الفصل الواحد وعشرين الجزء الاول

1.1K 48 20
                                    

الفصل الواحد والعشرون الجزء الاول

في بلد أيوب
تم نصب شادر كبير في حي السماك وتعليق الزينة منذ بداية الحي لنهايته الجميع شارك في التجهيز لحفل خطبة ابنة جمعة السماك من الدكتور ابن الأكابر كما يطلقون عليه، وحدها فتنة لم تتوقف عن البكاء في غرفتها منذ أن أصر والدها على إقامة حفل خطبتها بالطريقة الشعبية بدلا من إقامته في قاعة كبيرة لأحد الفنادق ذات الخمسة نجوم
عندما أتي نادر مع والديه وشقيقته لم تصدق نفسها، هي أصلا لم تصدقه عندما أخبرها بأنه قرر أن يخطبها منذ ذلك اليوم وهي تعيش في حلم جميل بل أجمل من الحلم بكثير، لم تكن تتوقع أبدا بأن يفعلها بكل بساطة بل دون أن تمارس عليه ضغط أكبر !
منذ أن أخذت الصفعة من والدها وقد قررت أن تغير جميع تصرفاتها وتأخذ ما تريده بيدها، لن تصبر وتنتظر من أحد مساعدتها، ماذا بعد تحذير عمتها و صفعة والدها و تخلي أمها عنها!
لذلك قامت بمراجعة تلك المعلومات التي جلبها لها عماد سابقا عن نادر لتدرسها بتأن.ٍ ، أكثر مالفت انتباهها شيئان أولهما مرض شقيقته، إذن هذا هو سبب بحثه عن أشخاص أصحاء ليقوم عليهم بتجارب، هو يبحث عن متبرع ولا يتدريب كما كذب عليها
و ثانيهما حالة أهله المادية؟!
والده مجرد وكيل وزارة وليس وزيرا، يعني في النهاية موظف حكومي يعيش على مرتبه فقط خصوصا أنه لا يمتلك أي دخل آخر كذلك زوجته التي تدعي بأنها من سلالة البشوات لا تملك أي إرث أو دخل فقط وديعة بنكية تدر عليها أرباحا سنوية تقوم هي بصرفها على أشياء تافهة مثل إقامة حفل كبير أو شراء ملابس غالية الثمن لنفسها دون أن تهتم بالمساهمة في طلبات المنزل أو في علاج ابنتها الوحيدة ، وبسبب إصرارها على العيش في رفاهية ولحب زوجها الشديد لها فقد قام باقتراض مبالغ كبيرة دون أن يقدر على ردها لتزداد عليه الفوائد بسبب طول المدة و كبر المبلغ.
نقاط ضعف كبيرة استغلتها  عندما قام أحد المقرضين بتهديد نادر في النادي بأنه سيقوم بسجن والده إذا لم يقم بسداد المبلغ المطلوب، وقتها لم يعرف نادر ماذا يفعل بل تخشب مكانه ،لتتدخل هي عارضة دفع المبلغ المطلوب ليوافق فورا وكان هذا بدايه لخطة رسمتها في رأسها للضغط على والدته عندما أخبرها نادر أنها تعارض ارتباطه بها كما أن معاملتها لها بتعال كلما حاولت هي التقرب منها في النادي أكدت لها صدق كلامه ؛ لذلك كانت تسحب الأموال من والدها دون حساب وتقوم بدفع الديون واستلام الإيصالات كي تستعملها ضدها وقبل أن تستمر أكثر في خطتها أخبرها نادر بأنه قرر خطبتها فجأة !
ويافرحة ما تمت كما يقول المثل، لقد قرر والدها بل أمر بأن يكون حفل الخطبة في الشارع!!!!
لم تتوقف عن البكاء منذ البارحة وفشلت كل محاولات فادية في تهدئتها .
سمعت دقات على باب غرفتها لكنها لم تهتم واستمرت في دفن وجهها في المخدة رافضة أن تتحرك ليفتح الباب و تدخل منه لينا و تجلس بقوة على السرير الذي اهتز لفعلتها ، فحركت فتنة رأسها قليلا دون أن تبعد المخدة تماما لترى من دخل لكنها لم تتبين فورا هوية الجالس بقربها لترفع رأسها أكثر فاصطدمت عيناها بعيني لينا الواسعة لتعتدل بسرعة وترتمي في حضنها باكية وهي تخبرها بكلمات متقطعة عن قررا والدها المجحف بإقامة الخطبة في الشارع، ثم قامت وأخذت تدور في غرفتها و تمسك بمقدمة شعرها في غضب وقد احمر وجهها بشدة لتجلس على طرف الكرسي المقابل للتسريحة وترمي الفستان المخصص للحفل على الأرض ثم تدفن وجهها بيديها في يأس ،تركتها لينا تنهي حديثها دون تدخل حتى انتهت فانحنت للخلف متكئة بجسدها علي ذراعيها خلفها
وقالت :
-اليوم خطبتك من نادر وهذا ما أرادته منذ البداية، رغم أني لم أكن أتوقع بأنه سيحدث أبدا ، إذن لماذا أنت غاضبة ؟
رفعت فتنة رأسها بحدة ونظرت لها بعينين متسعتين قائلة:
-أنت تمزحين صح؟
لماذا أغضب ؟
إنه حفل خطبتي على نادر مأمون بدلا من أن يكون في أفخم القاعات يحييها مطرب كبير وتحضرها أرقى العائلات، قرر أبي إقامتها في الشارع ليحضرها صعاليك الحي و يحييها مطرب شعبي تافه هذا فقط سبب غضبي .
أدارت لينا مقلتيها في ملل وقالت: -انظري لنصف الكوب الممتليء، الآن أنت كسبت نادر و كسرت شوكة حماتك في نفس الوقت كما أنه يمكنك فعل كل ماتحلمين به في حفل الزفاف، توقفي عن النواح وهيا كي تجهزي نفسك للحفل.
نظرت لها فتنة في غير اقتناع لتتابع لينا بعد أن وقفت ولم تنس أن تأخذ الفستان من الأرض قائلة:
- ليس لدينا الكثير من الوقت لقد اتصلت بخبيرة التجميل كي تأتي هنا بدلا من الذهاب إليها ، الآن خذي حماما سريعا .
فردت الفستان على السرير و التفتت تساعد فتنة على الوقوف عنوة و تدفعها للحمام والأخيرة تطيعها على مضض لتعود بعد قليل وتبدأ في تجهيز نفسها لحفل الخطبة .

❈-❈-❈

أصعب أنواع الخيانة هي خيانة الثقة

أنهت مهامها اليومية بداية من الذهاب للكلية التي التحقت بها بفضل مساعدة أبناء الجالية لها وبعد ذلك الذهاب للكنسية كي تشعر ببعض الراحة النفسية ثم العودة للمنزل للطبخ والتنظيف وانتظاره فقد يأتي ويتناول معها العشاء ومثل كل ليلة تأكل وحدها وتجلس لتدرس قليلا وتنام قبل أن تراه.
كل ذلك لا يهمها فهو يدعي أنه في العمل، لكن كذبه وخداعه لها هو الذي لا تستطيع أن تغفره له!
عندما أخبرها ليلة زفافها أنه قدم سفرهما لتطاوعه دون أن تتصل بوالديها أو تسلم عليهما معتقدة بأنها ستعود بعد أسابيع قليلة، لتصدم في مطار الدولة الأجنبية بأن التأشيرة التي تحملها ليست تأشيرة سياحية عادية بل هي تأشيرة هجرة!!!
وكانت هذه أول خيانة تلقتها من تامر لتتوالي بعدها سلسلة الخيانات التي لم تنته حتى الآن .
أكثر ما يؤلمها هو موقف أهلها منها خصوصا شقيقها عماد الذي يرفض الحديث معها، والديها سامحاها بعد فترة لكنهما لم يصدقا أنها لم تكن تعلم بمخططه للهجرة خصوصا وأنه قد قام بسحب ملفها من الكلية بطريقة ملتوية لم تعرفها هي لكن والديها أصرا على عدم تصديقها، المشكلة أنها لا تستطيع التحدث مع والدتها عن كل ماحدث لها، ربما خوفا منها أو عدم الرغبة في الاعتراف بتسرعها وسوء اختيارها أو هو كما تبرر هي لنفسها أنها تحفظ أسرار بيتها؟
ما تعرفه أن علاقتها بوالدتها لم تكن بتلك السلاسة والشفافية كي تخبرها بأسرارها، كم تفتقد الحديث مع صديقاتها فتنة ولينا الوحيدتان اللتان بإمكانهما أن يستمعا لها دون لومها حتى وإن فعلتا سوف تقوم بعدها فتنة بأخذها في حضنها و تقوم لينا بالبحث عن حل لمشكلتها تلك.
آه لو فقط يكون الأمر سهلا وتتصل بهما ، آه لو تقدر على مسامحتهما ومسامحة نفسها قبلهما ، آه لو تعيد الوقت للخلف لترفض ما قبلت به مدعية أنها قوية وتقدر على إصلاح مالا يمكن إصلاحه .
تنهدت ونظرت للساعة لتجد أنها قاربت على منتصف الليل، اليوم بالذات تكمل عاما بعيدا عن أهلها و وطنها و صديقاتها والخسارة الكبرى كانت لكرامتها التي هدرت منذ أول تصادم بينهما، بل أول حديث عادي بعيدا عن التكلف والرسمية التي كانت تخيم على جميع أحاديثهما سابقا.
عندما وصلا للمطار واكتشفت منار الكارثة لم تقدر على السكوت أكثر والتقوقع في فقاعتها بل واجهته بقوة لأول مرة بينهما؛ كان الغضب يعتريها بشدة بالكاد استطاعت الصمود حتى وصلت لغرفتها في الفندق لتصرخ به :
-كيف تفعل هذا بي؟
لقد خدعتني كنت أظن أنها رحلة لشهر العسل وليست هجرة!!!
جلس على الكرسي غير مبال بنوبة غضبها وأخذ جهاز التحكم عن بعد ليشغل التلفاز ويقلب بين قنواته دون أن يهتم بالرد عليها
ازداد غضبها لتمسك بأول شيء وقعت عليه عيناها وكان مزهرية صغيرة و ألقتها بقوة ناحيته ليتفاداها بسهولة وتصطدم بزجاج النافذة ليتشقق بصوت مرعب تلاه صوت صفعاته التي انقلبت لصوت طنين في أذنيها ولم تشعر بنفسها و هي ملقاة على الأرض إلا عندما وضع قدمه على وجهها -ومال يقول بفحيح أفعى :
-إياك ومحاولة رفع صوتك مرة أخرى أما ما حدث منذ قليل لو فكرت حتى في تكراره سأعديك لوطنك في صندوق.
أغمضت عيناها بقوة هربا منه أو ربما من منظر حذائه الذي ترك علامة على خدها؛ لا تدري كم مر عليها من الوقت وهي على نفس الوضع المؤلم لجسدها و روحها أكثر .
ومنذ تلك اللحظة تحولت حياتها وأصبحت لغة الحوار معه هي الضرب، والضرب فقط رغم أنهما في دولة أجنبية تهتم بحقوق المرأة وتجرم الاعتداء الجسدي عليها إلا أنها لم تحاول يوما التقدم بشكوى للشرطة ، والسبب ببساطة أنها لن تفضح زوجها بل ستصبر و تتحمل حتى تقدر على تغيره للأفضل مهما طالت المدة .


❈-❈-❈

في بلد الجعفري

منذ أن وطأت قدماه أرض الوطن وهو يشعر بشيء غريب بداخله، لن ينكر بأنه اشتاق لوطنه اشتاق لرائحته وللوجوه الطيبة التي تشعره بالألفة والطمأنينة بمجرد ابتسامة عابرة ؛ كلمة السلام عليكم التي يحيي بها الجميع بعضهم البعض كان لها أثر كبير عليه حتى دمعت عيناه دون أن يدري، هو من اختار الاغتراب بمحض إرادته هربا من تقاليد تقيده وعادات لا يتقبلها عقله ولا يقدر على العيش وفقا لها ، بل إنه كان يدعي طوال فترة ابتعاده بأنه سعيد بالعيش وفق قوانينه هو وعاداته الخاصة لا تلك التي توارثتها الأجيال دون أن تحاول النظر لصحتها من عدمه لكنه شعر بنفسه يحن لكل شيء تمر عليه عيناه بلا استثناء
بالكاد استطاع منع نفسه من الجري لمدينته لرؤية أهله والاعتذار منهم على ما بدر منه سابقا قبل أن يقرر الذهاب بلا عودة !
ليجد نفسه في مدينة صديقه الذي أقنعه بعد جدال طويل بالحضور لزفاف شقيقته بل بالأحرى هو من كان ينتظر فرصة كي يشتم عطر الوطن الذي غاب عنه لعقد من الزمن.
لم يأخذ وقتا طويلا ليصل لمنزل الجعفري ، وقف على بعد عدة أمتار من المنزل ليتأمل تلك الخارجة من بوابة منزل الشيخ عثمان بهالتها المشعة بطريقة لم يرها في أنثى غيرها من قبل، هو ليس بغر ولا هي أول امرأة يراها في حياته ، لكنها مختلفة وقد زاد إحساسه ذلك عندما اقترب منها لترفع إليه رموشها الملتوية لأعلى فتطل عيناها ذات الشعاع الحارق الذي اخترقه ليجعل نبضات قلبه تضطرب ، لم تكن ترتدي ملابس مغرية أو حتى أنيقة ملفتة للنظر مجرد ملابس عادية مثل أغلب بنات البلد و تلف وشاح على رأسها يظهر تفاصيل وجهها وغمازتها التي ذاب بها كأنه لم ير من قبل امرأة بغمازات و طابع حسن وذلك الطول الفارع رغم أنه كان دائما يفضل القصيرات!
لاحظ أنها تبتسم ليقترب منها ويقرر التحدث معها رغم أن وجهته الأساسية كانت منزل الشيخ عثمان لكنه ادعى أنه يبحث عن منزل آخر خصوصا عندما لاحظ انها متجهة للمنزل المقابل ليوقفها متوقعا منها الاستجابة له كما جرت العادة معه، يعرف وسامته وتأثيرها على الجنس الآخر لذلك اقترب منها واضعا يده في جيب بنطاله وأنزل نظارته الشمسية لمنتصف أنفه كي تظهر عيناه الزرقاوان ذواتا التأثير الساحر على بنات حواء ليقول وهو يتأمل صفحة وجهها عن قرب :
-أين يقع منزل سفيان الجعفري؟
لم ترد عليه في البداية ليكرر وقد عدل لهجته لتكون واضحة أكثر بعكس لغته الأصلية لغة أهل الجبل الغربي و أمال رأسه لها
قائلا:
-أعتذر آنستي سألتك هل هذا منزل سفيان الجعفري ؟
رفعت عينيها له ليتأملها بعمق وهو يحاول التأكد من لونها :
-إنهما بني فاتح.
قالها في سره بعد مدة من النظر لها وحفظ ملامحها في ذاكرته ولم يهتم بردها البارد عليه بل تابع ليوقفها عنوة بعد أن حاولت تجاوزه لتذهب للمنزل المقابل وقد أخبره حدسه بأنه منزلها ليقول متسأئلا فقط ليطيل الحديث معها كي يحصل على رقم هاتفها :
-منزل من هذا إذن ؟
جاءه الرد بطريقة جعلت غريزة الصيد بداخله تستيقظ مع شعوره أنه أمام صيد ثمين يصعب الإمساك به ليمارس أول وأهم أسلحته ابتسامته الواسعة .
اتسعت ابتسامته الخلابة وقال متصنعا البراءة :
-لقد أخبرني أنه يعيش مقابل منزل جده ، لذلك سألت ليس إلا.
كاذب يعرف ذلك ، لكن لا بأس بعض الكذب لن يضر المهم أن يحرز الهدف وتخبره باسمها على الأقل ، لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وترد عليه بنزق واضح بل بنبرة آمرة وهو الذي لم تأمره أنثى سابقا
-  قلت انتظر في منزل الشيخ عثمان أو عد من حيث أتيت لا أصدق أن سفيان يعرف....
لم تكمل جملتها بل زمت شفتيها ليظهر طابع الحسن ويزيدها جمالا وتابعت السير لمنزلها دون الالتفات له، ليعدل نظارته وقال باستمتاع يحدث نفسه غير منتبه للذي كان يراقبه من بعيد:
-قطة شرسة ، لكنها جميلة لامانع من احتمال خربشتها.
لم ينه جملته حتى وجد قبضة حديدية تمسك برقبته وأخرى تنزل على وجهه تفاداها قبل أن تحطم أنفه بأن عاد برأسه للخلف سنتيمترا واحدا للخلف ، لكن المهاجم الذي لم يكن يفوقه في الحجم لكن غضبه جعله بهذه القوة لم يتوقف بل اشتدت قبضته على رقبته ليجبره على الانحناء للأمام قليلا ليضربه في بطنه بركبته وهو يطلق سيلا من الشتائم ؛ بسرعة استطاع هادي السيطرة على نفسه ليثني ذراعه ويضرب الذي يعتدي عليه بمرفقه أسفل بطنه فتقهقر الأخير وعاد خطوة للوراء، ليلتفت له هادي مباعدا بين قدميه وقد كور قبضتي يده في وضعية هجوم لولا صوت سفيان العالي الذي أتى من خلفه يقول وهو يلهث : -توقف يا حارث هذا ضيفي ، توقف يا هادي هذا ابن عمي و نسيبي.
