مسار ثعباني-الحلقة الرابعة والثلاثون

14.9K 912 10
                                    

كان الوقت وقت الشَفَق .. حين انطلقت عربة الأماريتي في طريقها إلى خارج زيكولا .. يجُرها حِصانها نحو باب المدينة ركضاً .. دون توجيه .. كأنه أراد أن يغادر هذا البلد هو الآخر ومتى عبرَت العربة باب زيكولا .. حتى أَخرج الأماريتي زفرة ولعنها في نفسه .. أكمل طريقه بالطريق الترابي الممتد أمامه في اتجاهه إلى الهضبة العُليا التي خيّم بها مع أسيل وقمر وحارِسيه قبل دَلَوفِه للمرة الأولى إلى زيكولا .. لِيُبيت بها ليلته .. على أن يكمل طريقه مع شروق الشمس إلى وادي بيجاناَ الصخري أقرب الوديان الضيقة إلى بحر مينجا.

ثمَ حلّ الليل فأشعل مصباحه وتَرجَل وأمسك بِلجام حِصانه وسَحبه سائراً نحو أعلى الهضبة .. تندفِع الأرض مِن أسفله إلى أعلى حتى وصل إلى وجهته، فأوقف حصانه وفكّ سِرجه وعَقله بمؤخرة العربة .. ثمَ تقدم خطوات ووقف على حافة الهضبة ينظر إلى زيكولا التي اشتعلت أنوارها لتضيئها وسط ظلام الليل، وهامَ في تفكيره.

في ذات الوقت كانَ خالد و رفاقُه مازالوا يجلسون أمام سهام الأماريتي صامتين تعلو وجوههم الحيرة والقلق ينظرون جميعاً إلى خالد الذي أمسك بأحد السِهام متفحصاً له، كانت تلك السِهام اكثر طولاً مِن سهام رُماةِ الحروب وأثقل وزناً صُنِعت مِن معدَن مصقول تدلى مِن باطن نهايته القريبة فتيل قُطنِيٌ رفيع، وثُبِت أسفل نهايته البعيدة المدببة خزاناً زجاجياً صغيراً داخله سائل شَفاف لم يعلم أحدهم ماهيتِه، ثمَ أخرَج قوسه المطلق وتفحصه .. لم يكن يختلف كثيراً عن أقواس الرُماه .. لكنه كان أكبر حجماً .. ثمَ أعاد السهم والقوس إلى الجِراب القُماشي .. وإلتفت إليهم في انتظار حديثهِم .. فقال إياد ناظِراً إلى جراب السِهام:

هل توجد لديك خطةٌ واضحة؟

فهز إليه رأسه نافياً .. فسكتوا جميعاً .. ثمَ نطق خالد:

أُحاول أن أربط الأحداث برأسي .. لكن يبقى اللُغز في كبير القُضاه وحارسِه..

و أحضرت منى شراباً ساخناً وقدمتهُ إليهم جميعاً .. وحين اقتربت مِن أسيل نظرت في عينها مباشرة .. ثمَ تابع خالد:

وفق كتابي القديم .. لسنا خائنين إن وجدوا أن عودتي إلى بلادي هدفاً نبيلاً .. و وفق كبير القُضاة .. الموت في انتظارنا

قال إياد:

لن نستطيع الاقتراب مِن كبير القُضاة .. لَطالما أحاطَهُ الكثير مِن الحُراس..

فأخرج خالد زفيرَهُ وقال:

أرى أن نرحل إلى المنطقة الغربية .. يكمن اللغز وراء النفق .. إن اقتَربَنا منه .. اقتَربَنا مِن حل هذا اللغز..

قال إياد:

سأبقى هنا

وقالت نادين:

وأنا كذلك

بينما قالت أسيل:

سآتي معك يا خالد

امـاريـتـا - مڪتملة √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن