-29- الدم بالدم

266 36 211
                                    


الباب فُتح ونورمانوس رفع رأسه من على كتفي مراقباً بعيون ضيقة ميليسيا تتقدم منا بذراعيها المكتفتين ومن خلفها حلق غلاكوس ليهبط على كتفي ويبدأ بالنهيم وتفحص جروحي.

وقفت بكعبها العالي أعلى رؤوسنا وتحدثت بهدوء:
"يجب أن نتحرك، تركيز سحري سيلفت الانتباه قريباً..."
لم تخفض رأسها، بصرها وحسب.
"قد أجد حجة لأبرر الأمر لمن سيسأل لكن بوجودكما هنا يصبح الأمر أكثر تعقيداً."
الفراش من أسفلنا اختفى على مهل ومعه نهضنا كلانا، هذه المرة كنت أنا من يستند لنورمانوس.

"اتبعاني."
اتجهت ميليسيا نحو الباب بعد أن رمت كلمتاها فما كان منا سوى أن نفعل، حاولت ترتيب مظهري لكن تلك الدماء الجافة والريش التي غطت جروحي وتدلت على كتفي ومن بين خصلاتي منعتني من إخفاء حقيقتي عن العيون.

"ماذا عن الناس هنا؟"
سأل نورمانوس ونحن نسير خلفها، شعره مازال أشقراً لكن عيونه الحمراء لا يمكن إخفاؤها إذ أن العدسات اللاصقة قد تحطمت ولا يوجد بديل سوى السحر.

"اتركا الأمر لي وحسب."
تنهدت الساحرة متململة أمامنا دون أن تتوقف وكأن ما نذكره أمر تافه. كانت تطرق الأرضية الرخامية بكعبها وتتبختر بتنورتها الضيقة وكأنها تمتلك وقت العالم بأكمله.

"سيدة آفرين!"
حدث ما تخوفت منه سريعاً فعند نهاية الممر المقابل لنا ظهر ظل لشخص كان يحمل الكثير من الملفات ومثل الساحرة تعلق على صدره بطاقة تعريف.

ما بدا كمعلم أحياء غريب أوقفنا، عيونه الحادة تطل علينا من خلف زوج من النظارات الطبية السميكة.
"ما كل هذا من الصباح الباكر؟"
سأل مقطباً حاجبيه الأسودين معلقاً بوضوح على حالنا المزرية.

ميليسيا رسمت ابتسامة بارعة على شفاهها المطلية بالأحمر.
"الأخوان كانا يتدربان على بعض التعاويذ من تلقاء نفسيهما وتسببا كما ترى بالمشاكل."
لوحت بكفها بالهواء.

"هذا يبرر تغيبهما عن درسي الآن."
لهذا استوقفنا، كان من المفترض أن يكون الطفليين عنده في الفترة الصباحية.
"لكن أرى أن الأثار الجانبية عويصة، يُفضل اصطحابهما للمستوصف قبل غرفة الإستشارة للتوبيخ."
نورمانوس زفر على مسمع كلمات المعلم المتكلفة جاعلاً عرقاً أزرقاً يشتد في جبهة الأخير.

"ما الذي تفضلت به أيها السيد الشاب؟"
أستاذ الأحياء تخطى ميليسيا لتُسقط تلك ابتسامتها على الفور وتعبس. نظر الرجل في وجه نورمانوس مباشرة بطريقة جعلتني أحاول المساعدة لإبعاده. إن أطال النظر فقد يلحظ أن الشاب أمامه ليس من يظنه.
"اعتذر بشدة مُدرسي، أصابنا الفضول وأخطأنا، لن تتكرر."
تحدثت رافعة كلتا كفي لأجذب انتباهه ونجحت فحين نظر لي الأستاذ بحاجب مرفوع ابتسمت.

"أتظنون أن أنظمة هذه الأكاديمية ركيكة ليتم مسامحتكِ باعتذار!؟"
وبخني بصوت عال جعل أذني الحساستين تقومان بالطنين أما غلاكوس فكان له رأي آخر حين زعق به من فوق كتفي ونفش ريشه بطريقة جعلت الرجل يتقهقر.

بـومـة مينـرڤاWhere stories live. Discover now