اعتدل هادي فورا و نفض ملابسه بينما ظل حارث متحفزا لدرجة نفرت جميع عروق رقبته وهدر بصوت غاضب:
-ذلك ال+++++ كان يتغزل في أشماس بكل وقاحة يجب أن أقطع لسانه حتى يعرف كيف يغض بصره عن أقارب صديقه.
اتسعت عينا سفيان ونظر لهادي الذي كان مثل اسمه هادئا تماما ليقول الأول :
- أشماس!!!!
أنت كنت تتغزل في أشماس فعلا؟
التقط هادي نظارته الشمسية التي وقعت أثناء الشجار ليضعها على عينه كي يخفي فضوله ليقول بنبرة غير مبالية :
-لم أكن أعرف أنها قريبتك، أعتذر.
-تعتذر !!!!
قال حارث وهو يجز على أسنانه مستعملا أقسى درجات التحكم في النفس كي لا يقوم بتشويه وجهه خصوصا مع تجمهر بعض الشباب من سكان الحي والمارة .
ألقى سفيان نظرة جازرة لهادي الذي أشاح بوجهه ثم اقترب من حارث و قال في اعتذار هامس:
- هذه عندي هادي عاش في الخارج كثيرا ونسى عاداتنا دعنا نمرر الأمر بدلا من أن ينقلب لفضيحة وأعدك بأنه لن يكررها.
يعرف بأن كلامه لن يجد صداه عند حارث، خصوصا وهو بهذه الحالة وقد خشي أن يتفاقم الأمر وتحدث مشكلة لتصبح فضيحة و يتعطل الزواج خصوصا لمعرفته بأن الكثيرين يتربصون بهذا الزواج من جهة ومن جهة أخرى يخشى حدوث مشكلة مع هادي في حيهم قد تتحول لمشكلة قبلية مع أهل هادي .
للعجب تراجع حارث بعد أن سب لهادي و ركب سيارته و انطلق بها محدثا صوتا عاليا لاحتكاك عجلاتها على الأسفلت مما جعل سفيان يتنفس الصعداء ثم طلب من هادي أن يدخل معه منزل جده كي يفهم منه الأمر .
لحسن الحظ الشيخ عثمان لم يكن موجودا بل كان في المصنع بسبب سفر أيوب لذلك ما أن دخل هادي لمجلس الرجال حتى التفت له سفيان وقد تقافز الغضب في عينيه وقال:
- هلا شرحت لي ما حدث ؟
جلس هادي و خلع نظارته الشمسية ملقيا نظرة على الجانب الذي يوجد به الصالون الأرضي ذو اللونين الأسود و الأحمر المميزين والذي يتشارك فيه كل بدو العرب بحجة أنه تراثهم الخاص مع اختلاف بسيط في النقشات التي تميز كل بلد عن آخر، مع بعض الآيات القرآنية المعلقة على الحائط و صورة كبيرة لفنان ليبي مشهور تمثل جزءا من التراث ، حتى السجاد كان يتماشي مع الصورة المعهودة لمجالس الرجال الاعتيادية ، والجانب الآخر الذي يجلس عليه كان لصالون عال على الطراز الأجنبي !!
عرب....
ردد الكلمة في داخله ليشعر بالغضب من نفسه هل عادت له تلك الأفكار التي حارب أهله من أجلها لأنهم يصرون على أنهم ليسوا عربا ولا يجب أن يختلطوا بهم أو يتزوجوا منهم!!!
لا لن يفعل هو هادي عمران ترك كل ذلك بل سلخ نفسه عن عشيرته لرفضه تلك الأفكار واختار أن يكون حرا في الخارج لا يُحاسب على تلك الأفكار التي يرفضها ولا يلتزم بها ولا يُحاسِب أحدا على اعتناقه لها والتمسك بها.
-هادددي
انتفض هادي على صوت سفيان يصيح به لينظر له في تعجب
فتابع بعد أن ضرب بقبضته على جانب الكرسي الواسع الذي يجلس عليه  :
-لا أصدق أنك تتحرش ببناتنا منذ أول دقيقة لك في البلد!!!
رد عليه هادي بهدوء يناقض ثورة سفيان:
-لا داعي لثورتك أنا لم أتحرش بأحد نسيبك هو من كبر الموضوع .
طرأت فكرة في رأسه ليقول بهلع :
-هل الفتاة تكون شقيقتك؟!!!!
ليرد سفيان وقد نفرالعرق البارز في جبهته:
-كان حارث قطع لسانك بيده ؛ هذه عمة حارث وابنة عمتي عقد هادي حاجبيه
وقال باستغراب:
البسبوسة بالعسل الصافي تكون عمة ذلك البغل!!!
لوح سفيان بإبهامه في وجهه قائلا بتحذير: 
-هادي لا مزاح في هذا الأمر أشماس خط أحمر، تلك الحركات يمكنك القيام بها في الخارج لا هنا أفق لنفسك جيدا أو عد من حيث أتيت.
اعتدل هادي في جلسته وقال بجدية :
-هذه أشماس؟!!!
امممم
لمعت عيناه ثم اعتدل واقفا وقال :
-لا تغضب يا صديقي لقد أتيت كي أسلم عليك فقط ولم أقصد أن أثير المشاكل أبدا سوف أذهب الآن كي أزور أهلى.
قطع كلامه على صوت الشيخ عثمان يلقي السلام فرد عليه هادي و سفيان ليدخل الشيخ ويجلس في مكانه المعهود ثم أشار لهادي
قائلا:
-تفضل يا بني الطعام سيصل حالا، ضيف الجعفري لا يخرج دون أن يأكل أبدا.
شعر هادي بالحرج مع ترحاب الشيخ له خصوصا وأنه أصر عليه بالمبيت ورفض حججه كلها، هو لم يعارض كثيرا لعدة أسباب منها إصلاح علاقته بسفيان فهو أصبح أقرب صديق له رغم الاختلافات بينهما ، والسبب الآخر هو رغبة في رؤية أشماس مرة أخرى على الأقل حتى لو لم يتمكن من الحديث معها، هذا ليس طبعه هو تعود أن تتهافت عليه الفتيات أو حتى لو أعجبته واحدة لا تصمد أمام وسامته وابتسامته ليقضي معها بعض الوقت وينتقل لغيرها ليتوقف هنا أمام تلك الفتاة الغريبة في جمالها وشراستها ، حسنا بضع أيام فقط ليستكشف القطة الشرسة وبعدها يذهب ولن يراها أبدا

❈-❈-❈

في الدولة المجاورة
مرت الخطبة بسلام ظاهري رغم أن والدة نادر حاولت افتعال المشاكل أكثر من مرة ؛ بل إنها كادت أن تنهيها عندما فوجئت بإحضار جمعة لمأذون شرعي كي يعقد القران قبل بدء حفل الخطبة
الأمر الذي لم يكن أحد يعلم به حتى فادية ، فتنة لم تعارض بل أن الأمر أسعدها فذلك رباط أقوى بينهما خصوصا وهي تشك في السبب الحقيقي وراء طلب نادر لخطبتها الآن بالذات
أما نادر فلم يكن يعرف ماذا يفعل ، الصدمة شلت تفكيره لذلك نظر لتوأمته يطلب منها النصح فهي التي طلبت منه أن يخطب فتنة الآن بل أصرت عليه بالاستعجال و وقفت ضد والدتها بحجة أنها تريد أن تفرح وقد ملت من المرض والمستشفيات وتريد أن ترى وجوها جديدة، خصوصا أنها أصبحت قريبة من فتنة في الفترة الأخيرة و أحبتها حسب كلامها؛ ليأتيه من نورهان الرد بهزة خفيفة من رأسها تعني وافق لذلك لم يعارض وأتم الأمر رغم أن والده مأمون عارض المؤخر الكبير؛ الشيء الوحيد الذي أصرت عليه صافيناز هانم هو عدم إعلان أمر عقد القران بين الأقارب و الأصدقاء لأنها لم تقم بدعوة أحد منهم لخجلها من مكان حفل الخطبة.
لم يكن نادر مرغما على الخطبة لكنه ليس سعيد بها أيضا ، فتنة أصبحت شخص مهم لديه هذا أمر لا يستطيع إنكاره بل إن الانجذاب بينهما قوي جدا، لكنه لا يفكر أبدا في الزواج الآن خصوصا من فتنة السماك!!
لقد وقع في المصيدة فالرفض الآن بعد أن امتلكت عددا من إيصالات الأمانة ضده أصبح غير متاح ؛ ليرى كيف يسير أمر الخطبة الآن ويفكر بعدها في كيفية الخلاص منها، نادر مأمون لن يتزوج فتنة ابنة الحواري في أي حال من الأحوال .


