-28- محاكمة

265 38 210
                                    

"هل قمت بحفظ منافذ المكان بالفعل؟"
نورمانوس توقف متخصراً من رؤيتي أشق طريقي خلال الممرات دون الاستعانة بأي مخطوطة أو خريطة، يعرف أنني لم أكن لأضيع وقت أي منا بالتجول بعشوائية.

لقد قمت بالتحضير قدر المستطاع قبل أن نغادر قصر ريغان.
"أجل."
أجبت ملقية نظرة سريعة عليه من فوق كتفي، كان مازل يتثاءب، عاد للسير وهو يتمطى عندما تأكد بأننا لن نتحرك بلا هدف.

الساعة بالكاد قاربت السابعة صباحاً لكن الدروس بدأت هنا بالفعل، ربما عدم وجود ضوء نهار حقيقي يجعلنا نشعر بالخمول، فحتى المحاكاة السحرية للشمس أعلى رؤوسنا لا يمكنها خداع أحاسيسنا بحق، وربما لأننا لم ننم بحق.

"أشعر بالتوتر، إن كنا سنأخذ مكان الطفليين فيتوجب بنا الاعتذار عن حضور دروسهما على الأقل كما ينبغي."
حركت أبصاري في الممرات الفارغة، الفترة الاولى بدأت منذ عشرة دقائق بالفعل وها نحن ذا نخرب أياً كان ما في سجلات الطفليين الدراسية.

"نواجه المعلمين ونحن بلا سحر؟ بعضهم سيستطيع كشفنا بسهولة، السحرة حساسون لطاقة الحياة، وأؤلئك الذين يصبحون معلمين يفعلون بشكل خاص."
نورمانوس أصبح بقربي عاقداً ذراعيه خلف رأسه، يرمش عدة مرات ويقطب حاجبيه.
"أعيناك تضايقانك؟"
سألت فهرش مقلتيه.
"هذه العدسات تصيبني بالحكة."
أفصح، هذا جيد فهنالك ما هو أسوأ وأتخوف حصوله منذ ليلة البارحة.

دماؤه في حالة ثورة بسبب آثار العبث وإن سهى فقد يؤذي أو يتأذى دون شعور، لكن رغم ذلك كله غفوت خلال الليل متمسكة به دون صعوبة.

"لنسرع، أشعر بالسوء، ليس فقط لأجل الأخوة بل لأجلك بالمثل."
ابتسمت في وجهه وهو كالعادة اكتفى بالتحديق بتلك العيون الناعسة ذات الهالات والأشواك المتدلية. نورمانوس لم يبتسم في وجهي منذ تلك الليلة التي أفصحنا بها عن مشاعرنا اتجاه بعضنا البعض، هذا يؤسفني لكنني أتفهمه، يحاول إخفاء أحاسيسه بقناع من البرود والنأي بنفسه لإبعادي.

"ولهذا بالذات يجب أن نجد تلك الساحرة اليوم ونغادر الرافيتوس قبل طلوع شمس فجر الغد."
تحدث أخيراً فجأة ثم تخطاني بخطواته الواسعة، حتى الردهة الرئيسية.

غلاكوس هبط على كتفي وراح يصدر ذلك الصوت الشجي الخافت وكأنه يحاول حثي على فعل أي شيء يجعل شخصنا المفضل يبتسم لنا، لكن الطلب أسهل من الفعل الآن.

سرت هلف نورمانوس أعلى ذلك الرخام المشبع بالذهبي الداكن وتوقفت محدقة بما حولي بعيون متمعنة، هنالك أدراج سحرية في كل مكان لكننا لن نستطيع تحريكها بسهولة، إن تم ملاحظة عدم قدرتنا على تسخير أدنى كمية من طاقة حيواتنا فسنقع محط الأبصار بسرعة.

نورمانوس أخذ راحته بالتسكع في الردهة حول نافورة المياه الحجرية لكنه حين لاحظ قلقي أنهى شرودي ببضعة كلمات:
"إن حضر أحدهم فسأعرف، لا داعي للمبالغة بالتفكير إذ يُفترض بأن المدرسين والحراس لن يتحدثوا معنا طالما أننا نلتزم بالزي والتجول في الأماكن المفتوحة، لنحرص على الاختلاط بأكبر عدد ممكن من الطلبة أثناء فترات الاستراحة."
حشر يديه في جيوبه.
"أيضاً لا داعي لتسلق السلالم..."
رفع ذراعيه أمامه:
"أستطيع استعمال دمائي وبعض القواعد الصلبة كموطئ قدم لتخطي الطوابق العالية بسرعة."

بـومـة مينـرڤاWhere stories live. Discover now