رحيل قريب ـ الحلقة الثانية عشر

17.1K 942 18
                                    

فجر يتبعه فجر .. ساعات تركض وراء أخرى .. أيام تُهروِل بلا عودة وأسيل تُكمِل عملها نهاراً كحاملة للصخور .. لتعود ليلا لِتمكُث بِجوار مضيفها كَطبيبة يتسامران يتحدثان كثيرا يحدِثها عن رحلات بحر مينجا وعن عواصفه وأمواجه العاتية وهي تملُك قصة واحدة تنبثق منها باقي قصصها هذا الغريب الذي أتى إلى زيكولا عبر سرداب فوريك ليخطف قلبها دون موعد ..

تخبره ضاحكة بأنها لم تكن لِتُصدق قصة هذا الشاب لو لم تعيشها بذاتها أي عاقل يصدق أنَ هناك أرض أخرى وعالم آخر يعيش به أناس آخرون يتحدثون العربية الآن هي مَن تطمح لأن تصل إلى تلك الأرض الخيالية تُحدثه عن ذلك النجم الذي سماه باسمها ولم ترهُ بالسماء منذ يوم ترحيلها إلى أماريتا لا تنام إلا ساعات قليلة بعدما ينام هو كانت تُدرك أنَ وحشه وحدته هي سبيله لِعودته إلى خمره ..

حين إنتهى شهرها الأول بِعملها لم يعطيها السمين إلا خمس قطع نحاسية ذهبت بها ليلتها إلى حوانيت بيع الأعشاب والبذور الطبية وأبتاعت باثنَتَين منها ما إحتاجته لِعلاجه ثمَ باتت ليلتها تصنع مِن عصارتها وصفات مخلوطَه إحداها منشطة لكبده وأخرى مقوية لدورته الدموية وأوعيتها وكان إن توسل اليها كي يرتشف قليلا من الخمر تبرم وجهها ثمَ ابتسمت وسمحت له برشفات قليلة للغاية بعد أن يعِدُها بإلا يقترب منها في غيابها وأن يتناول وصفاتها الطبية التي صنعتها بأوقاتها التي حددتها..

***

يتعجب من نفسه بعدما شَعر أنهُ بات شخصا آخر ليس ذاك الشخص منذ شهر مضى، وَيندهِش حين ينتظر كطفل مرور ساعات النهار كي تأتي ضيفته ليلا فتجلس بجواره ليكملاَ ما إنتهى به حديثهما ليلتهما الماضية، يحب لَباقة حديثها وفلسفتها وَوجهها الباسم دوما ونظراتها الحادة إليه إن تذمر من وصفاتها المرة.

كلما مر يوم شَعر معه بتحسن عن يومه السابق، وَد لو حَدث جيرانه عن براعة طبيبته ثمَ تراجَع بعدما سألَته أَلا يفعل خشية إن تَلفت الإنتباه اليها، يكفيها عملها تلك الأيام بِجبال الرِيمِييوز التي إعتاد جسدها مشقته يتعجب من قوة هذهِ الفتاه وتحمل جسدها الضعيف الذي لا يليق إلا بكونه جسد إمرأة مُرفهة، لمّا عادت مُتبرمه ذات يوم بشهرها الثاني وبدأ على وجهها الضيق الشديد سألها للمرة الأولى أن يخرجاَ إلى حانات الشميل فوافقته على الفور..

كانت تعلم أنهُ لم يغادر بيته منذ دلفت اليه وتُوقن إن علاجها قد بدا يؤتي بثماره، وسارت بجواره متأبطة ذراعه بإحدى شوارع الشميل المضاءة بِقناديل نارية مثبتة على أعمدة خشبية رفيعة لا يشغل بالها فُستانها الرث أو حذائها الممزق بل داعبته حين أرتدى معطفاً أسوداً أنيقا بدا أنهُ لم يرتدهُ منذ عقود ودق قلبها فرحا ولمعت عيناها بدموعها بعدما رحب به كثيرون بمثل عمره أو أصغر قليلا في طريقهما وأجاب ترحابهم فرحا كانه لا يصدق نفسه..

امـاريـتـا - مڪتملة √Where stories live. Discover now