في نفس الحفل كانت لينا مستمتعة ظاهريا بالحفل مع صديقتها وهي تبحث بعينيها عن آسر الذي قامت بدعوته ، رغم أنها كانت متأكدة من عدم حضوره لكن قلبها الخائن كان يبحث في الحضور عنه، كاذبة تدعي أن ما بينهما مجرد صداقة لاغير، أن جلستهما بالساعات تحت الشجرة يتناقشان في نوع الزهور التي يجب زراعتها في الدار هو من باب مصلحة الأطفال لاغير، أن غيرتها عليه من خطيبته ماهي إلا اهتمام لوقته الذي يضيع في أمور تافهة بدلا من الاهتمام بعمله ، حتى محاولتها للتملص من العمل مع الدكتور سامح الذي نجح في الضغط عليها مستغلا أنه مسئول عنها في هذه السنة الدراسية الحرجة ، لأنها لا تريد الدخول لطب النساء وليس لرغبة آسر في ذلك!
الأمر الوحيد الذي لم تستطع أن تعرفه سبب كرهه لوالدته، تعرف بأنها كانت راقصة شرقية اعتزلت الرقص بسبب زواجها من والده لكن ذلك لا يبرر تلك الكراهية الشديدة لها والتي أحست أنها السبب وراء عدم رغبته في تغيير شكل العلاقة بينهما، أغمضت عينيها كي تزيح تلك الأفكار عن رأسها وأخذت شهيقا لتتسلل رائحته لأنفها لتفتح عينيها باتساعها لتجده يقف أمامها بطلته المهيبة كأكثر الرجال وسامة على وجه الأرض في عينها على الأقل
لم تدر بتلك الابتسامة البلهاء التي ارتسمت على وجهها لتقابلها ابتسامته وهو يقول:
-عفوا يا آنسة هل هذا الكرسي محجوز أم يمكنني الجلوس عليه؟
دون أن تنطق رفعت حقيبتها الصغيرة التي كانت تضعها عليه ليجلس بقربها محتفظا بتلك الابتسامة
ومال يهمس بأذنها :
- تبدين مذهلة بل أنت أجمل من العروس نفسها.
لو أخبرها أحد من قبل أنها قد تخجل من كلمات مغازلة قيلت ألف مرة لضحكت عاليا ؛ وهاهي الآن تشعر بأن خديها أصبحا مثل حبة الطماطم مع شعورها بالدماء المتدفقة لوجهها بل إنها أسبلت عيناها في حركة خجل طالما سخرت منها عندما تراها لدى الفتيات أو في مشهد سينمائي ؛ عدلت شعرها و قالت مغيرة للحديث حتى تخرج من تلك الحالة :
- قدمت على منحة لدراسة الطب في الخارج أعتقد بأني مرشحة جيدة ، خصوصا بعد أن تجاوزت بنجاح الامتحانات المبدئية المطلوبة .
تلاشت ابتسامته ليقول بعد برهة :
-أين هي تلك المنحة في أي دولة.
أخبرته باسم الدولة والجامعة التي قدمت فيها لم يرد عليها بل مد يده يأخذ كوب الشربات من الفتى الذي يوزعه على المعازيم مما جعل الإحباط يتسلل إليها فأخذت كوب شربات هي الأخرى وارتشفت منه مدعية أن الأمر عادي
ليقول بعد برهة :
-احضري لي الأوراق الرسمية لأتأكد من صحة المنحة و أرى إذا كانت تحتاج لتوصية.
نظرت له بحدة ثم وضعت الكوب من يدها واستقامت ترسم ابتسامة على  شفتيها قائلة:
-سوف أذهب لأتفقد فتنة عن إذنك.
ليضع بدوره الكوب من يده و يقول وهو يلحق بها:
-أنا آتٍ معك كي أبارك لها.
لم تمانع ذهابه معها رغم كل شيء هي تحب وجوده قربها، الوحيد الذي يزلزل معتقداتها الراسخة منذ الطفولة
وقفت لينا بجانب فتنة تبتسم للمصور فى الوقت الذي كان فيه آسر يتبادل الحديث مع نادر، أمسكت فتنة بيدها و استقامت من كرسي العروس الذي كانت تجلس عليه لتبدأ بالتمايل على أنغام الموسيقى الشعبية مع صديقتها ليشاركها شقيقيها وجرا نادر الذي استجاب على مضض لينسجم مع محمود وحسن في الرقص الشعبي بطريقة أدهشته هو شخصيا و جعلت والدته تصاب ببوادر أزمة قلبية، أما جمعة السماك فقد أخذ العصا وأشار للدي جي ليشغل أغنية معينة مشهورة في هذه المناسبات وبدأ الرقص بالعصا وسط تصفيق الكل ودموع فتنة التي شعرت بأن والدها يشاركها فرحتها بتلك الطريقة المبهجة لتنسى غضبها و شعورها السابق بالخذلان و تشاركة في رقصه ؛ في الركن وقفت فادية تتلو آيات قرآنية خوفا على زوجها و ابنتها من الحسد وعندما رفعت عينها رأت أيوب يتقدم من محمود يسلم عليه ويعطيه كيس متوسط ويهم بالذهاب فأسرعت باتجاهه توقفه قبل أن يذهب وقالت بنبرة لائمة:
-تأتي وتذهب دون أن تسلم علي يا أيوب؟
هذا هو حق العيش و الملح ؟!
شعر أيوب بالإحراج الشديد ، هو أصلا لم يكن ينوي الحضور ولا دخول حيهم مرة أخرى بعد ما حدث لأشماس بسببهم ، لكن إبراهيم اتصل به وأصر عليه أن يوصل هديته لابنتهم، رغم أنه أخبره بأنه سوف يسافر باليوم التالي فمن الأفضل أن يبعث هديته مع شخص آخر إلا أن إبراهيم أخبره بأنه لا يثق في غيره خصوصا وأن هديته عبارة عن طقم ذهب غالي الثمن ، لذلك اضطر للذهاب بنفسه وقد قرر أن يسلم الهدية لأحد أبناء السماك والذهاب فورا كي يتجنب لقاء فتنة أو والدتها؛ لكنه للأسف لم ينجح في مسعاه فها هي فادية تقف أمامه بل تلومه على عدم تواصله معها!!!
أجلى حلقه وقال :
-أهلا سيدة فادية مبارك عليكم، أنا هنا لأن خالي إبراهيم طلب مني توصيل هدية الخطبة ، مع أني غير متفرغ ولدي موعد طائرة في الغد.
رفعت حاجبيها وقالت في نوع من الصدمة :
-سيدة فادية و خالي إبراهيم!!!!
حك أيوب مقدمة أنفه فقد زل لسانه وقال خالي إبراهيم وليس السيد إبراهيم.
لتتابع فادية:
-لقد مرضت ودخلت للمستشفى رغم ذلك لم تسأل عني ، وأنا كنت أظن أني مثل والدتك ؟
لم يعرف بماذا يرد عليها ونبرتها تقطر حنانا وأمومة افتقدها منذ وفاة والدته، لا ينكر بأنه لايزال يحمل في قلبه حبا لها و لحنانها الفطري تجاهه، لكن منظر أشماس وهي ملقاة على أرض الحمام فاقدة للوعي وللتنفس تقريبا أصبحت حاجزا كبيرا لا يمكن اختراقه بينه وبين بيت السماك كله، يكره كونه أصبح يحمل في قلبه ضغينة لتلك السيدة التي لم تعامله إلا بحنان أم وطيبتها ذلك الوجه البشوش الذي لا تقابله إلا به حتى نظرتها له الآن و اللوم الذي أوجع قلبه يدل على مكانته عندها
استغفر ربه و قال باعتذار حقيقي:
- أنا فعلا مشغول ولم أعد أقضي وقتا طويلا هنا حتى اليوم لدي الكثير من العمل جئت فقط كي أوصل الأمانة .
ظهر الأسى على وجهها وردت عليه:
-كما ترغب ياولدي ألن تسلم على فتنة وتبارك لها على الأقل ؟
أغمض عينيه محاولا التحلي بأصول اللباقة بقدر الإمكان
ورد:
-صديقي ينتظرني في سيارته أول الحي لم يستطع الدخول بسبب الشادر الكبير، مرة أخرى إن شاء الله.
لم تشأ أن تستعطفه أكثر من ذلك فأعطته ابتسامة
وقالت بحنانها المعهود:
- لا بأس اذهب لصديقك لا يجوز أن نتركه ينتظر كثيرا، سهل الله طريقك وأنار دربك، ولتعلم أن منزلي مفتوح لك دائما وأنك لازلت عندي مثل السابق.
زاد شعوره بالحرج لكنه لم يجد ما يرد به على كلامها لذلك هز رأسه وألقى بعض كلمات الوداع العادية ثم سلم عليها والتفت ينظر تجاه المنصة التي تجلس عليها العروس ليجد فتنة ممسكة بشاب تنظر له بوله خمن أنه خطيبها ثم ترك الحفل واتجه حيث تقبع سيارة علاء ليعود معه ويجهز نفسه للسفر فقد تغيرت الخطة وتم تقديم موعد فرح حارث.


❈-❈-❈

في بلد الجعفري
في العاصمة
منذ ذلك اليوم المشئوم وقد خسرت وفاء الكثير بسبب تدخل آل الجعفري ليخسر بعدها زوجها عمله بل إنه لم يجد أي عمل آخر في الحكومة بسبب توصية السيد صالح شرف الدين عليه فانتهى به الأمر يحول سيارته الخاصة ليعمل عليها بالأجرة وتدحدرت أوضاعهم المادية كثيرا؛ لابد أن تنتقم من المتسبب في ذلك وبالطبع شقيقتها هي من ستساعدها في ذلك.
بدأت القهوة في الفوران فأسرعت ترفعها عن النار وحملت صينية القهوة للصالة حيث تجلس هناء مدت له فنجانها ثم ارتشفت قليلا من القهوة وقالت:
-ماذا حدث في فرح ابنتك ؟
لوت هناء فمها وردت بقرف:
-أعتقد سيقام نهاية الشهر في مدينة جدها وأنا لن أحضر أبدا تلك المهزلة .
لمعت عيناها وقالت:
- لماذا؟
أوقفت هناء الفنجان في المنتصف قبل أن ترتشف منه لتتابع وفاء بنبرة مملوءة بالغل:
- الفرح يجب أن يقام هنا حسب عاداتنا لا عاداتهم هم، فهي ابنتك الوحيدة المهم أن تسرعي فيه.
وضعت هناء الفنجان من يدها وقالت :
-لماذا أسرع ثم حتى لو وافقت لن أجد حجز لصالة أفراح بسرعة قلت لك أنهم سيقيمون الفرح آخر الشهر أي بعد أقل من أسبوعين
ردت بسرعه:
-لا تقلقي بشأن الحجز تعرفين زوج حنان ابنة عمتك يملك صالة سوف اتصل بها المهم أن تأتي اليوم در صاف حتى لا تقوم خيرية بفك التصفيح منها
هربت الدماء من وجه هناء مع إطلاق شهقة لتتابع وفاء: -كفي عن تلك الحركات، أنت حاولتِ إنهاء الزيجة بقصك لخيط النيرة، لكن مخك الغبي نسي أن يذكرك بأن الخيط يجب حرقه أو قصه بعد عقد القران وليس قبله ؛ عموما نستطيع الآن تدارك الأمر ، في البداية يجب أن نقيم حفل الزفة هنا حسب تقاليد العاصمة بذلك لن تقوم خيرية بفك التصفيح ونحن أيضا لن نفك ولنرى كيف سيدخل بها ابن الجعفري وقتها!
ابتلعت هناء ريقها الذي أصبح جافا كصحراء قاحلة وقالت بتعلثم:
-ل ل لكن وقتها سوف يشكون في طهارة ابنتي ويمكن أن يقتلوها.
لتقاطعها شقيقتها بسرعة:
-من يجرؤ هو لن يستطيع الدخول بها والطبيب سيؤكد بأنها عذراء إذن هو من لدية مشكلة .
رمشت هناء بعينها وقد بدأت تروق لها الفكرة لكنها قالت في تساؤل :
- وماذا لو عرفوا أنها لازالت مصفحة ؟
خيرية ليست سهلة ويمكنها معرفة الأمر فورا ماذا نكون استفدنا وقتها؟
لترد وفاء بابتسامة بدت لشقيقتها شيطانية :
-خيط النيرة سوف يحل المسألة ويقوم بتطليقها بعد فضيحة تضرب رجولته بل تضرب الجعافرة كلهم.
رغم أن الأمر بدا ثقيلا على نفس هناء لكن حقدها وكرهها الشديد لتلك القبيلة جعلها تقدم ابنتها كقربان للشيطان كي تنفذ انتقامها ، لذلك أخذت هاتفها واتصلت بابنتها تبلغها قرارها بأن يقام الفرح في العاصمة بعد أسبوع وعليها الحضور فورا كي تجهز نفسها له.
أمسكت وفاء فنجانها وارتشفت منه وقد وصلت لقمة سعادتها، أيام قليلة وتحقق انتقامها الذي لن يتوقف عند درصاف وحارث فقط.

❈-❈-❈
في مدينة أشماس

 سيل جارف  الجزء الاول من سلسلة الحب والحربTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon