-26- تلك الساحرة

301 40 227
                                    

نورمانوس ظهر هناك عند باب الصالة في رمشة من أعيننا. مستنداً لعكازه الخشبي بيده اليسرى ليساعده على السير براحة أكبر تقدم لقلب الصالة.

ريم لحقت بسيد العائلة الذي دلف الغرفة وبين يديها كتاب قديم ذو غلاف ذهبي داكن أعرفه.
"لم أقرأ عن سلفتي وحسب بل سمعت القصص التي رواها أجدادي يوماً عنها من فاه أبي الذي كان قد سمعها بدوره من ذويه، سلسلة لم تنكسر وأدرك الآن السبب بوضوح."
الشمس إنعكست على وجهه فأنارت هالات عينيه، لم يعبأ بصبغ شعره اليوم ولا هندمة ملابسه إذ أنه يرتدي البنطال الأسود والقميص الأبيض من الليلة الماضية ذاتهما.
"حتى أثخن الكتب لا تحفظ كل تفصيل بسيط."
علل سبب عادتهم.

ريالين زفرت أنفاسها وحاولت تخطيه للخروج لكنه منعها بعصاه تمتد في طريقها.
"فالتظلي هنا، يجب أن تستمعي لما سأقوله بالمثل."
تحدث دون أن ينظر في وجهها، علم بأنها ستطيع بلا أي داع لأن يجبرها.

أنزل عصاه واقترب من البقعة التي وقفت فيها أنا وبجانبي فرويد. نظرة غير مألوفة توسطت عيناه الياقوتيتان، لم يكن ينظر لي بل للشاب بقربي.
"سلفتنا قامت بزيارة الساحرة المذكورة بهدف إزالة ختم كان يكبح دمائها وبمقابل على صنيعها كادت أن تسلمها إحدى أهم الادوات السحرية التي تم استعمالها في ريغان قط."
توقف نورمانوس أمام فرويد، بضعة إنشات في الطول كانت الفارق.
"لا تختبر حلمي أو تثير سخطي، لستَ طفلاً بعد الآن وسأؤذيكِ حتى إن لم أرد ذلك."
رغم الكلمات الحادة التي غادرت شفاهه بهمس محذر إلا أن فرويد ابتسم وحسب.
"أترى يا ابن العم؟"
فرويد ضرب كتف نورمانوس بمرح ومال بجذعه بقرب كتفه هامساً:
"من السهل أن تكون صريحاً."

"ابتعد عنها."
نورمانوس أمر، أنامله تضغط بقوة على عصاه الخشبية فيتشوه خشبها المصقول أسفل أصابعه للضغط.

"كما ترغب سيدي."
تراجع فرويد وفي رمشة عين كان قد أصبح بقرب آيجل الذي تنهد راحته، لم يكن الأخير ليريد الوقوع في منتصف شجار بين هذين الاثنين بوضوح.

"أتعني بكلامك ساعة الجيب النحاسية التي تعمل على تعزيز القبة حول القصر اليوم؟"
سألت ريالين من الخلف وكأن صبرها ينفذ من كل هذه الأحجيات لكن نورمانوس لم ينبس ببنت شفة بل آثر التحديق في وجهي أنا التي شعرت بزهو غريب رغم أنه لم يكن يبتسم لي كما جرت العادة.

رفعت أحد حاجبي وكأنني أسأله عما يريد قوله إذ بدا وكأنه يمتلك بعض الحروف العالقة بين شفاهه التي تباعدت قليلاً وحسب.

"أجل."
نبس أخيراً متخطياً إياي نحو الكنبة المريحة التي تموضعت مع بضعة أخريات من ذات النوع في صدر الغرفة.
"بما تبقى من طاقة أحجار الفلاسفة عن المختارة التي باركتها والأيدي البارعة التي صممتها من نحاس خام استخرجته كفوف أخرى، إنها بالفعل تلك القطعة القديمة لا غيرها."

بـومـة مينـرڤاWhere stories live. Discover now