قصر الملك ـ الحلقة السادسة عشر

14.4K 949 29
                                    

أستطيع القول أنَ ما حدث بقصر الملك قبل هذا اليوم شيء وما حدث بأيامنا اللاحقة شيءٌ آخر تماماً، أذكر أن اجتمع القائد جرير بالملك لأمر بدى لنا جميعا مدى أهميته ثمَ إنتهيَا فَأمر القائد جنوده بأن يدخلوا مَن وصفها بخائنة البلاد، فزادت ضربات قلبي واندفع الدم بعروقي حين وجدت الجنود يَدلفون ووراءهم الطبيبة أسيل قصيرة الشعر مكبلةً اليدين والقدمين بأغلال حديدية ترتدي زياً رجاليً مهترئاً لأراها للمرة الأولى منذ فراقنا يوم جئنا إلى أماريتا قبل أربعة أشهر كاملة بدت قسوتها واضحة على وجهها الرَقيق.

وقفت الطبيبة أمام مَلِكَنا الشاب الجالس على عرشهِ بزيهِ العسكريِ ساكنة تنظر عيناها إلى أسفل دون أن ترفعَها إليه فنَظر إليها للحظات طالت قليلا ثمَ حَدَثها هادئاً:

لقد أخبَرني القائد جرير بأمر خيانتك وعزمُك الهروب مِن بلادنا سيدتي.

أنها المرة الأولى التي يحاول أحدهم الهروب مِن بلادي..

هل تَعلمين جزاء تلك الخيانة؟

فأومأَت الطبيبة برأسها دون أن تنطق أو ترفع عينيها إلى مَلِكَنا .. وأدركناَ جميعا أن موت الطبيبة بِساحة القصر أمام أهل أماريتا بات قريبا للغاية قبل أن يسألها:

مِن أي بلد جئتِ؟

فأجابته:

بيجاناَ سيدي

ولماذا أردتي أن تُغادري وقد أخبرتكُم منذ يومكم الأول أنكم لستم عَبيداً؟ .. تعملون وتأخذون أجركُم مثلكم مثل شعبي مَن يعمل منكم يستطيع أن يكَوِن ثروتَه ويدفع ضرائبَه وَمن يتكاسل ينال مِن العِقاب ما يستحقُه .. لكم عشر سنوات تنعمون هنا بكل الحقوق..

قالت الطبيبة وهيَ تنظر إلى الأرض:

عشر سنوات لا نستطيع مغادرة بلادكم عشر سنوات أصبحنا خلالها أرقاماً لا أسماء لنعود بعدها كما جئنا فاقدين كل شيء وأضافت:

إنَ اتفاقيتكم ليست إلا درجة مِن درجات العبودية يا سيدي..

قال:

وَمن يرُد ديون بلادكم غيركُم أيتها الفتاة .. لقد أعطينا بلادكم الكثير ثمَ عجزت بلادكم عن سداده فاختارتكم بلادكم لتعملوا مقابل ديونها لِيستمر دعمُنا إليكم لدينا من الخيرات ما يفيض ولديكم من البشر ما يكفي .. إنني أَخدم بلادي وأنتم تخدمون بلادكم .. لم يعُد هناك مكان للكُسالى بهذا العالم أليس ذلك عدلاً؟

أجابت الطبيبة وكانت لا تزال تخفِض عينيها:

لم يكونوا كَسالى سيدي كانوا فقراء نَهب خيرهم سادتهم .. ووِفق عهدكم سيأتي فقراء غيرهم وغيرهم ليدفعوا ثمن فساد حُكامهم أهذا هو عَدْلكُم؟

قال:

لو لم يكن عدلا لَما أحبَني مَن جاء مِن بلادكم مثلما أَحَبني شعبي..

امـاريـتـا - مڪتملة √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن