-10- الـ منطقة

382 53 256
                                    

كنت قد استيقظت في اليوم التالي بكدمة زرقاء طفيفة عند البقعة التي قام نورمانوس بعضي فيها لكنني آثرت الصمت وعالجتها بهدوء. إخفاؤها أسفل ملابسي كان سهلاً.
كانت الكدمة نتاج طلبي وسأشعر بالسوء لو ندم على ما أقدم شريكي عليه، كما أنني علمت أنه ومهما كانت الطريقة التي سيتم إستخراج دمائي بها لأجله لن تكون سهلة أو أخرج منها سليمة بنسبة مائة بأية حال لذا لن أذكر هذا الآن.

تلاشى الأثر مع الوقت وبشرتي تماثلت للشفاء، جلدي كان محمراً نوعاً ما بعد أسبوع كامل من العناية لكنه سليم. أنا أكاد أكون أسوأ من البشر عندما بتعلق الأمر بالتماثل للشفاء من الأمراض والندوب والكسور لكنني لم ولن أدع ذلك ليخيفني من التأذي بسهولة.

بغض النظر عن سري الصغير الذي أخفيته عن الآخرين وأبقيته لنفسي كنت قد قضيت أياماً هادئة في أنحاء 'قصر الظلال' كما ورد في تسميته القديمة، وكم كان حيوياً فأمام الباب الرئيسي وفي الردهة الواسعة كان قد احتفظ سحرة الظلام بحجر أساس، أول حجر تم استعماله لبناء القصر لكن ومع الأسف تحطم وتناثرت قطعه أثناء الحرب.

اليوم يتوافد سكان هذه الأراضي على القصر ويجربون الأحجار السوداء التي يجدونها أثناء إعادة الإعمار في محاولة لاكتشاف ما إن كانت تتطابق مع هذا الحجر الأساس في محاولة لإعادة تجميعه ومحاولة فك شيفرة الحروف القديمة التي كان قد تم حفرها عليه.

وقفت أعلى السلالم كل يوم لبضعة دقائق أشاهد مختلف أنواع الأشخاص صغاراً وكباراً يجربون ما وجدوه، أراقب وجوههم تتهلل بالفرح عندما يسقط حجرهم بمثالية في حضن الأساس، تتعالى الهتافات ثم تخفت مجدداً بحداد على كون الحجر التالي لا ينتمي له.

رغم أننا جميعاً نعلم أن كلمات الحجر القديمة غالباً لن تخبر نبوءة أو تطلعنا على سر عظيم لأنه غالباً لن يكتمل في المقام الأول إلا بتشوهات كثيرة إلا أن تجميع قطعه غدا حماسي لي بالمثل مع الأيام فتفهمتهم. إنه كطقس مهم، هواية تجمعهم وتحثهم على استكمال إعادة الإعمار بدلاً من التخلص نهائياً من مبانيهم القديمة.

"لا يبدو عليهم الحظ اليوم."
كين ترك ذراعاه لتقوما بالتدلي من أعلى حافة حاجز الحماية وسلط بصره البني على الوجوه التي آلفها في الأسفل. بدا وكأنه حصل على هواية المراقبة قبلي بكثير حتى لكنه كان دائماً يقف على الجانب الأخر من السلالم ولا يقترب مني. ظننت أنه تم تحذيره مني لكن حين كانت تتورد وجنتاه عندما ألوح له بابتسامة أدركت أنه خجول وحسب.

المسافة أخذت تقل مع كل يوم وإلقاء التحيات مراراً واليوم يبدو مرتاحاً بشكل خاص بالحديث معي.
"هل تعتقدين أنهم يضيعون وقتهم؟"
سأل فجاة لأستفسر:
"لما قد أظن ذلك؟"

"هذا ما قاله فرويد."
أجاب دون تردد فضحكت متسببة بخطف أبصاره نحوي.
"لما تظن أنني قد أفكر كفرويد؟"
سؤالي شكل معضلة حقيقية له فحين أشاح بعينيه ومط شفاهه استطردت:
"أتفكر كما يفعل ترين يا ترى؟"

بـومـة مينـرڤاWhere stories live. Discover now