الفصل الرابع

1.4K 63 21
                                    


الفصل اكثر من ٦ الف كلمة، ماتنسوش التصويت❤️
الفصل الرابع


اليتم صفة التصقت بها منذ أن فتحت عينيها ، أو ربما هي من كانت تلصقها بها!
فهو أهون من الحقيقة المرة، حقيقة كونها لقيطة
وجدت ملقاة في صندوق القمامة.
لم تقم والدتها بإرضاعها أو حتى تنظيفها ،بل وجدت ملفوفة بخرقة بها دماء الولادة داخل كيس محكم الغلق
هذا ماعرفته بعد ذلك ليزداد شعورها بأنها شخص غير مرغوب فيه لا يستحق الحب!
تعترف بأنها كانت محظوظة لأنه تم اختيارها كي تنقل لدار رعاية خاصة برجل أعمال و زوجته
كما تعرف بأنهم اشفقوا عليها، لأنه لم يقبل أحد أن يتبناها ، كل مرة يتم رفضها من قبل العائلة الراغبة في الاحتضان واختيار طفل آخر من الدار،
ربما بسبب أنها سمراء ذات شعر مجعد، أو ربما لأنها تأخرت في الكلام حتى سن الخامسة ، أو أو ظلت كثيرا تبحث عن الأسباب كي تحاول معالجتها و الحصول على بيت وأبوين مثل معظم أطفال الدار، لكنها عند سن العاشرة قررت بأنها لا تريد ذلك بل لا تحتاج لحنان أحد و أغلقت على مشاعرها في صندوق بقفل كبير لترمي مفتاحه في عرض البحر!
ركزت على أكثر شيء في مهم لضمان مستقبلها.... الدراسة
ولأنها كانت متفوقة قام السيد صفوت وزوجته بإلحاقها بإحدى مدارس اللغات التجربية بشرط أن تستمر في تفوقها.
حتى بعد أن دخلت كلية الطب و وفاة زوجته لم يتوقف صفوت مهران عن التكفل بجميع مصاريف دراستها ومصاريفها الخاصة؛ كان يتعامل معها كأنها قريبة بحق، وليس مجرد طفلة تكفل بها لعدم رغبة أحد بها.




جرت منار الكرسي المجاور لها من ناحية اليمين وجلست عليه أما فتنة فقد أخدت تجمع الكتب المنثورة أمام لينا؛ لتحاول الأخيرة أخذها منها وهي تقول بهمس غاضب:
-ماذا تفعلين ؟
كيف دخلتهما أصلا للمكتبة بل للكلية؟!!!
حركة مقلتيها ناحية الشمال واليمين وردت بنزق:
-عن طريق نادر طبعا ومن غيره يقدر على ذلك.
عكس ماتوقعت لم تهتم لينا ولم تثور عليها و توبخها على استمرار علاقتها بنادر؛ لتتبادل النظرات القلقة مع منار، ثم سحبت الكتب التي وضعتها فوق بعضها وحملتها بين يدها، مما جعل لينا تقف من كرسيها و تحاول سحبها منها، لكن فتنة كانت أسرع منها فقد لفت لتعطيها ظهرها و تتجه للخارج رغم ثقل الكتب، لتتبعها لينا حانقة خلفها منار، تحاول أن تلحق بفتنة قبل خروجها من المكتبة دون جدوى
لتصرخ بها عندما تخطت باب المكتبه:
-فتنة توقفي عن تلك الحركات، من تظنين نفسك بالضبط؟
رفعت فتنة حاجبيها و أنزلتهم ببطء لتقول بنبرة بدت مستفزة للينا:
-فتنة السماك، ألا يكفيك ذلك؟
عموما أنا هنا ليس من أجلك بل لأن أمي تلح علي وتريد رؤيتك للاطمئنان عليك، منذ ذلك اليوم الذي جاءك فيه خبر موت صاحب الدار؛ إن لم تريدي القدوم معي للمنزل قومي بالاتصال بها فقد تعبت منها.
ظهر التأثر على وجهه لينا،لكنها سرعان ما أخفته؛ لتربت عليها منار وتقول بحنان:
-لينا أرجوك تعالي معنا، أنت تعزلين نفسك منذ يوم الوفاة ، أعرف بأنه في مقام والدك لكن ماتفعلينه ليس صحيا، ابكي اصرخي عبري عن شعورك لكن لا تبعدينا عنك نحن لسن زميلات مدرسة فقط، بل أنت في مكانت أخت بالنسبة لنا.
داست على آخر زر في التحكم بالذات عندما نطقت بتلك الكلمة... أخت!
لتنفجر جميع براكين الغضب والحزن والألم مرة واحدة وهي تصرخ غير واعية للمكان الذي تقف به:
-لست أخت أحد ولا ابنة أحد، ليس لي أب ولا أم ، توقفوا عن الكذب وتجميل الواقع، صفوت ليس والدي وأنت لست أختي، حتى فادية تشفق علي لا أكثر أنا لقيطة لا يريدها أحد توقفوا عن ادعاء العكس.
انهارت على ركبتيها تبكي بحرقة وهي تغطي وجهها بيديها، منظر لم تستوعبه فتنة و منار في البداية؛ لينا لم تكن يوما ضعيفة ولا عاطفية ، لم تتأثر بشيء سابقا أو هكذا اعتقدن.
أيام عيد الأم في المدرسة لم تكن تحزن أو تظهر شيئا، عندما يطلب منهم المدرس أن يكتبوا تعبير عن رحلة عائلية أو حنان الأم و الأب وغيرها من المواضيع المؤلمة لها، كانت تقوم بذلك دون تذمر صحيح لم تكن جيدة فيها ولم تنل علامات عالية عكس باقي المواد لكنها لم تستغل يتمها كي تتنصل من الموضوع أو تأخذ درجات لا تستحقها.
جثت فتنة بقربها وقامت بحضنها وهي تهمس:
-منظرك ليس جيدا أمام الكلية تعالي معي لنتشاجر في المنزل وبعدها اقطعي علاقتك بي.
في نفس الوقت كانت منار تتلفت حولها لمعرفة الضرر الذي تسببت به لينا لنفسها، لم يكن هناك الكثير ليشاهدوا ماحدث لحسن الحظ، معظم الطلاب في محاضرات أو معامل في هذا الوقت المبكر من النهار.
وقفت بجانب لينا وفتنة التي تحاول إخراج الأولى من نوبة البكاء عن طريق استفزازها كعادتها ، وقد نجحت نوعا ما في ذلك على الأقل توقفت لينا عن البكاء بصوت عالٍ وخف نشيجها ؛ لتقول بصوت حازم لا يقبل المعارضة:
-هيا بنا خالتي فادية تنتظرنا في المنزل، بعدها سوف نرى مشكلة الدكتورة لينا في مسميات العلاقة بيننا.
وقفت فتنة وسحبت لينا من ذراعها لتقف معها وتبعتهم منار دون نقاش، وقبل أن يتخطوا باب الكلية للخارج لمحت فتنة نادر يقف مع فتاة جميلة ويبدو عليهما أنهما يتحدثان في أمر هام ، رغم نار الغيرة التي اشتعلت في داخلها قررت المضي مع صديقاتها دون أن تتحرى الأمر، غدا ستفهم منه شخصيا سر هذه الوقفة المريبة.

❈-❈-❈
في بلاد الجعفري

لم يكن صوت الانفجار عاليا، لكنه بدا له كأنه قنبلة كبيرة أو ربما صاروخ!
ربما لأنه لم يبتعد بمسافة كبيرة عن غرفة الفرن؛ ليعود مسرعا تسبقه دقات قلبه الذي يرتجف من شدة خوفه عليها، حاول فتح باب الفرن دون فائدة ليبعده أحد العمال ويفتح هو الباب، حيث أنه كان يفتحه من الجهة الخاطئة بحيث يزيد إغلاقه بدلا من فتحه.
أزاح العامل و دخل يمسح المكان بعينيه ليجدها تجلس في الركن متقرفصة تحمي وجهها بساعديها المتعاكسين فلم يظهر منه شيئا
ابتلع ريقه ليرطب حلقة الجاف بعد أن اقترب منها وتأكد من أنها حية ، لكنه لم يعرف مدى أصابتها بعد، فيدها كانت تنزف والأخرى يغطيها شيء لم يتبينه بعد؛ جثى على عقبيه أمامها يبعد يدها لتخرج صرخة مكتومة ، وظهر بعدها وجهها وقد غطته طبقة من غبار الفخار على مايبدو.
تملكته رغبة ملحة في أن يأخذها بين ذراعيه، فقط لثانية واحدة كي يشعر بها تتنفس ويعطيها بعض الأمان لا أكثر ثانية لن تضر أحد ولن تتسبب في اختلال مجرى الكون لو فقط
لكنه لم يقدر على ذلك؛ لا يعرف إذا كان جبنا منه أن يفقد مصدر رزقه إذا عرف جدها، أو خوفا عليها من كلام الناس ، أو ربما خوف من شيء آخر؟


حاولت مسح وجهها بكم قميصها لتخرج صرخة أخرى جعلته ينتبه لها أكثر ليجد بأن العامل قد قام بغلق المقبس الخاص بالفرن وجلب دلو من الماء ومنشفة نظيفة مدها لأشماس كي تمسح وجهها.
أخذ المشفة من العامل و بلل طرفها وأخذ يمسح وجهها وهو يسألها بصوت حاول أن يظهره عاديا رغم كل مايعتيله من قلق:
-ماذا حدث؟
لم ترد بل فقط هزت رأسها وقد تجمعت الدموع في عينيها تحارب كي تخرج
فقال متجاهلا ألمها الواضح:
-هل قطع لسانك ؟
أشك في ذلك يبدو أن الإصابة في يدك فقط.
بشفتين مرتعشين أجابت:
-أنا بخير، أعتقد أن ذراعي أصيب، سوف أعود للمنزل و أضع عليه مرهم حروق.
حاولت النهوض من مكانها فعلا وهي تتحدث؛ فاختل توازنه وكاد أن يقع على ظهره ليسند نفسه بقبضته المضمومة ويقفز واقفا ثم نظر لها ليري الضرر الذي تتحدث عليه.
كان ساعدها مغطي بالدم من أثر جرح ربما ، والساعد الآخر التصق به قطع فخار صغيرة.
التفت للعامل يقول بصرامة :
-سوف آخذها للمستشفى، لا تجعل أحد يشغل الفرن حتى نعرف سبب ماحدث، اتصل بالمهندس فورا وأنا سأعود بعد قليل.

لم يعطها الفرصة لتوافق أو ترفض بل سحبها من ذراعها للخارج، وهو يسأل عن مكان المستشفى ، ركبت معه السيارة مستسلمة فهي لازالت تحت تأثير الصدمة ولا جهد لديها لمجادلته الآن.


لحسن الحظ أو سوأه وصل للمستشفى بسرعة ؛ في غرفة الاسعافات اضطر لتركها والخروج ليتصل بالشيخ عثمان يخبره بما حدث بطريقة لا تجعله يجزع، قبل أن يسمع من غيره؛ فقد تعلم شيئا مهما جدا في هذا البلد، بأن الأخبار تنتقل بسرعة عندما تكون تخص أحد من شيوخ القبائل أو المسؤولين، وطبعا لا تنقل دائما بالطريقة الصحيحة ، لذلك خشي بأن يسمع من غيره ويظن بأن الأمر أخطر مما هو عليه.

مرت أكثر من ساعة ولم يخبره أحد ماهي مشكلتها ولماذا كل هذا التأخير؟
المفروض أنها تحتاج لبعض القطب و تنطيف عميق لإزالة القطع الفخارية لا غير!... لماذا هذا التأخير خصوصا وأن المستشفى شبه فارغ
بحث عمن يسأله في الاستقبال ولم يجد الجواب الشافي عندهم؛ ليندفع ناحية الممرضة التي استقبلتها عند دخولها يسألها بخشونة:
-من فضلك ماذا حدث للمريضة التي أتت معي، لماذا لم تخرج بعد؟
نظرت له الممرضة من أعلى لأسفل تقيمه ربما أم تقلل منه لم يستطِع التأكيد ولا يهتم بما تفعله، المهم أشماس الآن ، قبل أن تصدر طرقعة باللبان الذي تلوكه وترد بنزق:
-المريضة في الداخل قمنا بخياطة الجرح وننتظر الطبيب المناوب أن يأتي ليعقم الحرق.
عقد حاجبيه وردد في تساؤل:
-يأتي؟
من أين يأتي أليس هو الطبيب المناوب؟
رفعت حاجبها و قالت بتحدٍ وهي تهز الملف الذي تحمله بيدها:
-يأتي من منزله ذهب كي يتغدى و يرتاح قليلا هل كفر يعني؟
أم تظن بأنه عبد لديك؟ اسمع يا هذا إن لم يعجبك الوضع هنا خذ قريبتك و اذهب لمستشفى خاص، هناك سوف تدفع دم قلبك عندها سوف تحترم الأطباء والممرضين وليس مثل هنا تقللون منا لأننا نعالجكم مجانا.
خرجت أشماس من خلف الباب الذي تقف عليه الممرضة ؛بيدها اليمنى مقطبة بطريقة قطعت قلبه لأشلاء والأخرى كما هي فقط أزيل منها قطع الفخار الصغيرة لتترك علامة حرق واضحة.
نظرت للمرضة وقالت لها:
-لا داعي لكل تلك المحاضرة يا نجاح نحن ذاهبان على أية حال، وشكرا لك.

تقافز قلبه بفرح عندما قالت ( نحن) والجمع في ( ذاهبان)... نهى نفسه بعدها عن هذا التفكير هل هو مراهق يفرح بكلمة جمع من فتاة !!!!!
أفاق وهي تخرج أمامه ليسرع خلفها وقد ارتسمت ابتسامة سعيدة أنارت وجهه دون أن يدري.

من الغرفة المقابلة لغرفة أشماس والتي خرجت منها منذ قليل، خرج عياد وقد لمعت عينيه بعد أن تأكد من ذهابها، لتلف الممرضة ذراعها حول خصره وهي تقول بدلال:
-انظر لقد جعلتها تخرج دون أن تتم هاعلاج ، أخبرتك بأني أقدر على ذلك.

أبعد يدها وهو يقول:
-المهم الصور هل صورت يدها و صورتهما وهم معا أم لا؟

رفعت هاتفها تريه الصور لتلمع عيناه كعيني ضبع ينتظر حتى ينتهي الأسد من أكل فريسته ليأخذ البقايا منه.

نقل الصور لهاتفه ومسحها من هاتف نجاح، قبل أن يعطيها الهاتف ويلوح لها مودعا مرسلا قبلة في الهواء

قرر أن يتبعهم، الواضح من لهفة الغريب أن القصة بينهما كبيرة ، وتلك المتعجرفة اقترب وقت دفعها الثمن لكسرها أنفه، اقترب جدا والثمن سيكون بكسرها و كسر كل من وقف معها.

❈-❈-❈

في الدولة المجاورة

 سيل جارف  الجزء الاول من سلسلة الحب والحربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن