الفصل السابع و العشرون

1.2K 67 24
                                    

الفصل طويل و نزل قبل معاده كمان يعني لايك اقل حاجه منكم😊

الفصل السابع والعشرون

هل من الطبيعي أن تكره شخصا من المفترض أن حبه يولد بداخلها منذ كان جنينا في أحشائها ؟!
أليس حب الأم فطري؟
لماذا الوضع يختلف معها إذن ؟
المشكلة أن هذا الشعور بالكراهية تجاهها هي فقط، فهي ليست كذلك مع باقي أبنائها ، هل يصل بها الحقد إلى أن تسمح بانتهاك ابنتها بتلك الطريقة القاسية وأمام عينيها مسحت دموعها عندما فُتح الباب و دخل جبريل و سالم تتبعهما كنز وقد كانت عينيها منتفخة من البكاء على شقيقتها الصغيرة ؛ أسرعت ترسم الجدية على وجهها أمام نظرات أبنائها الغاضبة منها وعقدت ذراعيها أسفل صدرها لتقول بجمود:
-خير؟
هل جئتم كي تحاسبونني أم ماذا؟
هذا ما ينقصني ألا يكفي أن جدكم منعني من زيارة ابنتي و قبلها كان قد أعلن خطبتها على ذلك الغريب أمام القبيلة كلها وهو يعلم معارضتي لذلك الأمر ؟
لم تكن تنظر لهم حتى لا ترى نظرات الاتهام في أعينهم ؛ صوتها كان ضعيفا مهتزا رغم علوه لدرجة أنها أنهت حديثها الهجومي واستقامت لتخرج من الغرفة
ليقول سالم الذي نمت لحيته و امتلأت بالشيب بعد وفاة زوجته و ابنته:
- وهل ما فعلته يستحق اللوم أو المعاتبة حتى ؟!!
ماذا يعني أن تسلمي ابنتك لمشعوذ و نذل كي يعذبها ثم يشعل بها النار؟
خرجت جملته الأخيرة حادة كسكين جاهز للذبح لتشعر به يقطع شرايينها دون رحمة.
فردت مدافعة عن نفسها: 
-لم أكن أعرف بأنه سيفعل ذلك.
و أردفت بتلعثم وهي تبحث بعينيها عن لا شيء: 
-ثم ثم أنا كنت أحاول إزالة السحر الذي سحرها به الغريب..
قاطعها سالم بغضب هادر:
-أي سحر ذلك الذي تتحدثين عنه بالله عليك، ألا يوجد لديك تفسير للمشاعر سواه؟
ألم تدَّعي سابقا على المرحومة سهيلة بأنها تسحر لي؟
حتى بعد موتها قلت أن السحر لايزال مستمرا بل أقسمت علي أنك ستظلين غاضبة مني حتى أتزوج من أخرى.
لتقول بعناد وقد وجدت مخرجا لها:
-وأنت لم تسمع كلامي بل عاندت و بقيت في منزلك وحدك أليس هذا دليلا على صحة كلامي؟
أنا لا أريد إلا مصلحتكم وأنتم تأتون الآن لمحاسبتي
ضرب سالم باطن كفه بالآخر وحوقل.
ليقول جبريل بهدوء مخيف:
- ومصلحة أشماس أن تأخذيها من وراء الكل لعياد بعد أن ادعي عليها كذبا وحاول تلويث سمعتها بل و زوجها دون علمنا هو و أبيه ؟
مصلحتها تقضي بأن يتم تقييدها في السقف وضربها بتلك الوحشية التي لا أتحمل فعلها في حيوان بري جامح وليس في ابنتك فلذة كبدك!
مصلحتها الكبري و التي لا يعرفها سواك تتوجب إشعال النار بها و تركها معلقة وأنت تنظرين لها كأنك تنظرين لفيلم هزلي؟
بصوت فقد عناده قالت خيرية: 
-لا تلعب الآن دور الأخ الحنون، منذ متي تحب أشماس أو تهتم بها كي تعاتبني الآن لما فعلته، أنا كنت أبحث عن مصلحتها أما أنت فقد وافقت على خطبتها لذلك الغريب أمام القبيلة كلها، رميت أختك بكل سهولة.
شتم بصوت منخفض وجز على أسنانه قائلا:
-ومتي كنت قاسيا معها ؟
هل حدث و رفعت يدي عليها في يوم من الأيام حتى وهي طفلة ؟
أشماس بالذات الوحيدة التي كنت حريصا ألا أضربها أو أحزنها أبدا ، أعرف بأن طبعي حاد وأنها تخشاني كثيرا ، ذلك بسبب فرق العمر الكبير بيننا لا تنسي أنها أصغر من ابني حارث، ولا أنكر أيضا بأنني مهمل لها كثيرا ، لكنني لم أسمح لأحد أيا كان بالتطاول عليها حتى فتحية زوجتي،
ضرب بكفه جبهته و ثم كور قبضته بشدة وتابع:
-الآن فقط صدقت كلام حارث عندما كان يخبرني بقسوتك عليها، وأنا الذي كنت أظنه يبالغ من شدة حبه لها لا أكثر ، يا إلهي كم كنت مغيبا بل إنني تعمدت غض بصري عما هو واضح أمامي وضوح الشمس و اكتفيت بقوة علاقتها حارث بها وسمحت لها بمرافقته دائما حتى عندما كبرت كي أخرس صوت ضميري، حتى تجرأ الحقير*** عليها بمساعدتك.
علا صوت بكاء كنز التي كانت تنتحب منذ دخولها
وقالت بين دموعها الغزيرة:
-كيف تحملتِ رؤيتها تضرب بهذه القسوة ؟
كيف يا أمي كيف؟
يا إلهي عندما يصاب أحد أبنائي بارتفاع في الحرارة أكاد أجن وأقلب الدنيا حتي أنت كنت تحذرينني دائما من ارتفاع حرارتهم لتقومي بعدها بإشعال النار في ابنتك!!!
فكت يدها وقالت بصوت متحشرج:
-لم أفعلها بل حاولت إنقاذها ، طلبت من عياد أن يتوقف عما يفعله لكنه لم يصغ إلى أقسم بأنني حاولت.
أخذت تفرك يدها و قد بدأت حبات العرق تظهر على جبهتها وتابعت وقد تندت عيناها بالدموع:
-هي أصلا لم تكن تصرخ أو تطلب المساعدة في البداية فقط استنجدت بي ثم بعدها توقفت عن الكلام تماما مجرد تأوه صغير بل حتى هذا كتمته وكانت تغلق فمها عنوة لذلك تأكدت بأنها فعلا مسحورة.
زاد نحيب كنز ودفنت وجهها بكفيها ليمسك سالم شعره بقوة حتى كاد يقتلعه وقال هادرا بها:
-ومنذ متى كانت أشماس تصرخ أو تطلب المساعدة ؟
إذا كان هناك شيطان في القصة هو حتما ليس بداخل أشماس.
اتسعت عيناها وقالت: 
-ماذا تعني؟
نظر لها بحدة ثم أشاح بوجهه للناحية الأخرى ، تعرف أنه غاضب منها منذ وفاة زوجته سهيلة وابنته خصوصا عندما أخبرته أن ما حدث لهما بسبب عدم رضاها عن انتقاله لمدينة أخرى من أجل عمل زوجته المتوفاة والتي اعتبرها هو شماتة في الموت لكنه رغم ذلك لم يتجرأ أبدا عليها مثل الآن.
ليقطع جبريل حبل أفكارها قائلا بصرامة:
-لقد أصدر جدي حكمه عليك الذي سيتم تنفيذه حالا.
رفعت عينيها لتنظر له لتصدم بنظراته المزدرية لها
وهو يتابع:
-لن تري أشماس أبدا ولن يكون لك بها أي علاقة من قريب أو بعيد، لن تبقي في هذا المنزل لأنه لا يريد رؤيتك أمامه بل ستعودين لمنزلنا القديم.
قاطعته بفزع:
-عن أي منزل تتحدث ؟
نظر لها مطولا ثم قال ببطء: 
-المنزل الذي عذبت فيه ابنتك ثم أشعلوا النار فيها أمام عينيك.
زاغت عيناها ليتابع:
-طبعا لن يتم تجديد شيء بالمنزل سيظل كما هو حتى الألواح و العقدة التي علقت فيهم ابنتك كالشاة سيظل كل شيء مكانه لتذكيرك بفعلتك في ابنتك اليتيمة.
أخذ صدرها يعلو ويهبط في جزع و قد شعرت بأن الهواء ينسحب من رئتيها ليأمر جبريل أخويه بالخروج قبله
قبل أن يردف:
-قبل أن أنسى إياك و أن تتواصلي مع عياد أو تقومي بالشهادة معه لقد اقنعنا جدي بعد جهد كبير أن يبقيك بعيدا عن المسألة، في النهاية أنت أمي ولن أرضى بأن تسجني في هذا العمر؛ التفت لها دون أن ينظر لعينيها وقال بأسف حقيقي:
-سامحك الله يا أمي.
سمحت لنفسها بالانهيار بعد خروج أولادها ، هل خرجوا حقا ؟
حتما تعرف بأنهم لن يقاطعونها للأبد بل سيعودون لصلتها خصوصا كنز لكنها بالتأكيد خسرت احترامهم لها ، بل حبهم الذي كانت تراه دائما في عيونهم ، أما أشماس فلن تسامحها أبدا

 سيل جارف  الجزء الاول من سلسلة الحب والحربWhere stories live. Discover now