الفصل التاسع والعشرون ❤

3.3K 65 3
                                    

      الفصل التاسع والعشرون..
إن الغياب هو أعظم قوة لمن نحب ، لأنه يصبغ عليه صفات الجمال والكمال ، وكأنه كائن خرافي وأسطوري ، فنتوّهم في غيابه أن لدية تلك المقدرة على تغيير كل الأشياء والأحاسيس بمجرد حضورهم ، غياب الحبيب كسهام تنغرس بالقلب ، كطعنة سكين ، ولكن الغياب محكوم بظروف وليس لنا في غيابه سوى الانتظار ، فلا بد أن يعود يوماً كما يعود الطائر إلى عشه ، ليضمد ضراح غيابه ، ويلملم شتات قلب انكسر ..!!!
***************
كانت أنفاسها متسارعة ونبضات قلبها تتسابق فى حدتها ، بعد هذه المكالمة والحديث الذى كانت تخبأه بزوبعتها ، أخيرا خرج ليريحها ولو قليلا ، لكن هل حقا شعرت بالراحة ؟ ، فلم إذا دموعها تلك التى تنهمر مثل الشلالات على وجنتها ، محتها بخفة وهى تسمع طرق الباب فقامت بتثاقل لتعدل وجهها الشاحب بمسح آثار البكاء من عليه ، ورسم تلك البسمة المزيفة ، يكفى همها فهو لها وحدها فلن تثقل من معايير أبلة كريمة ، يكفيها هى الأخرى عبء الدار والأطفال ، فتحت الباب لتجد أحد الأطفال الصغار فجثت على ركبتيها وهى تمسح دموع الصغيرة متسائلة بقلق:
بتعيطى ليه يا سما ؟!
احتضنتها الفتاة بسرعة لتنزل دموعها وهى تقول بإشتياق حاد:
ماما وحشانى.
شعرت بغصة فى حلقها والطفلة تحاوطها بيدها الصغيرة متمتمة بهذا القول ، أخرجتها من حضنها وهى تقول بابتسامة:
بس مش انتى عارفة إن ماما وبابا دلوقتى فى مكان أحسن..ليه نعيط بقى ؟!!
مطت الصغيرة شفتيها بتبرم لتبتسم روجينا على أثرها وهى تمسح دموعها لتقول سما بطفولية واضحة:
ممكن أنام معاكى..أنا خايفة.
حملتها فجأة لحضنها وهى تقوم مره أخرى مغلقة الباب وراءها لتذهب إلى السرير وتريح جسد الطفلة عليه ، تمدددت بجوارها وهى تملس على رأسها تسأل بمشاغبة:
عايزانى أحكيلك قصة ايه ؟!!
سارعت سما فى اجابتها بلهفة:
سندريلا والأمير.
ضحكت روجينا على لهفتها الطفولية تلك لتباشر فى قص الحكاية ببعض الطرائف حتى غفلت عينا سما ، لم يغلبها هى الأخرى سلطان النوم فعذاب الحب هذا يطير النوم من جفونها ، لتذهب لهاتفها وتفتح ألبوم الصور التى تجمعها به وتنظر لهم وهى تتنهد بحرقة ، وإذ بغتة يأتى حديث أصف فى مخيلتها
" بس مش قد اللى أنا استحملته لغاية دلوقتى يا روجينا..!! "
أغلقت عيناها وهى تزفر بحرارة وتأخذ نفسا باردا لعله يثلج صدرها المتقدة فيه نار الألم حتى ذهبت فى النوم وهى تحتضن الطفلة الصغيرة التى ذكرتها بألمها وقت وفاة والدتها ، فيا أصعبها من أيام لا تتمنى أن تعود مره أخرى ولو على سبيل مرور الكرام..
*********************
فى صباح اليوم التالى...
ملئت خيوط أشعة الشمس غرفتها بجوار زقزقة العصافير لتجد نفسها فى سرير غير سريرها ، شهقة صدرت منها وهى تراه جاسيا على الأريكة التى بجانب سريرها ملتقطا كفها الصغير محتضنا إياه ليباغتها ذكرى أمس ، وجدت دموعها مرة أخرى أخذت بالتسارع على هطولها ، سحبت يدها منه بسرعة طفيفة وهى تتحامل على نفسها من الألم الذى بداخلها ، شعرت بالخوف الشديد منه فقد باءت تخاف من تلك العائلة التى دمرت حياتها ، خرجت من الغرفة لتجد نفسها فى منزل لؤى..لا تستغربون فقد جاءت هى ووالدتها منذ سنتان لتنظفه له قبل أن يستقر فى البيات عند عمه بإصرار منه ، ذهبت لغرفة أخرى ، تريد أن تستفرد بنفسها فى مكان لا أحد يعلمه ، أضاءت الغرفة إضاءتها الخافتة لتطلق شهقتها تلك ما إن رأته ، هو أمامها ! ، سبب الدمار والفراق الذى لف حولها كأنها ورقة بيضاء وأصبح ما يحدث مثل النقاط السوداء تبصم على بياضها ملوثة إياه ، وضعت يدها على فاهها وهى تحاول كبح دموعها لكن كيف وهى ترى سبب الزلازل الذى ألم بحياتها الآن ؟! وهى بعيدة عنه كانت تقسم أنها ستقتله بسكين تلم فكيف ذهبت تلك الشجاعة فى أدراج الريح ! كيف لا تعلم ؟ خرجت من الغرفة بسرعة لتجد لؤى يخرج من غرفته التى كانت نائمة فيها ، رأى وجهها المفزوع وهى تدلف للخارج من غرفة رامى الذى طلب منه البيات عنده تلك الليلة ليوافق على مضض ، تبعثرت حروف اسمها وهى تخرج من شفتاه ، أصابه الفزع وهى تجرى من أمامه حتى وصلت لإحدى الغرف لتخبئ نفسها بها ، الصفير ، صرخاتها التى حرقت حلقها وما من مجيب ، حديثه المقزز ، كل هذا كان يتضارب بعقلها بسرعة وعنف ، أطلقت صرختها التى شعرت بأنها أخرجت معها آخر نفس يقبع بصدرها لتجلس على الأرض وهى تستند بظهرها على الباب ، بينما فى الخارج ، انهمرت دموعه على حالها ، فكيف يخبرها بما ألم بها ! ، كانت الصدمة التى احتلت معالم وجهه كافية بإحراق اليابس بأجمعه ، فور إلتقاط واستيعاب تلك الكلمات تحجرت دموعه داخل عيناه ليقول بهدوء متيبس وهو يراهما أمامه قائلا بقرار نهائى:
أنا هاخدها عندى..ومحدش ليه دعوة
بيها.
حاول مالك الإعتراض وهو الآخر لا يصدق ما الذى يحدث أمامهما ليقول لؤى بغمامة من الألم احتلت تجاعيد وجهه بإتقان:
أختى عايشة معايا والفلة كلها خدم متقلقوش عليها.
جلس على الأرض بعدما لم يستطع هو الآخر كبح دموعه الآن ، وضع يده على منتصف صدره وهو يقول بألم:
أنا عارف انتى شعورك ايه دلوقتى...أنا آسف على اللى قولته..والله آسف..سامحينى يا رغد..أنا دورت عليكى كتير أووى فوق ما تتخيلى..مفقدتش فى يوم أمل إنى ألاقيكى..أنا اتحملت كتير أووى ومعنتش قادر..
مسح دموعه وهو يحاول جعلها تقلل من حدة بكاءها الذى يمزق فؤاده ليحدثها قائلا:
رغد..أرجوكى اهدى..كل حاجة هنحاول نرجعها زى الأول..مع بعض..أيوه يا رغد..أنا بحبك وعمرى ما حبيت حد غيرك..ومش هستغنى عنك بس اهدى واخرجى وخلينا نتكلم علشان نلاقى حل لكل مشكلة مع بعض..رغد..ردى
عليا..انتى نمتى !!
بالفعل قد اغرورق وجهها بالدموع فلم تجد إلا حل وحيد للهروب وهو النوم لتغلق عيناها بألم غير متناهى حتى غطت فى النوم الرحيم ، بينما هو فى الخارج ، رأى رامى وهو يخرج من الغرفة ليمسح دموعه بسرعة وهو يقوم من على الأرض الباردة ، ولكنها لم توازى أبدا ما يعتلى دواخله ، اقترب منه سائلا:
أنا نازل تحت هتيجى معايا ؟!
أومأ رامى برأسه وهو يهبط معه للأسفل ، جلس لؤى وهو ينظر لرامى بترقب محاولا سبر أغواره ، ولديه لهفة لحوحة بداخله ، مئات الأسئله بلا إجابة تعصف بعقله ، ليسأل مبتدئا:
انت كنت فين الفترة اللى فاتت..مش معنى إنى مسألتكش امبارح لإن الوقت كان متأخر إنى مش هاعرف السبب !!
نظر له وقد تخدل منكباه وهو ينظر للأمام مطولا ثم عاد بجزعه للخلف وهو يقول بنزق:
كنت بدور على راندا.
" وليه محدش كان يعرفلك طريق ؟!! "
سارع بالتساؤل المختنق ليجيبه الآخر بنبرة متصدعة الملامح وهو يضع يده على خديه كمن يحمل بداخله هما كبيرا ، أجاب بحزن:
كنت بدور عليها فى كل حتة أعرفها..تعبت يا لؤى ورحت لواحد صاحبى أفضفض عن نفسى ويساعدنى.
نظر له بتمعن وحسم ليقول بعدها بتنهيدة حارة:
فى حاجة عايز أقولهالك..بس ياريت متقولش لحد.
نظر له منتظرا ليباشر لؤى الحديث متمتما بتثاقل:
رغد..أنا لقيت رغد..وهى فوق دلوقتى ..!!!!
*******************
مستيقظة ، ليبتسم ببلاهة وهو يتذكر حديث أخيه فهز رأسه نافيا ما يفكر فيه ، حبها يتسرب لأوردته بطريقة مثيرة ، لم يعلم أن الحب هكذا مجاورا للألم ، تذكر أخيه وبنت خالته كيف كان الشجار بينهما مثل القط والفأر حتى أتمم زواجهما ، وأخته التى تقدم لها شاب حسن الأخلاق وهو صديقه الذى فاجأه بالخبر ، الكل ينغمس فى بحر الحب ولكن هل كانوا يتعذبون هكذا ؟
" حقا إنه لمؤلم ! "
قالها وهو يمط شفتاه بعدما وضع يده على موضع فؤاده لتصرخ بإسمه تلك الجنية الصغيرة وهى تقول:
يا واقع لشوشتك..احكيلى آخر الأخبار.
نظر لشرفته المجاورة ليجد تلك الجنية المرحة ، إنها جارتهم وأصغر واحدة معهم ، فهى فى الحادية والعشرون من عمرها وعفوية لأقصى حد ، تشبه أخته لحد كبير فى طباعها لذا ، كانت هى مخبأ أسراره الصغير ، نظر لها وهو يقلد حركة فاهها بكلماتها لتضحك بخفة فابتسم هو قائلا:
زى ما قولتى فى حد فى حياتها.
وضعت يدها أسفل ذقنها وهى تسأله:
ويا ترى ايه الحكاية !!
تنهد وهو يقول بإرهاق:
يظهر ما بينهم خناقة كبيرة وسابته..بس كانت حالتها وحشه أووى امبارح...ديه افتكرنى نضال !
لوت زاوية فمها وهى تقول بخبث:
لحقيت يا مكار تحفظ اسم خصمك !!
ضيق ما بين حاجبيه بضيق واضح لتقول هى بإيجاز:
طب انزل بقى..يظهر إنك كنت مستنيها..وأديها نزلت أهى.
نظر للأسفل بالفعل فوجدها تتمشى قليلا ، هبط هو الآخر للأسفل لينادى عليها ، جحظت عيناها بتوتر وتسارع فى مشيتها إلى حد الجرى..ليقف أمامها فجأة قائلا بصوت متقطع الأنفاس:
استنى بس..أنا عايز أكلمك شوية..ممكن !
لم تقدر على شئ إلا بتصدير الوش الخشب كما يسميه هو ليلوى فاهه بتهكم قائلا:
عايز أعرف ايه الحكاية...أصلك جريتى امبارح وسيبتينى أضرب أخماس فى أسداس.
نظرت له ببرود وهى تقول أثناء سيرها:
معتقدش يهمك أكتر من اللى عرفته وهو إن فعلا فى حد فى حياتى.
جاورها فى السير وهو يضع كفى يداه فى جيبى بنطاله ليقول بتساؤل محاولا الاستنتاج:
باردوا عرفت إنكم انفصلتوا ولا ايه ؟!!
توقفت فجأة لترمقه بنظرة نارية ومن ثم بدأت بالجرى لتسمع صوته وهو يصرخ قائلا:
مسيرى هاعرف يا أميرتي.
لم تستطع كبح ابتسامتها وهو يناديها بهذا اللقب ، تريثت فى المشى قليلا بعدما بعدت عنه مسافة لا بأس بها وهى تفكر بصوت مرتفع:
هو أنا فعلا ممكن أسيب لنفسى فرصة أحب حد تانى من بعد نضال !!
" آه ياريت وترحمى بقى القلب ده "
التفتت لتجده يقف خلفها وهو يرمقها بخبث لتنتفخ وجنتاها بحمرة الخجل ، صرخت فيه بحدة مصطنعة ابتسم على أثرها:
يووه بقى سيبنى فى حالى.
أكملت سيرها لتتلفت خلفها وبجانبها كالمشبوهين ، ضحك وهو يستند بيده على فخذه ويقول فى نفسه:
لسه بدرى..الله على دماغك يا أدومتى..ليها حق حياة تطب ساكتة...ههههه..
***********************
بينما فى فلة فارس..
يجلسان على مائدة الطعام ليتابع فارس خلجات وجه مالك الذى يقطب حاجبيه ويزفر بضيق شديد فسأله وهو يضع ملعقته مرة أخرى فى طبقه بتمعن:
فى ايه يا مالك..مش على بعضك ليه ؟!!
نظر له بدهشة وهو يصيح بعدم تصديق:
وحضرتك مش عارف يعنى..يعنى
لما نتفاجأ بكل ده وتظهر الحقيقة..تعتقد إن ديه حاجة عادية !!!
أطرق رأسه قليلا وهو يتشدق بحزن:
أنا مكنتش فعلا أتخيل إن ده يحصلها..ويكون كل ده مرت بيه..بس يظهر إن أستاذ لؤى بيحبها..
قاطعه قائلا بغيرة مميتة:
وأنا كمان بحبها يا بابا.
فتح فاهه بعدم استيعاب وهو يقول بصدمة:
انت بتقول ايه !!
شعر بالخذلان وهو يقوم من على كرسه متوجها للشرفة الصغيرة التى تصطحب الفيلا فى الدور السفلى وهو يقول بإمتعاض:
أنا هاكلم معاك كصديق زى ما عودتنى..أيوة حبيتها وكانت صدمة كبيرة ليا والدكتورة بتقول الكلام ده..بس بعدها محسيتش إلا وأنا نفسى أخدها فى حضنى وأحاول أخفف عنها...حبى مقلش ذرة واحدة ليها بل بالعكس زاد أووى بسرعة رهيبة..اوعى يا بابا تفتكر إن ديه شفقة منى عليها...أنا حبيتها بعد فترة صغيرة من مجيتها هنا ومن قبل ما أعرف أى حاجة..بس أنا محتاج مساعدتك ليا إنى أخليها توافق وترجع يا بابا وأوعدك عمرى ما هاعيرها بحاجة ولا أزعلها.
أنهى حديثه وهو يأخذ أنفاسه الهاربة منه بعدما مزقت صدره ، قام فارس ليحتضنه قائلا بأسف:
مينفعش يا مالك..انت دلوقتى حبك مسيطر على عقلك..لو فكرت بالعقل هترجع عن قرارك..سيبها أحسن وهتنساها يا مالك..هتنساها وتلاقى نصيبك.
تملص من حضنه وهو يقول بزمجرة:
بابا..أنا فعلا مش زى ما انت معتقد..رجولتى حاسس إنها مجروحة للى حصلها..أكيد اللى عمل فيها كده كلب ولا يسوى..بس مش لدرجة إنى أتخلى عنها وأسيبها !!
زفر بحرارة وهو يقول بصرامة:
أنا قولت اللى عندى يا مالك..إنساها احنا منعرفش أصلها وفصلها ايه..ما يمكن ده كان بموافقتها..احنا منعرفش الحقيقة فين..هى بالنسبة لينا بنت من الشارع منعرفلهاش أصل...مش يمكن تكون زى سعاد يا مالك...كانت زى الملاك الطاهر لغاية ما أخوك اتعذب بسببها..أحسنلك إنساها ..!!!
كانت كلماته ذابحة له ، جالدة بلا رحمة ، غادر من أمامه ليتركه وحيدا ، يغرق فى بحر العذاب ، يتعمق فيه والماء يخنقه ، حتى يكاد آخر نفس منه يصعد للرفيق الأعلى ، جلس بهمدان وهو يضع وجهه بين كفى يده قائلا بأسف ونزق:
احنا فعلا منعرفش أصلها..بس مش كله زى بعضه يا بابا..ويمكن فعلا عندك حق..بس أنا هاسيب كل حاجة للقدر ومش هعترض..أبدا !!!!
************************
" انت بتقول ايه ؟!! "
نطق بها بعدما انسحبت الدماء من عروق وجهه بذعر ، تكلم لؤى بألم وهو يغمض جفناه:
مكنتش هربانة يا رامى..كانت مخطوفة.
قالها فى نفسه بأن هذا لا أحد سيعلمه غيره حتى هى ، لن تعلم أنه علم بأى شئ فهو لن يتركها الآن أخيرا بعدما وجدها ، لا ينكر أن الألم والصدمة وصلت به إلى حد النخاع لكن سيأتي الوقت الذى ستجاب فيه الأسئلة ، قد خفى عليه ارتباك الآخر وهو يقوم من أمامه مبتسما بسذاجة بعدما شعر بأن قلبه سقط أسفل قدماه ليقول بتوهان وحروف مبعثرة لكنه تحكم ولو قليلا فى ردة فعله:
بجد..طب كويس إنها رجعت..نيالك يا صاحبى..بقولك ايه أنا هامشى دلوقتى فى حاجه لازم أعملها وهرجع بالليل..متقولش لعمك على حاجة..لغاية ما أظبط أمورى.
اومأ لؤى برأسه وهو شارد حد الغرق فى ما قالته الطبية  ليعود بظهره إلى الخلف وهو يفكر ولو بقليل فيما عانته ، ليس له أن يتخيل ولو القليل منه ، فكيف له أن يتخيل ذلك الظلام الذى كان صديقها الصدوق فى تلك الليالى الكاحلة ، كيف له أن يتخيل حتى ما واجهته فى ذلك المكان الذى ينتهك فيه شرفهم ، كيف له أن يتخيل كم من الدموع ذرفتها وهى بعيدة عن أهلها ، كيف له أن يتخيل تلقيها صدمة موت أبيها الذى على حسب قولها تحميه من بطش أحد ، وتوفى وهو يظن أن ابنته ألحقت العار به ، كيف يكون له الحق حتى فى التخيل ! ، من هو من كل هذا ؟! ، مهما واجهته من مصاعب وأحزان لن تكون كمثقال ذرة لما ألم بها ، نهض بثقل متوجها لغرفته لكى يأخذ دوائه حتى لا يصيبه الدوار البغيض ثم ذهب للغرفة التى تمكث بها ليطرق الباب ولكن لم يسمع صوتها ليعلم أنها ما زالت نائمة فلم يجد شيئا أفضل من أن يجلس وهو يستند بظهره على الحائط المقابل للباب مشخصا بصره عليه ومن ثم وضع وجهه بين وركيه يفكر فى القادم ....
بينما الآخر يحوم بعينيه فى وجوه الآخرين وهو يجلس على أحد الكافيهات ويردد فى عقله أنها عادت ، لكن من الواضح أنها لم تقول لشخص شئ ، وإلا لكان لؤى جعله الآن فى عداد الموتى ، أين يذهب الآن ! ، هو حقا أصبح فى مأزق ، ليس له منزل الآن ولا عمل ولا مال يكفيه لفعل شئ ، هل سيصبح شريد الشوارع ؟ هل سيكون مصيره فقد كل شىء كما أفقد الكثير حياتهم وعائلتهم بل وقد يكون أفقدهم أنفاسهم ! ألم يفكر فى هذا اليوم وأنه سيصبح فى الخلاء بلا مأوى ؟ بالفعل هو لم يفكر فى ذلك ليتفاجأ بتلك الدمعة التى سقطت من عيناه ، حتى أجهش فى بكاء مرير وهو يشعر بالضعف والهوان ، حتى أصاب شك الآخرين من حوله ليبتعدوا عنه كأنه جرثومة لا حول لها إلا الابتعاد عنها ...!!!!!!
********************
2220 كلمه ولسه اللى جاى أحلى تفاعل حلو بقا وتشجيع 😉😍
#دمتم سالمين
#نورهان السيد

الفراق قدرىWhere stories live. Discover now