فصل العيد

1.4K 47 28
                                    

فصل العيد

معيدين وديما عيد معيدين ...معيدين فرحانين.

يا ليلة العيد انستينا.... يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا.
تعالت نغمات الاغنيتين في مسابقة قادتها هالة و سنان بعناد في ظاهر ،محبة ومرح في باطن خصوصا وأن الجميع يغني مع كل أغنية يعلو صوتها أكثر
تابعت نقش الحلويات وقالت بصوت عالٍ محاولة التغلب على صوت الأغاني :
-اخفضوا الصوت قليلا رأسي بدأ يؤلمني منها.
تابعت سنان مسابقة رفع الصوت و أجابتها:
-رأسك من جلوسك أمام الفرن لا أعرف لماذا تصرون على الخبز بينما الجميع يشتري؟
أغلقت مبروكة التسجيل وقالت بقلق:
-اذهبي كي تستريحي جمان وضعك لايسمح بالجلوس كل هذه المدة سنان ستكمل بدلا عنك.
ارتفع حاجبا سنان وردت باستنكار:
-مادخلي كي آخذ مكانها؟
تعرفين لا أحب صنع الحلويات ثم درصاف لم تفعل شيئا سوى شرب العصير واللعب مع يزيد.
حدجتها درصاف بنظرة غاضبة وهمست في أذن ابنها الذي هز رأسه بعلامة لا وقال:
-نانة حلوة لا.
لتشهق المعنية وتقول:
-تريده أن يضربني بالكرة صح؟
رفعت الكوب لفمها دون در وإن ظهرت الاجابة جلية في عينها لتشتاط سنان غيظا وتقول متخصرة:
-زيزو يحبني و لن يسمع كلامك أبدا تعرفين بأني أقرب له من...
أخرستها كرته التي اصطدمت بوجهها لتطلق درصاف ضحكة عالية بينما أسرع يزيد لها وهو يلوح بيده قائلا:
-نان كوة لا، ماما اللعب.
فسرتها سنان بأن والدته طلبت منه اللعب معها بالكرة لذلك انحنت و حملته وهي تخرج لسانها لدرصاف
دخلت أفطيم من الحديقة لتستقبلها أشماس قائلة بهمس:
-كل هذا تأخير !!
ثم أنزلت عينها ليديها وتابعت بحنق:
-لماذا لم تجلبي معك أي شيء يبرر هذا التأخير ؟
ستفضحك عمتي .
مدت درصاف رأسها بينهما وقالت:
-ماذا كنت تفعلين ولماذا شعرك مبلل ؟
التفتت لها أشماس و أفطيم في نفس الوقت بنظرة لم تفهم معناها لتقول الأولى :
-ألم تلاحظي بأن شقيقك ترك الإفطار مبكرا هو لم ينهي طبق الشربة ؟
بدا عليها التفكير لثوانٍ لتجيبهن:
-لا لم ألاحظ كنت مشغولة في تعليم يزيد كيف يأكل بالشوكة وحده، قارب على السنتين ولا يعرف الطريقة هذا ليس جيد أبدا.
توقفت عن الاسترسال عندما ظهرت نظرة الاستهزاء في عينهما لتبلع ريقها فلوت أشماس شفتيها وقالت:
-هذا جزاء من يتزوج قبل رمضان بشهور قليلة، ادخلي لغرفة سنان يوجد بها مجفف شعر كي لا تفضحينا وأنت تعالي معي نتناقش في مسالة تعليم الأكل هذه.
أسرعت أفطيم لغرفة سنان يلفها الخجل تشتم سفيان في سرها.

في الحديقة حيث تقام طقوس تجهيز حلويات العيد أعطت مبروكة منقاش الحلويات لدرصاف وقالت:
-زكي عن صحتك قليلا.
قلبت عينها وجلست على الكرسي لتبدأ في محاولة النقش مثل الباقي لتلعب لها سنان حاجبيها لتغيظها فقالت مبروكة بصوت عالٍ:
-أنت جهزي التمر ليس لدينا وقت لم نجهز ( المقروض) بعد.
زفرت بتذمر و بدأت في تذويب الزبدة على غاز الشاهي لتجهيز التمر.
في الجهة المقابلة لدرصاف كانت هالة تنقش على الكحك بمهارة و ترصه في الصواني أمامها، حاولت درصاف تقليد طريقتها التي بدت لها معقدة جدا، لمحتها تفاحة التي قالت :
-انقشي بطريقة عرضية وليس مثل هالة ، المقروض يختلف عن الكحك لا تفضحينا أمام الأجانب .
رمشت هالة وردت مدعية الصدمة :
-أنا أجانب ؟!!
نفذت درصاف كلامها وقد وجدت الأمر أسهل عليها فاتسعت ابتسامتها خصوصا عندما ركب يزيد الكرسي الذي بجانبها لتعطيه بعض العجين ومنقاش فبدأ في تقليدها بسعادة لتقول مبروكة :
-من شابه أباه فماظلم، حارث دائما يزاحمنا في عمل حلويات العيد.
أنار وجه جمان بسعادة وقالت:
-حقا؟
كنت أظنه يحب مضايقتي فقط في المطبخ.
ردت عليها أشماس:
-لولا وجود هالة لكنا الآن وسطنا ألم تريه قبل الإفطار دائما يحشر نفسه بيننا في المطبخ؟
يا إلهي كم عانت منه فتحية رحمها الله.
تنهدت مبروكة وقالت:
-يوم حلويات العيد كان مختلف تماما في الماضي تعرفن كنا نتجمع إما في منزل عمي عثمان رحمه الله أو خيرية رحمها الله قبل العيد بأسبوع كل يوم نعد يوم والأطفال يحملون الصواني للفرن ثم نقسم علينا و نخبز للنسائب والجيران
قاطعتها سنان:
-ونحن نغسل المواعين ولا كأنها تخص فرح طبعا لأنه رمضان ممنوع وجود مساعدات معنا يجب أن نأخذ الأجر كاملا .
ساندتها أفطيم التي خرجت بعد تجفيف شعرها:
-لاتذكريني يا إلهي أهلي لم يسمعوا بغسالة الأطباق أبدا ، هذا غير أبي الذي كان يرفض بأن تفعل أمي أي شيء سوى تحضير الشربة ونحن الباقي لأنها تتعب!
نظرت هالة لأشماس التي كانت تقص لصق الحنة وقالت:
-وأنت لماذا لا تشتكين مثلهن.
رفعت رأسها لها لتجيب درصاف:
-هذه مدللة العائلة ياحبيبتي، لاتغسل الصحون لأنها مصابة باكزيما هذا إذا حضرت رمضان معنا دائما مع زوجة خالي رحمها الله وطبعا لاتجيد الطبخ أما عمتي أو سهيلة المسؤلتان عن الطبخ.
مطت شفيتها وقالت:
-من يسمعك يظن بأنك قضيت كل الأعياد و رمضان معنا.
لتقول سنان:
-في هذا معها حق أنت مدللة، رمضان مقرر علينا أن نقضيه كلنا في منزل جدتي والطبخ مسؤلية أمي و سهيلة بعد عودتها من الخارج وطبعا جدتي أنت تأكلين فقط مثل الشباب.
لتتدخل جمان على الخط :
-والآن أيوب يدللها لقد رأيته بعيني يطبخ وينظف معها.
وضعت ما بيدها وفتحت كفيهاعلى اتساعهما قائلة:
-قل هو الله أحد
كل ماحدث لي ولازلتن تحسدنني؟
ثم تعالي أنت وهي ألا يساعدك سفيان في كل شيء ؟
وأنت يا ست جمان تستكثرين علي أيوب ولديك حارث الذي يمنعك من الوقوف لمدة طويلة ؟
ثم التفتت لدرصاف وقالت بحاجب مرفوع:
-حضرة المحامية ماذا كنت تفعلين في منزلنا وقت العيد ذكريني؟
أصلا حتى في منزلكم لاتجهزون حلويات ولاغيره أم نسيت؟
أما أنت ياسنان.
نطت سنان وقبلتها بقوة على خدها محدثة صوت وقالت:
-سنان مفترية وشريرة المهم أن ترضي عني عمتي الجميلة .
نظرت لها بشك لتهمس لها الأولى :
-الساعة هل أحضرتها أريد أن أضعها في صندوق رؤوف.
قرصت الدموع عينها وحاولت الابتسام بصعوبة وهي تومئ لها برأسها دون الرد، الوضع كله مؤلم لها جدا رغم ادعائها أجواء التحضير للعيد ليست سعيدة كما يحاول الجميع التظاهر
أي سعادة ونصف أحبتهم تحت التراب؟
أكثرهم تأثرا كانت مبروكة وقد ظهر ذلك عليها عندما قالت هالة :
-حقا كانت زوجك يخاف عليك ويدلك أم أفطيم تدعي فقط؟
لم تستطع حبس دموعها أكثر لتنزل كسيل غمر وجهها وتعالت شهقاتها فضمتها تفاحة محاولة التخفيف عنها بينما شاركتها باقي الفتيات البكاء بدءا من درصاف التي تذكرت والدتها وماحدث حتى جمان و أفطيم وطبعا سنان كانت الأعلى صوتا ليجري عليها يزيد ويحضنها ويحاول تقبيلها علها تتوقف عن البكاء
بصعوبة تمالكت تفاحة نفسها ولجمت احزانها بقوة قائلة :
-توقفن حالا عن البكاء، لا أريد سماع صوت عويل هيا، سنان اخرجي الصواني للشباب وأنت هالة اشعلي الأغاني قلت لا بكاء و إلا قمت بضربكن بالشبشب .
مسحت أشماس دموعها وجذبت سنان تغسل وجهها في الوقت الذي أخذت أفطيم صينية و أخرجتها للشباب لتجد علي فقالت له:
-تعال لتساعدني في حمل الباقي.
قلب مقلتيه و أجابها :
-متى تكفي عن معاملتي كطفل ؟
أصبحت رجلا كم شهر و أتخرج لأصبح كابتن سفينة لعلمك.
دفعه عبدالخالق من الخلف وقال:
-اذهب ياولد تريد لأختك أن تخرج أمام الرجال؟
نظر لها من فوق كتفه قارنا حاجبيه و رد:
-أنتم رجال وأنا ولد صح؟
من الباب الفاصل أشارت له سنان التي بدأت تعود لطبيعتها وقالت بصوت عال :
-تعال ياولد هناك صواني كثير تحتاج الحمل.
ضرب الأرض بقدمه و جز على أسنانه واقترب منها بسرعة لتعود للخلف متحامية في مبروكة فقام بتمرير أصابعه على حنكه ثم ضمها معا في علامة تدل على الوعيد لتلعب هي حاجبيها له في حركة لم تفت تفاحة التي انتظرت حتى بدأوا في وضع الصواني في سيارة حارث لتقترب من مبروكة وتقول بهمس:
-ألا تلاحظين مناكفة ابنك لسنان؟
مسحت يديها في منشفة صغيرة و أجابتها:
-هما كمن ولدا فوق رؤوس بعض دائما يتناكفان بل قد يصل الأمر للضرب عندما كان علي أصغر سنا وهي كذلك وفي النهاية يعودان للعب معا.
لمعت عينا تفاحة و اقتربت أكثر كأن ماستقوله في منتهى السرية :
-لماذا لا نقرب البعيد ونزيح الستار عن الطفولة المتأخرة ؟
رفعت له رأسها و ردت ببطء حذر:
-ماذا تعنين بالضبط؟
مالت عليها وقالت بحماس شديد:
-تعالي أخبرك .


❈-❈-❈
في الدولة الأجنبية

وضعت طبق الكعك أمامه وهي تشعر بالفخر فابتسم لها وأخذ قطعة منه ووضعها في فمه وحاول مضغها ليجد أنها صلبة لدرجة أن أسنانه أحدثت صوتا عند مضغ بالكعك مِن ما جعلها تعبس وتعود لتفقد المكونات مرة أخرى وهي تقول :
-ماذا حدث لقد اتبعت الوصفة بحذافيرها؟
رمى الكعك من فمه ومسحه ثم أجابها:
-لا تهتمي يكفيك شرف المحاولة ، أصلا أنا لا أحب هذا الكعك بل أفضل الآخر الذي بداخله حلقوم أكثر .
حدجته بنظرة غاضبة وقالت:
-هادي يحبه لذلك صنعته ثم أنت أيضا تحبه رأيتك كيف تأكل منه سابقا لا تحاول مجاملتي.
رمت ماحضرته وبدأت في تجهيز عجينة جديدة بطريقة أخرى وجدتها على صفحة تختص بأكلات بلاده؛ حديثها و تجاهلها له ذكره بسليمة
في الحقيقة منذ فراقه عنها ومحاولته أن يعود لها التي قد تبدو ناجحة في الظاهر إلا أنه لاحظ تغير كبير في معاملتها له أو ربما قل حبها و اهتمامها به؟
بات يتذكر لقطات من حياته السابقة مع ابنة عمه سليمة
نعم هي بالنسبة له ابنة عمه وليست زوجة، ابنة عمه التي تعشقه حد الذوبان وقد يكون عشقها له هو السبب الأهم في عدم تطليقها رغم معاندتها الدائمة و تحديها له لكنها تعود وتخضع تحت وطأة الشوق
على العكس منها جيهان لم تخفي يوما حبها الكبير له قبل و بعد الزواج ولم تحاول معاندته أو تخطي طلب له أبدا حتى كُشِف المستور و انقلب الوضع ليصبح هو من يرجو رضاها لا العكس ربما هو ذنب سليمة !
رنين جرس الباب أخرجه من أفكاره المتزاحمة لينقذه منها ويذهب لفتحه تاركا جيهان في عملها وجد هادي و فتنة سلم عليهما لتدخل فتنة تبحث عن عمتها في المطبخ بينما جلس هادي معه في الصالة يتبادل الأحاديث عن الوضع الجاري في الوطن
في المطبخ وجدت فتنة عمتها منهمكة في صنع تلك العجينة بتركيز عجيب لتقول بعد أن جلست على كرسي أمام الطاولة الصغيرة الموجودة به:
-لماذا تتعبين نفسك شقيقة هادي أرسلت لنا الكثير من الحلويات وحسن أيضا لا أعرف من سيأكل كل هذا.
استمرت في العجن و أجابتها:
-إياك وقول ذلك لإبراهيم سمعته يتحدث مع ابنة شقيقته ويتغزل في كعك زوجته السابقة، يجب أن أتقنه وإلا سأموت غيظا، لم أستطع إجادة أي شيء يخص بلاده حتى بات يكذب ويدعي بأنه لايحب تلك الأطباق .
شقت ابتسامة شقية شفتي فتنة و قالت:
-تغارين عليه من امرأة ميتة؟
نفضت يدها وزفرت بحرقة رادة :
-بل أشعر بفشلي دائما أمامها ، مهما فعلت كي أرضيه لا أصل لمستواها أبدا أشعر دائما بأنه يقارن بيننا في عقله وطبعا هي الرابحة رغم حبه لي.
لتقول مؤكده:
-اها قلتها بنفسك هو يحبك هذا كفيل بجعلك لا تهتمين بأي شيء آخر .
سحبت الكرسي لتجلس بقربها تريح وجهها لقبضتها وردت بحزن:
-لم أعد واثقة بحبه لي، ليس بعد كل ماحدث منه و ما اكتشفته بفضلك صدقيني عودتي له لأني لا أستطيع العيش بدونه وليس العكس.
اعتراها شعور بالذنب فلم تكن تعرف بأن مواجهتها السابقة مع إبراهيم تركت بها هذا الأثر
فكرت سريعا وقالت في محاولة لسحب عمتها من حالة الحزن :
-لقد اشترينا ملابس العيد للأطفال تريدين رؤيتها؟
تهللت أسارير جيهان واستقامت بحماس رادة :
-أنا أيضا اشتريت ملابس جميلة جدا تعالي كي أريك إياها.
سحبتها لغرفتها لتريها الملابس التي كانت جميعها تخص البنات فقط حتى إكسسوارات الشعر و الأحذية ذات الألوان الزاهية؛ نقلت فتنة عينها بين الملابس وقد جذب انتباها أحد الفساتين باللون الأبيض منفوش به ربطة من الستان على شكل وردة في في منطقة الصدر بينما باقي القماش مخرم بأشكال وريقات صغيرة يأتي معه قبعة من نفس القماش وحذاء أبيض لامع لترفعه وتقول بفرحة:
-تعرفين بأني كنت أملك فستان يشبهه تماما ؟
ردت وهي تريها باقي الملابس:
-حقا؟
لا أتذكره عموما أخذت لها أكثر من لون وقد نصحتني الفتاة في المحل أن يكون المقاس كبير لأن الأطفال تكبر بسرعة .
مررت عينها على الملابس وقالت:
-هذه كلها ملابس فتاة ماذا لو أتى صبي؟
لوحت بيدها وأجابتها:
-نشتري لها وقتها، بصراحة ملابس الفتيات أجمل بكثير لم أستطع المقاومة .
حضتها بامتنان حقيقي فهي تقوم دور الأم في حياتها مؤخرا مِن ما جعلها اهدأ نفسيا خصوصا بعد أن انقطعت والدتها عن الاتصال بها أو حتى الرد على اتصالاتها
دق إبراهيم على باب الغرفة لتلتفت له الأعين لتقول جيهان :
-تأخرنا كثيرا صح؟
ابتسم لها لتأخذ فتنه بعضا من الملابس و تخرج من الغرفة لتريها لهادي بينما سحب إبراهيم جيهان وطبع قبلة خفيفة على شفتيها قائلا:
-تعالي لنحضر قهوة معا هادى جلب معه حلويات.

في الصالة تأمل هادى الملابس بابتسامة دون إبدا رأيه و إن أفصحت عينه عن سعادة فرفع عينه له وقال:
-ستكون فتاة جميلة مثل أمها.
لازلت تشعر بالخجل من كلماته المغازلة حتى لو كانت بسيطة ؛ انتشرت الحمرة في وجهها ليسحبها ويجلسها في حجره وسط اعتراضها لكنه أحكم يديه على خصرها وقال:
-أريد عيديتي الآن .
وضعت يدها على صدره محاولة إبعادة وردت بهمس:
-هادي نحن في منزل عمتي ماذا حدث لك؟
لم يهتم لاعتراضها ومرر أنفه على رقبتها يشتم عبيرها وهو يقول:
-لم أعد أقدر على التحمل أكثر من ذلك ثلاثين يوما وأنا صائم عنك.
وضعت يدها على فمه وقالت:
-اششش يا ظالم ثلاثين يوم ،نسيت الأسبوع الماضي؟
أبعد رأسه عنها و أجاب بحنق:
-عندما ادعيت التعب ومنعتني من المتابعة !!!
حركت مقلتيها لليمين واليسار و قالت بهمس:
-لازال الحمل في أوله والطبيبة حذرتنا من..
قاطعها بعناد :
-لم تحذرنا من شيء أنت من تتوهمين ذلك اليوم فتنة لن أتنازل عن حقي.
ردت وهي تحاول إبعاده من جديد:
-لازال ثلاثة أيام حتى العيد بعدها نقرر

-فتنة
تريدين عصير أم قهوة مثل الباقي؟
قفزت من مكانها عند سماع صوت عمتها وقد تخضب وجهها بالحمرة أكثر من الأول ليجيب هادي:
-قهوة طبعا فهي لا تريد النوم مبكرا اليوم.
ألقت فتنة عليه نظرة جازرة ، في نفس الوقت الذي كتمت فيه جيهان ضحتها و عادت لداخل المطبخ لتصب لها فنجان قهوة ثم خرجت وهي تحمل صينية عليها فناجين القهوة وقدمتها لهم مع الحلويات التي جلبها هادي معه ليقول الأخير :
-أين عمي إبراهيم ؟

في غرفة المكتب رد إبراهيم على حارث :
-وصلت اليوم سلمت يديك لم أكن متأكدا بأنك ستجلب لهادي أيضا أشكر أيوب بالنيابة عني .
ألقى حارث نظرة لأيوب الذي وضع صواني الحلويات في السيارة كي يأخذوها للفرن كما أصرت عمته مبروكة و أجابه:
-أيوب لا يعرف بأنه لهادي وإلا قطعه قبل أن يصل له، تعرف بأنه لايزال يأخذ منه موقف.
هز إبراهيم رأسه بيأس و قال:
-لايتذكر له سوى موقف واحد لا معنى له ونسي أنه ساعده أكثر من مرة .
رد بغيض:
اصلا لولا مساعدته لما جلبته له انا ايضا، لاتنتظر مني تقبله ابدا.
لم يرقه ماسمعه لكنه لم يشأ مجادلته فقال بعيدا عن الأمر قليلا:
-أحضرت واحدا ليزيد أيضا ؟
رمي سيجاره  ورد:
-طبعا يزيد و ابن أشماس لاتقلق ياخال.
-حارث هيا بنا كي نلحق الفرن
صدح صوت عبدالخالق ليضحك إبراهيم ويقول:
-لازلت مبروكة تخبز كعك العيد في فرن الحي بدل المنزل.
أجابه بمرح وهو يتجه لسيارته:
-لو رأيت المنزل وكيف انقلب حاله لأقسمت بأننا في الوطن؛ يجب أن تحضر معنا العيد القادم صدقني الأجواء ستعجبك كثيرا.
أغلق بعد إرسال السلام كي لا يؤخره أكثر و طافت في ذاكرته سليمة من جديد، هي أيضا كانت تصر على خبز حلويات العيد في فرن الحي أيا كانت الدولة التي يقيمون بها بل إنها كثيرا ماتصر أن يكون صاحب الفرن عربي!
رائحة المنزل في آخر أيام رمضان تكون مثل رائحة منزل والده في الوطن مشبعة بالحنين الذي قضى عمره يهرب منه
هل اشتاق لها؟
لايعرف هو لم يشتاق لها كزوج أو حبيب لكنها اشتاق لها كرفيق أو ربما كابنة عمه كما قرر أن تكون دائما.
تنهد وأخذ الكيس ثم ذهب للصالة حيث يجلسون ليعطيه لهادي قائلا:
-كل عام وأنت بخير أرجو أن يكون المقاس مضبوطا ؟
فتح هادي الكيس وقد خمن مابه ليفرد ( الزبون العربي) أمامه بسعادة بالغة متأملا نقوشه فقالت فتنة بانبهار:
-كم هو جميل رأيت صور له كثيرة البسه هادي هيا لونه يليق بك جدا.
كان لونها عنابي غامق و النقوش تتراوح بين البني الفاتح والذهبي المطفي و قد لاقت فعلا على هادي الذي ارتدى الصدرية مايطلق عليها ( فرملة) لتظهر لون عينه أكثر فزمت فتنة شفتيها في اعتراض لأنه بدا أوسم من السابق، كادت أن تعترض لتحجم بعدها وتقول في ضيق:
-مبارك المهم أين ستلبسها لاتقول يوم العيد؟
خلعها هادي و رد:
-طبعا في العيد على الأقل وقت الصلاة نسيت أن أخبركم هناك احتفال بعد صلاة العيد تقيمه الجالية مارأيكم نذهب له؟
تبادلت جيهان و ابنة شقيقها النظرات وقد فهم إبراهيم بأنهما تحبذان ذلك ليجيبه:
-أنا وأنت نذهب و نسلم على أصدقائنا ثم نلتقي هنا جيهان تعد أفضل فاصوليا يمكنك تذوقها.
ابتسمت له في حنان شاكرة أنه جنبها لقاء لم تعد تتحمله فعند كل لقاء مع الجالية تتكرر نفس الاسئلة:
-لماذا ليس لديكم أولاد ؟
لماذا لاتقيمون في بلدك مع أهله ؟
و الأسوأ تلك التي توجه لفتنة
كيف تزوجك ابن الجبل؟
هل وافق أهله ؟
أنت زوجته الوحيدة أم هناك أخرى في الوطن؟
وغيرها من التلميحات المسئية لها، هذا ولم يعلموا بأن هادي يعتبر الزوج الثالث لها!
لن تنكر بأن الكثيرات يرحبن بها لكنها باتت تتجنب أي كلمة تضايقها لأن أثرها أصبح أضعاف مضاعفة الماضي أو ربما لأنها لم تعد تثق في حب إبراهيم لها وتخشى على سعادة فتنة .
تدخلت فتنة قائلة :
-هادي لا يأكل الفاصوليا يوم العيد بل المهروسة .
ضحك هادي و إبراهيم ليقول الأول :
-المرفوسة ( أغروم يمضرز )، قلت لك ألف مرة لا داعي لتقليد كلامي كما أني فعلا لا أهتم بالعادات
ردت بعناد :
-أنا أهتم بل إني حفظت طريقتها تافريت اخبرتني بها يوم العيد سوف تأكل منها شئت أم أبيت.
ارتفع حاجبيه لتقول جيهان:
-هرمونات الحمل قوت قلبك كثيرا ، دعك من فتحة الصدر واخبريني عن طريقة تلك الأكلة .
رمشت بعينها وحاولت التذكر لتقول بعدها بصوت منخفض:
-تشبه الرقاق لدينا طبقات من الخبز وعليها سكر ناعم و..
نظرات هادي المستمتعة والمركزة عليها جعلتها تصمت ويحمر وجهها خجلا خصوصا و أن إبراهيم كان يكتم ضحكاته بطريقة واضحة لتستقيم جيهان من كرسيها وتسحب فتنة قائلة :
-تعالي معي نبحث عن الطريقة في الداخل ودعيهم يضحكون معا.
ثم التفتت لهم وقالت:
-فتنة ستبيت معي وأنتم ابحثوا عن مكان آخر هيا لدينا تجهيزات كثيرة
-ماذا؟؟؟
قالها هادي باستنكار وهم بالوقوف ليشير له إبراهيم فعاد يجلس وقال:
-لا تهتم هي فقط تشعر بحمائية زيادة ناحيتها بسبب ماحدث لها سابقا، دعهما الآن قليلا ستجد فتنة نفسها خارجة كي تذهب معك.
أومأ له وأعاد الملابس في الكيس ثم قال:
-لم يكن هناك داعي لتتعب نفسك لقد أرسلوا لي واحد من الوطن لكن هذا أجمل بكثير.
رفع إبراهيم حاجبه ورد:
-أرسلوا لك ولم يحسبوني؟
حك هادي جانب رأسه ليضحك الأول ويقول:
-امزح معك، الشباب من فعلوا ذلك بصراحة لم أكن أعتقد بأنهم سوف يتذكروني أصلا وعندما طلبوا مقاساتي طلبت واحدا لك، أنت من العائلة الآن هادي لا داعي للتكليف بيننا.
رد ببطء :
-سفيان احضره؟
فهم مايقصد ليقول:
- ذهبوا معا للمدينة الساحليه تعرف هناك يوجد شارع كامل خاص بلباسنا وهناك صمموا واشتروا بالطبع سفيان اختار اللون الملائم أما النقش أعتقد كلنا نفس النقشة .
ابتسم في مجاملة وغير الموضوع كي لايحرجه أكثر

❈-❈-❈
في بلد أيوب
أمام مخبز الحي وقف حارث يدخن يراقب أيوب و عبدالخالق من خلف الباب الزجاجي وقد لاحظ غضب الأخير الذي خرج تاركا أيوب يتفاهم مع صاحب المخبز واقترب منه قائلا بغضبه المعهود:
-لا أعرف لماذا تصر أمي على هذه العادة السخيفة من ما يشكو فرن المنزل؟
نفخ في سيجارته دون رد ليضرب عبدالخالق حجر صغير بقدمه وتابع:
-ضيعنا يومين في شراء ملابس العيد لأنك أصررت على اختيار الألوان بنفسك رغم وجود من يحضرها لحد الباب و هذا يوم آخر أمام الفرن كم يوم آخر سيضيع هباء.
لاحت ابتسامة شقية على شفتي حارث و قال:
-يومين أو ثلاثة لست متأكدا تعرف عمتي لابد أن تغير شكل صالون الاستقبال وقد وعدها سفيان بتجهيز واحد قبل العيد.
اتسعت عيناه في صدمة و أجابه :
-ماذا؟!!!
لايمكن هذا يعني عمل لحد يوم العيد متى سا.....
قطع كلامه لدقيقه ثم كتف ذراعيه ونظر لنقطة بعيدة عن وجه حارث قائلا:
-أريد لقاء أصدقائي كما لدي بعض الأمور تحتاج إنهاء لايمكن انجازها طول شهر رمضان.
أطفأ سيجارته و أجابه غامزا:
-يمكنك المرور على الصيدلية في أي وقت النظر لايفطر لعلمك.
عقد حاجبيه ورد بحدة :
-أي صيدلية تقصد؟
أتكلم عن أصدقائي تقول نهى؟
لم يستطع حارث كتم ضحكته أكثر لتخرج عالية فزادت من غضب عبدالخالق الذي تخصر و بدا ينفت كالثور الهائج؛ خرج أيوب من المخبز عند سماعه لضحكه فقد خمن بأن حارث ضايق عبدالخالق الذي كان أصلا لايطيق نفسه دون سبب
وضع يده على كتف حارث الغارق في الضحك وقال:
-اضحكنا معك فصوتك وصل للحدود الغربية.
فك عبدالخالق ذراعيه وقال:
-هذا جزاء من يقف معه كان عليِ البقاء مع سفيان.
ثم أعطاهم ظهره قاصدا الذهاب لينادي عليه حارث من بين ضحكاته قائلا:
-لاتنسى المرور على الصيدلية أحتاج لدواء تخفيف الشوق أقصد الحموضة .
حدجه بنظرة غاضبة ورد:
-بل تحتاج لخافي كدمات بعد أن أنتهي منك ياظريف.
جره أيوب ليدخل المخبز معه كي يسرع صاحبه وينهي طلبيتهم أولا ، فقد وجدوا بأنهم ليسوا الوحيدون الذين أصرت أمهاتهم على الخبز خارج المنزل بل هناك أكثر من عائلة فعلت مثلهم وللغرابة كانت من جنسيات مختلفة .


في فيلا العائلة
تأملت سنان الساعة وقالت بفرح:
-هي نفسها لا أصدق بأنك وجدتها كنت أظن بأنهم توقفوا عن صنع هذا الموديل.
دارت عليها أشماس وهي تضع اللصق على ذراع جمان:
-هذه الموديلات دائما موجودة لأنها غالية هذا ما أخبرني البائع به أيوب، لكن تعالي هنا شكلها بدا مألوفا لدى حارث لديه مثلها؟
هزت رأسها في نفي و أجابتها:
-كنت اشتريت واحدة تشبهها تماما عندما ذهبنا سابقا في ولادة سهيلة تذكرين؟
عقدت حاجبيها تحاول التذكر لتقول بعدها:
-اذكر الزيارة لكن شرائك للساعة لا.
ثم ضيقت عينها وتابعت:
-لحظة كنت تحبين رؤوف من وقتها؟
حركت سنان عينها لليمين و اليسار مع احمرار طفيف في خديها
لتتابع الأولى :
-لا أصدق كاذبة وقتها كنت طفلة ثم ماشعرت به عندما خطبك بأنك رافضة .
زمت شفيتها ونظرت للأعلى رادة :
-لم أكن رافضة الأمر وما فيه أني كنت خائفة مرتبكة أو بالأحرى غير متأكدة .
لتقول أفطيم التي كانت تختار من بين الرسومات:
-من ماذا خفت كلنا كنا نعلم بحب رؤوف لك؟
التفتت لها أشماس بحدة وقالت:
-من كلكم ؟
أنا لم أكن أعلم رغم أن هذه العلقة كانت ملتصقة بي دائما.
لتجيبها درصاف :
-إذا كنت أنا عرفت بذلك قبل أن يخطبها بمدة .
وقفت أشماس في منتصف الغرفة ومررت مقلتيها بينهن غير مصدقة لتتابع أفطيم:
-أنت كنت معمية بتوتي لذلك لم تلاحظي عموما حتى أمي كانت تعلم بل إني أكاد أجزم بأنها كانت تتعمد تقريبهما من بعضهما.
هنا ازداد اشتعال وجه سنان وقالت بحرج:
-لا تكبري الموضوع أفطيم كل الأمر كان إعجاب فقط وأنا كنت صغيرة وقتها كما أني عدلت عن إعطائه الهدية بعد كلام عمتي سليمة .
-ماذا قالت لك سليمة جعلك تبتعدين عنه؟
التفتت الأعين لمبروكة التي دخلت عليهن بعد أن ودعت تفاحة لتقول أفطيم:
-هل ذهبت خالتي تفاحة ؟
ماذا عن حصتها في الحلويات؟
سحبت كرسي لتجلس عليه وجعلته مقابلا لهن جميعا و أجابتها:
-نعم ذهبت، سوف أرسل لها حصتها بعد أن أعسل المقروض و أضع السكر على الكعك.
استقامت درصاف وقالت:
-أنا ذاهبة للنوم أشعر بالتعب أيقظوني عند السحور.
حاولت أخذ يزيد معها لكنه رفض لتتركه معهن، لم توقفها مبروكة تعرف بأن وجودها مع جمان في مكان واحد ليس مريح لها خصوصا وأن أشماس ستقوم بوضع الحنة لها بينما ترفض هي وضع أي منها متحججة بموت أمها .
انتظرت حتى ذهبت لتقول :
-والآن ما هي قصة سليمة و رفضك لرؤوف؟
رفعت سنان كتفها و أنزلته وهي تحاول شرح تلك المحادثة لها ثم فردت كفيها وقالت:
-لا أعرف كيف أعيد كلامها بالضبط لكني أتذكر بأنها حذرتنا أنا وعمتي أقصد بأن نقع في الحب من طرف واحد خصوصا لو كان قريب لنا فهو قد يضطر للزواج بي من أجل الواجب فقط وأنا من ستعاني طوال العمر.
أغمضت أشماس عينها بقوة محاولة التذكر وقالت:
-قالت ذلك لي حقا؟
لا أذكر شيئا إلا أني من تلك الزيارة إلا حضوري لمباراة توتي و رفض حارث أن أسلم عليهم
تخصرت وبدا عليها الغضب وهي تقول:
-كيف تركته يمنعني من رؤية توتي ؟
يا الله أقسم أن أجعله يدفع الثمن ذلك المتخلف البغيض.
نكزتها جمان فالتفتت لها بحدة لتشير الأولى ليزيد فأشاحت بوجهها لتقول مبروكة :
-وأنت هل كنت تريدينه أم لا؟
هل تم جبرك عليه؟
زمت سنان شفيتها ولم تستطع الرد لبرهة لتقول بهمس بعد أن وجدت بعض الجرأة :
-ماذا عنه هو؟
لماذا اختارني أنا بالذات؟
أعرف جيدا بأنك تحبينه فهل طلبه ليدي كي يرضيك فقط ويكون جزء من القبيلة أم ...
لم يطاوعها لسانها لتكمل السؤال خصوصا مع تلك الدموع التي تجمعت في مقلتيها تحارب للنزول لتقول أشماس :
-صحيح أني غير مقربة منه واعتبره بغيض نوعا ما لكن الحق أعتقد بانه يحبك، أعني سنان لنكن واقعيين جميع بنات القبيلة أمام وهو اختارك أنت بالذات.
لتقول أفطيم :
-أولا رؤوف ليس بغيض أنت فقط تغارين منه لأن عمتي سليمة تحبه
ثانيا والأهم تأكدي بأنه يحبك وكما قالت تلك الغيور هو اختارك أنت بالذات.
شهقت أشماس وردت:
-أنا أغار منه؟
على ماذا ذلك القصير ذو الشعرتين الصفر؟
ثم عمتي سليمة لا تحب أحد أكثر مني هذا واقع.
نظرت لها مبروكة وقالت:
-حني باطن قدم يزيد قبل أن ينام أولا ثم جمان أنا من سيتولي سنان
أما بالنسبة لقصة رؤوف فهو حتما ليس بغيض ولن أجادل في حب سليمة لك وله الآن .
أرادت المجادلة لتعدل بعدها كي لاتزيد حزن عمتها، رؤوف ابن ثالث لها هي أكثر من تعرف معزته عندها وهذه الأيام بالذات تمر عليها بصعوبة لذلك مالت تحمل يزيد وبدأت في وضع الحنة على باطن قدمه ليبدأ هو في الضحك بسبب برودتها بينما أخذت مبروكة اللصقة و أشارت لسنان كي تقترب منها، فعلت الأخيرة فقامت بوضع لصقة رقيقة على يديها وقالت:
-صحيح سليمة هي الأقوى وربما لو كانت هي معكن بدلا مني لكانت تصرفت بطريقة أفضل بكثير لكن الجرح الذي حفر بداخلها جعلها أحيانا لا ترى إلا الجهة المظلمة من الأمر .
رفعت سنان عينها لها وقد بدأت متعطشة لسماع تفسير ينهي حيرتها، فلبست قفاز مطاطي وضعت بعض الحنة على يدها قائلة :
-منذ شب رؤوف وقد لاحظت اهتمامه بك بشكل خاص، وقد تأكدت بعد أن أصر على دخوله الكلية العسكرية بعد الثانوية العامة ولم ينتظر مثل الباقي ليأخذ شهادة جامعية قبلها .
حكت أفطيم أنفها وقالت:
-ما دخل ذلك في رغبته بالزواج من سنان؟
هي أصلا كانت صغيرة و جبريل رحمه الله لم يوافق إلا بعد ضغط جدي عليه.
لتقاطعها أشماس:
-غير صحيح أخي رحب جدا فتحية هي من اعترضت.
التفتت لها أفطيم و مبروكة في تساؤل لتتابع:
-ماذا هناك أخي كان يحب رؤوف أكثر من سفيان أعتقد الجميع يعرف ذلك، أما فتحية فكانت خائفة من هناء أذكر جيدا أنه حدث بينهما مشادة كبيرة لتحسمها أمي بقولها ابن أخي سيأخذ حفيدتي لو لم يعجبك الأمر الباب يخرج قطيع جمال.
شهقت جمان بصدمة وقالت:
-قالتها في وجهها هكذا.
هزت البنات الثلاثة رؤوسهن بعلامة نعم لتقول مبروكة :
-أنت محظوظة لو كنت عاشرتها وعرفت كذبتك لماقامت لك قائمة.
شحب وجهها لتتدخل سنان وقد بدا صبرها في النفاذ :
-اكملي أمي ماذا أيضا ؟
ابتسمت لها بحنان وقد بدأت تعود لحالتها بعد اقتراح تفاحة الذي فور دمها فقالت:
-في البداية عارض عمك سعد دخوله قبل شهادة جامعية ليصر رؤوف كما أنه قرر أخذ قطعة أرض بجانب منزلي لمعرفته بمعزتك عندي.
لمعت عينا سنان لتقول أشماس بعد أن أنهت ماتفعله ليزيد:
-اذكر أنه فعلا حدث جدي عنها كانت تخص ورثي ، بصراحة لم أرغب في إعطائها له لكن جدي طلب شرائها مني لذلك لم أملك الاعتراض.
مطت جمان شفتيها وقالت:
-واضح أنك لاتغارين منه، المفروض ان تعطيها له هدية أليست هذه ابنة أخيك ؟
حركت أشماس مقلتيها للسقف و ردت:
-أعطيها لسنان عن طيب خاطر أما رؤوف لا هو فعلا بغيض.
حاولت سنان رميها بأي شيء لكنها كانت مكبلة بالحنة التي وضعتها لها مبروكة لترمي أفطيم لعبة اسفنجية خاصة بيزيد عليها و تقول:
-عنك سنان تتحدث عن أخي وتطن لن يوقفها أحد .
تفادت اللعبه ونظرت لها بطرف عين قائلة :
-لم تصبني ابحثي عن من يضع الحنة لك.
نفضت يديها و أخذت اللصقة الخاصة بها قائلة :
-تصبحون على خير لا يوقظني أحد أيوب سيفعل.
لتقول جمان:
-تعالي هنا لم تنهي باقي الحنة أريد واحدة على كتفي.
رفعت حاجبها وردت:
-دعي حارث يضعها ذلك السخيف لا أصدق بأني نسيت قصة توتي.
وضعت يدها على وجهها في حسرة حقيقية لتقول أفطيم:
-لدي سؤال وأريد إجابة صادقة :
أزاحت يدها لتكمل الأولى :
-من تحبين أكثر توتي أم أيوب؟
حكت رقبتها وبدا عليها التفكير لتقول:
-هذا حب وهذا حب آخر لايمكن المقارنة بينهما.
بدا عليها التفاجؤ لتقول جمان:
-يعني لو خيروك من تختارين.
قلبت عينها وردت:
-سؤال غبي طبعا توتي.
تعالت الشهقات لتكمل وهي تلعب حواجبها لهن:
لايسوى شيئا أمام أيوب.
ثم اخرجت طرف لسانها لتقول مبروكة بحنق:
-سخيفة تقولها أمامي بدون حياء على أيامي كنت أخجل من العودة للمنزل مع عمك سعد.
انطلقت الضحكات لتلوح الأولى وتخرج تبحث عن أيوب فوجدته في المطبخ مع حارث و سفيان يقوم بمحاولة تشكيل العجينة اقتربت تتأكد من الأشكال التي صنعوها لتجد أن كعك حارث كان الأكبر بدون أي نقوش أما سفيان فحاول جعله متوسط الحجم وتزيينه قليلا أما أيوب فكان يصنع أشكال غريبة حاولت استنباط ماهي لتيأس بعد قليل فقالت:
-ماهذا الذي تفعلونه؟
بفخر رد حارث:
-انظري لكعكاتي كم هي جميلة أفضل من الباقين .
ليتدخل سفيان ويقرب صينية :
-قصدك عجلاتك وليس كعكاتك هذا يكون حجم الكعك الطبيعي.
أما أيوب فقال بتعالٍ :
-ابتعدوا أنتم فشلة هذا هو الفن وليس ماتفعلونه
ضغطت على شفتيها محاولة التحكم في ضحكتها ثم زفرت وقالت:
-هذه ليست عجينة الكعك أصلا
نظروا لها بشك لتكمل:
-هذه عجينة المقروض ألم تلاحظوا اختلاف الملمس؟
حك حارث أذنه وقال:
-بالطبع عرفنا وقررنا عمل شيء مبتكر.
لم تستطع كتم ضحكتها أكثر خصوصا و أن كذبته كانت مفضوحة جدا لتقول:
-عجينة المقروض بالسميد لاينفع أبدا أن تكون كعك عموما تشكروا على المجهود، أراكم غدا.
أشارت لأيوب الذي غسل يديه وقال وهو يخرج معها :
-قلت لهم أن هناك غلط في العجينة ليصمم حارث على أن طريقتكم مختلفة .
تأبطت ذراعه ومشت معه دون مجادلة يكفي منظره المحرج أمامها .
نظف سفيان وحارث المطبخ فقال الأول :
-هيا لنتسحر في مطعم أفضل الكل يضع حنة بالداخل.
أومأ له ليأخذوا معهم علي و عبدالخالق وبدلا من أن يأكلوا في الخارج قرروا إحضار سحور للجميع بمن فيهم أيوب و أشماس
في الحديقة جلس حارث و عبدالخالق و علي ينتظرون مبروكة كي يأكلوا معا ليقول علي:
-حارث كيف استطعت تقبل أيوب؟
عقد حارث حاجبيه ورد:
-ماذا تعني كيف أتقبله أيوب أخي هذا أمر مفروغ منه.
لوح بيده وقال:
-لا هذا ليس ما أقصده أعني زواجه من أشماس؟
إلى الآن لا أتقبل زواج سفيان و أفطيم.
تقبض وتابع محاولا شرح شعوره:
-لا تفهموني خطأ بالطبع لاتوجد مقارنة بين سفيان وذلك الوغد لكني لازلت أشعر بشيء غير مريح عندما يذهبان معا لمنزلهم أن يغلق عليهم غرفة واحدة مثل الآن وهذه الأمور .
هز حارث رأسه بأسى و أجابه :
-الكارثة الكبري عندما تحمل منه، صدقني وقتها ترغب في اقتلاع رقبته من جسده لكنك تتراجع من أجل سعادتها.
نظر له عبدالخالق بطرف عينه وقال بسخرية:
-من أجل سعادتها؟
كأنك لاتريد أيوب بقربك وسعدت بزواجه منها.
وضعت مبروكة صينية أمامه وقالت:
-مثلما أنت سعيد بقرب سفيان منك
ثم التفتت لعلي وقالت بحدة غير مبررة :
-وأنت ستكون سعيد عندما يتزوج رؤوف سنان.
ليجبيها حارث:
-أنا من سيسعد مفروض في حالة وجدناه حي.
نظرت له من تحت جفونها وقالت:
-حي بإذن الله؛ علي وسنان أخوة أيضا لذلك سيسعد لها أليس كذلك علي؟
هز رأسه وهو يلوك الطعام في فمه دون اهتمام لتشعر ببعض الراحة .
مدت كوب العصير لحارث الذي كان ينظر للباب الفاصل بين الفلتين وقالت:
-لقد وضعت لهن سحور لا تشغل بالك.
ارتاحت ملامحه وبدأ في الأكل وهي تبتسم في سعادة هذه الجلسة رغم نقصها للكثير من أحبتها .



في منزل أيوب

 سيل جارف  الجزء الاول من سلسلة الحب والحربUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum