحيتك.
أوقعه وهو يدلف إلى الداخل ليقف وهو يرى والده يقف أمامه بجمود ، رفع غطاء جاكته فأخذت تتساقط قطرات الماء على رأسه ليقول حسان ووراءه سميرة تبكى بخضوع ، نظر لها لتبعد ناظرها عنه بألم حاد ثم نظر لوالده مرة أخرى ليعلو صوته كالرعد قائلا:
امشى من البيت ده..مبقاش ليك مكان فيه...أنا اتبريت منك خلاص ...!!!!!!!
*************************
كتمت شهقاتها داخل قلبها الذى ينبض بسرعة جنونية بعدما اتصلت بروجينا لتسألها عن نضال ، عنفتها روجينا وهى تصرخ فيها بكل ما أوتيت من قوة:
انتى بتتصلى بينا ليه ها..مكفكيش اللى عملتيه واللى انتى السبب فيه..نضال لغاية دلوقتى مش فاكرنا بسببك..انسينا وامحينا من حياتك زى ما احنا عملنا !!
ومن ثم أغلقت الهاتف فى وجهها. ، لا تعلم هل الشعور بالذنب الآن هو الذى يؤرق مضجعها أم شئ آخر ، هبطت دموعها وهى تنظر للهاتف بصمت تام ، قامت وارتدت ملابسها بسرعة فائقه لتضع الشال على منكبها وهى تتوجه إلى الخارج بوجه شاحب ، استوقفها خالد ولكن لم تلقى له بالا أو بالأحرى لم تسمع نداؤه قط ، ارتعب من منظرها هذا ، فشعرها مبعثرا بغنجهيه حول وجهها الذى يظهر عليه أثار البكاء وعيناها الشاردة التائهة ووجهها الذى انطفأ بريقه ، دخل بسرعة وهو يتوجه ليحمل حفاظته ومفتاح سيارته ثم نزل إلى الأسفل ليجدها تباشر فى التحرك بسيارتها ، حاول اللحاق بها ولكن لم تستمع أيضا ، ركب سيارته بسرعة وقلبه أصبح ينبض بداخله بالعنف الغير محتمل ، بعد مده من مطاردتها خرج من سيارته وهو يراها تقف أمام إحدى الشواطئ ، جالسة أمامه وصامتة بطريقة مريبة ، اقترب منها ليقف أمامها وهو يلهث محاولا إلتقاط أنفاسه الهاربة ، وأخيرا رأته بعيون مليئة بالدمع فقامت فجأة لتحتضنه ، تيبس جسده وهى تحيط خصره ، هذه كانت أقصى أمانيه لكن على ما يبدو أنها فى حالة من اللاوعي وهى تردد بأسف:
نضال..فاكر لما كنت دايما بتقولى أنا وروجينا..أنا بحبكم انتم الإثنين زى بعض وتيجى آخر الليل بعد ما روجينا تنام..تجبلى ورد وتقولى شعر من أشعارك..انت أكيد منسيتنيش يا نضال صح ! ..أنا مش قادرة أعيش من غيرك..والله ما قادرة..أنا سامحتك على أى حاجة بس قولى إنك منسيتنيش انت كده بتقتلنى بالبطئ..نضال انت مبتردش عليا ليه ها !!
لو كانت حقا تشعر بتلك المضخة التى تدق من أجلها ، ولكن ليس ممن تحب لصعقت وأصابتها الهواجس لهذا الوضع ، أغمض عيناه بعنف وهو يستمع لكلماتها التى تذبحه مثل الدجاج ، فهى تفقد روحها مرة واحدة بينما هو الآلاف من المرات الآن ، تعتقد أنه شخص آخر ويبدو أنه نسيها لذا فتعترف بحبها له ، أيبدو أنهما افترقا بعد مشاكل لا بأس بها بينهما ؟! هذا ما انكشف من كلامها المستتر ، عندما شعر بها تهزه لكى يجيبها لم يعلم كيف نطق بتلك الكلمات محاولا تهدئتها:
أنا عمرى ما هانساكى يا شذى..لأنى فعلا بحبك..من أول مرة شوفتك فيها فى المطار وأنا عارف إنى وقعت لشوشتى..بس اطمنى كل حاجة هترجع زى الأول..وهترجعى لنضال حبيبك ..!!
كأن تلك الحروف التى خرجت منه بألم يخنقه ويمنع وصول الأكسجين لرئتيه جعلها تخرج من حضنه ، تدقق النظر لملامحه فشهقت وهى تضع يدها على فمها مانعة صرختها ، حاوطت نفسها بيدها وهى تعاود الرجوع بعيدا عنه ، لا تعلم ما تقول وكيف تخيلته أنه نضال  ، كيف لم تفرق بينهما وبالأحرى لما شعرت بذلك الدفء الذى اعترى جسدها عندما كانت فى حضنه ؟! ..كأن البرد القارص الذى يؤرق عظامهم لم يكن ..!!!!
2461 كلمة أعتقد دول كافيين أووى إنكم تقولوا ارائكم فيهم النهارده..
#دمتم سالمين يا حلوين 😍💖
#النهايه شارفت على القدوم 😉😄
#نورهان السيد

الفراق قدرىOnde as histórias ganham vida. Descobre agora