-20- غريق

268 43 342
                                    

مرت أيام هادئة على رأسي لم يحاول فيها أي شخص الاقتراب مني وأعتقد أن السبب هو الكآبة التي توضحت في ردود فعلي وتصرفاتي.

لم أظن بأنني سأشعر هكذا، توقعت أن أستطيع دفع كل تلك الأحاسيس جانباً لكن بعضها تمكن مني بقبضة من حديد ودفعتني لأقصى الزاوية الضيقة كعقاب على محاولتي الاستخفاف بها.

حدقت بالريشة الثلجية التي كنت قد علقتها حول عنقي تتدلى بين أناملي ومن ثم رحت أشاهد من نافذة المنزل شبان وشابات الصرح يعودون من أعمالهم المختلفة والتي تباينت بين جمع المؤن والنباتات، تفقد الحيتان، الاستطلاع وإصلاح تصدعات الصرح.

البرايموس كانوا مسؤولين عن الإشراف وحراسة الأنحاء دوماً وفي كل وقت لذا لم أستطع أن ألمح ميكايل سوى صباحاً قبل أن تشرق الشمس حتى.
شاهدته من نافذة غرفتي يقف كالعادة في فجوة المغارة وينتظر...ينتظرني أنا ليأخذني في جولتنا التدريبية المعتادة لكنني تجاهلت الأمر ببرود. ربما لأنني فقدت الأمل عن التحليق وربما لأن ميكايل ليس الشخص الذي أردت رؤيته.

"أهذا هو شعور الهجران؟"
غمغمت لنفسي، تنهيدة متحشرجة تغادر صدري، من روحي تحديداً. ما كنت أخاف منه حصل في النهاية وحتى إن لم يكن ذلك النوع الذي توجست منه مراراً.

يجب أن لا أنسى أنني كنت من غادر نورمانوس في المقام الأول حينما كان مريضاً أيضاً، لا حق لي بالتباكي.

أخفيت وجهي بين كفي. أندم بشدة، كان يجب أن أفتح فاهي واعتذر له وليس محاولة تبرير موقفي للحفاظ على ماء وجهي فإنه كان قذراً بأية حال.

إنزلقت على بساط الأرضية على مهل.

لا فائدة من الندم فقد رحل نورمانوس ولن يعود وأنا مجرد كائن بلا أجنحة أعلى صرح طوّاف.

"إلهي، إلهي..."
أزلت يدي عن وجهي وألا بي أرى كلايمنت يقوم بهز رأسه للجهتين، بدا متململاً فسألته عن خطبه.
"ماذا بك تظهر الآن؟"
كنا راقدين أسفل شجرة الشتاء هذه المرة، الشمس الحامية التي أشرقت ضد بشرتي جعلتني أشعر بدفء يخدر أطرافي.

"انظروا من يتكلم، فالترحلي أنتِ من هنا."
تنهد وهو يكشني كبعوضة بكفه.
"لن أقدم لكِ الشاي والكعك وأترككِ تتجاهلين جسدكِ الحقيقي الذي يعاني من الجفاف ليموت."
قام بالتمدد على العشب عاقداً ذراعيه خلف رأسه، النسيم العليل يحرك خصلاته الناعمة ويرفعها عن وجهه.

ضحكت بلا فكاهة.
"ما الذي تتحدث عنه الآن؟"
سألت بلا فهم، أنا بخير أشعر أنني بخير.

"إنه حلم مينرڤا."
أجاب دون أن يفتح عينيه.
"مجرد خيال لا أستطيع السماح لكِ بالخوضِ فيه مطولاً فكل دقيقة حالياً تماثل ساعة في الواقع."
نبس بشفاه مستقيمة.

صحوة طفيفة أصابتني فقمت بمحاولة تلمس حجر القلادة التي تعلقت حول عنقي لكنها لم تكن هناك إنما ريشة غلاكوس البيضاء وحسب.

بـومـة مينـرڤاМесто, где живут истории. Откройте их для себя