الحلقـة الأخيــرة

21.2K 1.4K 269
                                    

كنت قد تيقنت أنها النهاية، سيدي على حافة الموت .. شاحب أعلى المِنصة .. والسيدة أسيل .. أعلنها القاضي خائنة مرة أخرى، السياف يقف بِسيفه اللامع في تحفُز .. قبل أن تتعالى صرخات النساء فجأة بِالصفوف الخلفية ويتدافع الناس مِن خلفنا بقوة، فسقط جسدي بين أجساد كثيرة سقطت مع التدافُع وإرتطمت رأسي ودارت بي وكان الزمن توقف مِن حولي وصار كل شيء أمام عيني ضبابياً يتحرك ببطء شديد وأصبحت أصوات الوجوه المذعورة متداخلة تصرُخ جميعاً قائلة:

الأماريتيون!!

تصرُخ مُنى بجواري وهي تهُز جسدي:

لقد نجحوا لقد عادوا..

كانت أعداد الأماريتيين كثيرة للغاية .. أسراب قادمة لا تنتهي .. يقودهم القائد جرير لم يكن هناك إلا مئات قليلة مِن الجنود الزيكولين يحيطون بنا عَلِموا أنهم لن يستطيعوا فعل شيء وأعلنوا إستسلامهم بعدما لاذ حاكمهم ومجلسه بالفِرار وسقط أهل زيكولا جميعهم مِن حولنا واضعين أيديهم فوق رؤوسهم وهدأت ضجتهم بعدما لم يؤذهم جندي أماريتي مِن قريب أو مِن بعيد، وأسرع القائد جرير إلى المِنصة حيثُ رَقد جسد سيدي بجواره سيدتي التي لم تُشَحب إلا قليلاً بعدما شتت هجومه عقول مَن أرادوا نَيل ذكائها، ثمَ اهتزت الأرض فجأة مِن أسفِلنا و دوى صدى صوت عنيف فعلِمنا أن مجانيق أماريتا قد بدأت في إطلاق كُرات لَهيبها بِتتابُع تِجاه سور زيكولا.

كان يوما مخيفاً .. لن تنساه زيكولا وأهلها لم تتوقف المجانيق عن إطلاق كُراتها طوال ساعاته، ومع كل ضربة كانت الأرض تهتز مِن أسفلنا، وتحركت حشود الأماريتيين الهائلة تجاه المنطقة الشرقية، لم يتركوا سوى بضع آلاف حاصروا الساحة الوسطى بِمَن فيها، لم تكن الحرب الكبرى التي توقعها الجميع .. لم تدم المعركة إلا لساعات كان بها الجيش الزيكولي صامداً مطوقاً من الجانبين شرقا وغرباً .. قبل أن يدلف نحو باب زيكولا مِن شروق الشمس حشد من فقراء أكتاراَ .. عُراه الأجساد يسيرون في ترنُح كالموتى غير عابئين بالسِهام التي تشُق الأجواء ذهاباً وإياباً، كانت وجوههم شاحبة شاردة تسير أقدامهم الحافية في إتجاه واحد مهما تساقط منهم لا يضعون للموت بالاً يقودهم خالد الذي عاد إلى المنطقة الوسطى بعد مَغيب الشمس وإطمئن إلى الأماريتي الذي إستعاد وحداته مِن جنود زيكولا الجرحى بعدما أجبرهم القائد جرير على ذلك، و اطمأن إلى صحة أسيل وإحتضن زوجته مُنى قبل أن يتركنا وينطلق على جواده إلى المعركة المشتعلة بِالمنطقة الشرقية، يقود الفقراء مِن خلّفِه.

كان يؤمن أن أهل زيكولا وجنودها بشر بينهم صالحون وأنقياء .. رغم الطمع والجَشَع يعلم أنهم غير مُذنبين بما فعلهُ حاكمهُم ومجلسه فَسَعاى كي يتوقف ذلك القتال ولم تلبث أن تسربت الأخبار بين جنود زيكولا عما فعلته بلادهم بِأصحاب الملامح الغريبة الذين ساروا نحوهم فاضطربت قلوبهم التي كانت تؤمن دَوماً أن زيكولا أكثر البلاد عدلاً، وساد التشتت بينهم وخرّت عزائمهم ووصلت إلينا الأنباء مع منتصف النهار إنَ الجيش الزيكولي قد إستسلم وَأُعلِنت هزيمته.

امـاريـتـا - مڪتملة √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن