-12- لا تثق بالفراشات

377 50 262
                                    

"بصدق... أولستِ متعبة؟"
نورمانوس سأل للمرة الثالثة. كنا نسير على طول النهر لمدة عدة ساعات كل يوم منذ بضعة أيام الآن لنتأكد من بقعة منبع نهر تونيا الحقيقية وتقفي آثار أي من كان يتبعه بالمثل علنا نتوصل لبعض البراهين على أن نظريتنا صحيحة.

"لا."
أجبت دون أن أتوقف.
يبدو أن خروجي من القصر لم يزعج أصحابه كما توقعت بل أن شتيفان رحب بالفكرة بغرابة، عكس شريكي الذي كان يسير خلفي ولا يراقب شيئاً سواي وكأنه قادر على استشعار معاملتي المختلفة له أو ربما نظراتي للدقة، لم أستطع النظر في عينيه مباشرة رغم حبي لهما، احتجت وقتاً لأهدأ واستوعب ماذا حصل منذ أيام في الغابة لأبتلعه إذ أنني توقعت ذلك، لكن لم أظن أنني سأشهده بسرعة وحسب.

تباطأت خطواتي ما أن صادفنا بعض الأطفال الذين كانوا يجمعون الطحالب المضيئة والتي يستعملونها عادة لإنارة طرق قراهم البعيدة عن المدينة ليلاً لألوح مرحباً بابتسامة بشوشة بعد أن ظهر القلق على ملامحهم. حمل الصغار أشيائهم ولاذوا بالفرار بعيداً دون أي رد على التحية.
لا يمكنني كغريبة الحصول على ودهم مهما كنت بشوشة وهذا يعيدني لسياق فكري الأساسي.
أجزم أن عائلة مودياس لم ترغب بأشخاص عدا سحرة الظلام من حراس التوازن على أراضيهم لكي لا يخيف المختلفون منهم شعبهم لكنهم اضطروا لاستقبال بعضهم على مدار السنوات الماضية لأجل الحصول على تلك الحماية الغير مشروطة إذ أن ولادة سحرة الظلام في ريغان أمر نادر ويحصل مرة كل بضعة عقود.
لم يخبروا نورمانوس حتى عن أسرار الجبال الإنكسارية، عن ما يمكن أن يكون لديهم ويسعى العابثون خلفه لكن شتيفان... مجدداً... شخص غريب إذ تركني لأبحث ضمن مكتبتهم دون تحفظ ولأتجول بحرية كاملة. إلا إن كانت هذه الحرية من صنع خيالي ونحن نتعرض للمراقبة.

تنهيدة تركت صدري، كان نورمانوس ليلاحظ أي شيء كهذا فدماؤه لا تعود سوى لسحرة الظلام وحسب.
هذا مربك.

ضغطت أناملي بشدة، أكان شتيفان متقصداً لذلك يا ترى؟ ربما لا يستطع أن يخبرني بشيء بشكل مباشر ولذلك وضع المعرفة بين يدي بصمت. يبدو أن مودياس... لا بل شتيفان من يريد نهاية لكل هذا. تلك الأخيرة لن تأتي دون تنازلات، خاصة اتجاه تحفظهم ضد حراس التوازن الذين قد يستطيعون المساعدة.

تجاوزنا القرية النشيطة وما أن أصبحنا على مسافة آمنة حيث لا يستمع أي كائن عاقل لمحادثتنا أجبت نورمانوس المترقب بعبارة جيدة:
"أنا بخير نورا، توقف عن المبالغة بالتفكير أرجوك."
تخصرت واستدرت لأبتسم في وجهه دون أن انظر مباشرة بسبب الشمس في عيني.
"ركز على المهمة التي بين يدينا."
أضفت.

"بإستطاعتي حملكِ."
عرض لأُعرض عنه وأهز رأسي للجهتين على مهل وأعلن بعناد:
"أرفض بامتنان، مازال باستطاعتي السير كما ترى."
هو على هذه الحال منذ أيام والسبب الرئيسي واحد.
لم يكن الإرهاق ما تسبب بإنتكاس حالتي منذ أيام ويبدو أن نورمانوس غير مستعد لتجاهل غموض الأمر أكثر أو تركه للنسيان فما أن تنهد حتى سأل مباشرة دون المزيد من اللف والدوران:
"إذاً ما كان ذلك في منتصف المدينة منذ بضعة أيام؟"
نظرت على مهل من فوق كتفي لوجهه الجاد فأنبني ضميري لتجاهلي إخباره عن أمر مهم عني كنت قد أخفيته عن الكثيرين، ولكن بصفته شريكي أنا أقوم بتضليله بعدم البوح.

بـومـة مينـرڤاDär berättelser lever. Upptäck nu