جيش ڪبير ـ الحلقة عشرون

15.7K 919 25
                                    

استمرت دقات الطبول وصدى صوتها مِن حولنا وبلغ الغبار عنان السماء كُسِيَ معه الطريق الرملي أمام زيكولا بِغطاء أسود لامع .. نما زاحفاً بإنتظام كبُساط يخرج مِن زيكولا دون نهاية كونت أنسجته ألوف من الجنود الذين أصطفوا كالنمل بخوذهم ودروعهم في صفوف متساوية بلغ الصف الواحد المئات منهم كانت صيحاتهم عالية تدوي في تناوب مع دقات الطبول .. دق قلبي خوفًا واحمرت وجنتاي ونظرت إلى سيدي الواقف بجواري مُحدقا بتلك الجحافل التي تخرج مِن زيكولا دون إنقطاع .. ثمَ قطع صمته الطويل ونظر إلى الحارسَين خلفنا قائلاً:

أعِدّا العربة كما أخبرتكما سابقاً.

ثم نظر إليَّ وقال:

انزعي سوائل الطبيبة سنبدأ طريقنا إلى زيكولا.

فَعُدت إلى الخيمة وفعلّت ما أمَرَني به .. ثمَ جاء الحارسان بصندوق كبير كان مثبتاً بمؤخرة العربة منذ تحركنا .. و وضعاه بجوار الطبيبة وفتحاه فوجدته مبطن بوسائد بيضاء رقيقة ثمَ حمَل سيدي الطبيبة وأرقدها برفق بذلك الصندوق ومد يده إلى جوانبه وإطمئن إلى وجود ثلاث ثقوب دائرية صغيرة واحد بكل جانب من جوانب ثلاثة .. ثمَ غطى سيدتي بلوح خشبي رقيق طُلي جانبه العلوي بماء الذهب وجاء الحارسان بصندوقين آخرين كانا معنا داخل صومعة العربة وفتحاهما لأجدهما ممتلآن بسبائك ذهبيية لَمعت بشدة مع إشعة الشمس التي تسربت إلى الخيمة وبدءا يصفان تلك السبائك أعلى اللوح الخشبي حتى انتهيا فبدا الصندوق وكأنه ممتلئ عن آخره بالذهب .. ثمَ حملاه إلى داخل العربة وتبعتهما لأجلس بجواره .. ثمَ دلف سيدي إلى صومعة العربة بعدما أزال الحارسان الخيمة وإنطلقنا في طريقنا إلى أرض زيكولا.

إتخذنا طريقاً متَعرِجاً هبط بنا مِن الهضَبة إلى الطريق الترابي إلى زيكولا .. ثمَ إنحرَفت بنا العربة إلى جانب الطريق بعيداً خلف عربات أخرى كانت في طريقها إلى زيكولا .. ثمَ توقفنا بأمر مِن سيدي حين توقفت تلك العربات أمامنا بعدما أقتربت منا طلائع الجيش الزيكولي.

وهبط سيدي إلى الأرض ووقف بجوار العربة حين بدأت صفوف الزيكولين تمُر على الطريق أمامنا بينما مَكثت بالعربة أُراقبهم عبر النافذة بجواري كان وقع أرتطام أقدامهم بالأرض قوياً يهز الأرض مِن أسفلنا تُحلق معه صيحاتهم الحماسية إلى السماء وتلمع أسلحتهم ودروعهم مع إشاعة الشمس دون أن يلتفت أحدهم جانبا كأننا غير مرئين يتوسطهُم حاملي الطبول التي لا يتوقف إيقاعها ويتناثر بينهم حاملي الرايات التي ترفرف عالياً بين الصفوف.

لم أتخيل أن يكون عددهم كبيراً إلى ذلك النحو وظللنا واقفين حتى أقتربت الشمس مِن منتصف السماء فإنتهى الثلث الأول منهم .. ثمَ ظهر الثلث الثاني مع دقات طبول اختلف إيقاعها كانوا فرساناً تغطي وجوههم خوذ مخيفة ويحيط أعناق بعضهم عقود مِن الورد تسير جيادهم ببطء في محاذاة تتمشى بدقات الطبول مِن حوله كان عددهم كبير للغاية لا يقل عن بضع آلاف بأقل تقدير .. ثمَ دقت الطبول إيقاعاً آخر فظهر أمامنا الثلث الأخير مِن جنود تجُر خيولهُم أبراجاً شاهقة لم تتضح لي معالمها بعدما غطت بأغطية قماشية كان عددها بالعشرات تتبعها عربات كثيرة تغطي صناديقها الممتلئة بأقمشه هي الأخرى ويجُرها خيول بدت غير قادرة على جرها لولا سياط الجنود المُنهالة على أجسادها فسمعت أحد الحارسين يقول للآخر:

امـاريـتـا - مڪتملة √Where stories live. Discover now